ليبيا

ل يبيا: مؤثرات حرب أوكرانيا واصطفافات حفتر السابقة والحالية ومستقبل العملية السياسية؟

علي اللافيكاتب محلل سياسي مختص في الشؤونالمغاربية والافريقية    

        الحل في ليبيا لم يعد مبرمجا فقط للتنفيذ والتنزيلرغم كل التباينات الظاهرة في بعض تفاصيل وحيثياتفي غرب البلاد وشرقها وجنوبها بل وأصبح الحديثيتمحور حول مستقبل الشخصيات الجدلية ومن هي التيستغادر وتتموقع خارج المشهد المقبل ومن ستكون فيقلبه وهناك حديث عن تداعيات كثيرة لما جرى ويجري فيأوكرانيا على ترتيب المشهد الليبي وأشخاصه الرئيسيينوخاصة في ظل تجريم واشنطن لقوات فاغنر والتي اوتيبها ليبيا سنة 2019 فاعلين عسكريين لليبيا وخاصةالجنرال المتقاعد خليفة حفتر حيث اسندته في هجومهوكانت تحدد لقواته أهدافها قبل ان تنسحب للشرقوالجنوب وعبر ترتيب معه ويذكر الجميع انه أو من صعدسنة 2016 على الفرقاطة الروسية، فأي مؤثرات للحربفي أوكرانيا على المشهد السياسي الحالي وعلى مستقبلالعملية السياسية والمسارات الأربع لها؟        

** التطورات السياسية إقليميا ودوليا وتقلص مربعات الخيارات أمام حفتر

   
1-أولا، مع تواصل الحرب الروسية الأوكرانية ووسطتزايد خشية واشنطن وعواصم أوروبية من النفوذالروسي، عادت إلى واجهة اهتمام الإدارة الأمريكيةقضية قوات شركة فاغنر في ليبيا بل وتم تصنيفها بلوتم المرور الى احراج الدول الافريقية التي قد تسهل اوتتعامل معها، وفي ليبيا تحدديا حضر الموضوع بقوةخاصة وان فاغنر قد شاركت في معارك عدة لصالحاللواء المتقاعد خليفة حفتر سنتي 2019 و 2020  ومعلوم أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركيةCIA  وليام بيرنز قد التقى في 12 جانفي/يناير الماضي، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميدالدبيبة، وتوجه بعدها للقاء حفتر نفسه في بنغازي، ورغم ان اللقاءات كانت خاطفة وقصيرة الا أن رسائلهاكانت صارمة وعديدة كما أنها شكليا كانت مقيدة بحيثيقال ان اامني والدلوماسي الامريكي قد رفض حضورنجل حفتر صدام على خليفة توصله مع موسكو، وبعدأيام من زيارة بيرنز، أجرى نائب قائد القوات الجويةالأميركية في أفريقياأفريكوم“، الجنرال جون ديلامونتاني، زيارة إلى بنغازي، التقى خلالها حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ووفقاً للسفارةالأميركية في ليبيا، فقد ناقش لامونتاني وحفترالتنسيق الأمني، بما في ذلك الطيران، وأهمية توحيدالجيش الليبي تحت قيادة مدنية منتخبة ديمقراطياً”.

2- ثانيا، يظهر ان تلك اللقاءات والرسائل الامريكيةالمبلغة اثناءها وبعدها وإزاء ضيق خيارات حفتر أمامالسعي الأميركي لتطويق الوجود الروسي في ليبيا، تبدو خيارات الجنرال المتقاعد وحلفائه الإقليميينضعيفة كما أن هامش المناور اصبح ضيقا امامه فيمثل هكذا مواضيع ومع واشنطن تحديدا (توجه أميركيضاغط في هذا الملف تحديدا) كما أن فقدان حفترشريكاً مهماً كروسيا سيؤثر على موقعه وقوة أوراقه، خصوصاً ورقة السلاح والسيطرة العسكرية التييفرضها على أجزاء واسعة في البلاد هي أولا وأخيرابمساندة روسية ثم يأتي بقية السند الإقليمي وهو مايعني ان استنتاجاتنا السابقة والتي مفادها نهايةحفتر الشخص وبقاء حفتر المشروع صحيحة ب انحتى المشروع ستكون هوامشه صغيرة نتاج التطوراتوالمتغيرات التي هبت ضده منذ ما حدث في افغانستانسنة 2021 وبناء على تقارب دول المحورين الاقليميينالمتنافسين، وطبعا احظ الجميع خلال الفترة الماضيةالقلق المحيط بحفتر والمجسد بـالصمت المطبق الذييسيطر عليه، خصوصاً أن واشنطن أرسلت رسالةواضحة بأنها لا تعترف به، عندما سمحت للدبيبة بنشرخبر لقائه ببيرنز، لكنها لم تسمح لحفتر بذلك“.

** الهدف الأمريكي: تقليم أذرع روسيا وإنهاك حلفائها المحليين

1- أولا، لا يختلف اثنان أن الزيارات واللقاءات الأميركيةفي ليبيا تهدف إلىإنهاء العلاقة القائمة بين تحالفحفتر/عقيلة صالح من جهة وروسيا وتمثلاتها العسكريةوالسياسية من جهة أخرى“، في مسعى أميركي واضحلـتقليم أذرع روسيا في كل القارة السمراء ولعلالضعف الذي قوبل به وزير الخارجية الروسي في اكثرمن محطة في جولته الافريقية يؤكد ذلك ويؤشر على ماهو مطلب أمريكيا، كما أن أن المساعي الأميركية تتجهلتكوينقوة عسكرية مشتركة بين الفرقاء الليبيينلحماية المنشآت النفطية الليبية“، والتي تشكل شرياناً رئيسياً لحلفاء أميركا في أوروبا وعمليا تم خلا اللقاءاتمواجهة حفتر بما لدى الأميركيين من معلومات واضحةعن القوات الروسية والدعم اللوجستي الذي يقدمه حفترلهم، ومن ضمنه استخدام المهابط والمطارات للوصولإلى وسط وجنوبي البلاد، ولا ريب في أن  التوجهالأميركي لمحاصرة النفوذ الروسي في ليبيا كانمتزامناً مع خطوات أخرى، ففي منتصف جانفي/ينايرالماضي أعلنت واشنطن عن تصنيف المجموعةمنظمةإجرامية دولية عابرة للحدود“، وقررت تجميد أية أصوللها في الولايات المتحدة، ومنع الأميركيين من تقديم أيأموال أو بضائع أو خدمات لها.
2- ثانيا، يعلم الجميع أنه في نهاية جانفي/يناير الماضيشددت واشنطن من عقوباتها التي نالت كيانات أخرىاتهمتها بدعم عملياتفاغنر“، وحملت الأخيرةمسؤولية ارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان فيأكثر من بقعة بالعالم، شملتالإعدام الجماعيوالاغتصاب وخطف الأطفال والاعتداء الجسدي“، وفيمايؤكد النية الأميركية لاستغلال الانشغال الروسيبالحرب في أوكرانيا لتقليص نفوذ روسيا الأفريقي، نقلت صحيفةوول ستريت جورنالالأميركية، الأسبوع الماضي عن مسؤولين أمنيين أوروبيين وليبيين، أن بيرنز ضغط على حفتر لطردفاغنر“، وسط تناميمخاوف من استفادة المجموعة الروسية من النفطالليبي، مشيرة إلى أن بيرنزحذر، حفتر خلال لقائهمامن استضافتهم“، وقد قال المسؤولون للصحيفة إنالولايات المتحدة أصبحت قلقة من أنفاغنرقدتستفيد من تدفق إيرادات جديدة، إما من خلال دفعهامن عائدات النفط الليبي، أو عن طريق شبكات تهريبالوقود المنتشرة في البلاد، مؤكدة أن حفتر لم يرد علىطلب للتعليق.

3-ثالثا، واضح أن واشنطن مصرة على أربع نقاط مهمةوبناء عليها تأتي بقية الخيارات سواء كانت تكتيكيةمرحلية واستراتيجية وتحديد الموقف من جميع الأطرافالمحلية في ليبيا    

نقطة أولى: انها لن تتخلى في كل احالاتعلى نقاطها الحمراء الثلاث وهي عدم المسمن انسياب النفطالتصدي لامتدادالتنظيمات الإرهابيةعدم السماح بتوسعالوجود العسكري الروسي
نقطة ثانية: ان ليبيا هي ضمن قائمة دولالاستقرار العشر المحددة سنة 2020 فيمايعرف بخطة الاستقرار (وهي خطة تشملهايتي وبنين وغينيا الجديدة)
نقطة ثالثة: انه لا مجال لتقسيم ليبيا وأنجيشها يجب أن يكون مُوحدا وأن كلالمؤسسات يجب ان تكون خاضعة لسلطةمنتخبة وفقا لخارطة طريق توافقية وجامعةتؤدي لمسار انتخابي خلال الشطر الثانيمن السنة الحالية
نقطة رابعة: أنه لن يسمح مستقبلاللشخصيات الجدلية وحلفائها في الإقليمباللعب على أي هوامش تذكر بل وقد يتمإخراجها من المشهد وفق لما تم في مصراثناء انتخابات 2012 الرئاسية…    

** تركيز أممي على المقاربة الأمنية في ليبيا، وفاغنر أحدمربعاتها

1- أولا، تزامنت المساعي الأميركية مع نشاط أمميمتزايد في ملف المرتزقة في ليبيا، فقد كرر المبعوثالأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، في الآونة الأخيرة، مطالبته دول جوار ليبيا بزيادة دعمها للبعثة، ولجنة 5 + 5، من أجل تنفيذ خطة العمل المتعلقة بانسحابالمقاتلين والمرتزقة الأجانب، ومنذ تسلمه مهامه فيأكتوبر الماضي، ركز باتيلي على المقاربة الأمنية لحلالأزمة في ليبيا، ففي نهاية الشهر ذاته أعلن عن موافقةاللجنة العسكرية على إنشاء لجنة لرسم خرائط أماكنالجماعات المسلحة، بما فيهافاغنر“، ورغم أن البعضسرى أن لجنة 5 + 5 “لا يعول عليها في ملفالمرتزقة“، فهي وفق تصورهلم تنجح في أي من البنودالموكلة لها، ومنها تسليم خرائط الألغام المزروعة جنوبطرابلس وفي سرت وفي الطريق الرابط بين سرتوالجفرةوهنا لا يمكن تغييب أن البيان الإعلاميلأعضاء اللجنة الممثلين لحفتر، في إبريل/نيسانالماضي قد تضمن تهديدا بإيقاف إنتاج وتصدير النفطوالغاز، ومنع الرحلات بين الشرق والغرب، وكل ذلك يؤكدالمراوغات التي يمارسها معسكر حفتر وهو امر تعيهواشنطن والبعثة وتعرف انه ستكون له تداعيات سلبيةعلى عمل اللجنة، وعلى استقرار الأوضاع في ليبيا، ومعلوم أن أعضاء اللجنة العسكرية عن معسكر الرجمةلم يقدموا أي تعاون أو معلومات وافية بشأن مجموعاتفاغنر التي بات وجودها جنوب المتوسط وفي ليبياتحديداً يمثل تهديداً لقواعد الناتو ولمصالح أميركاوحلفائها الأوروبيين في إمدادات النفط الغاز“. 
2- ثانيا، يعد وجودفاغنرفي ليبيا غامضاً، فرغم تأكيدتقارير أممية وأخرى من الجانب الأميركي حولوجودهم في ليبيا، فإن أياً من الأطراف المتنازعة فيالبلاد لم تقر بوجودها بشكل معلن حتى الآن، باستثناءاعترافات ضمنية أدلى بها المتحدث الرسمي باسمقيادة مليشيات حفتر، أحمد المسماري، في مناسباتسابقة، أكد خلالها أن الروس في المنطقة الشرقيةهممجموعة من المستشارين التابعين للمؤسسة العسكريةالروسية وليسوا مرتزقة“، ومن الجانب الروسي، أقروزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في جوان/يونيو الماضي بوجود مجموعةفاغنرفي ليبيا، كاشفاً أن وجودها في ليبيا جاء بدعوة من مجلس النواب، وقدبدأ الحديث عن وجودفاغنرفي ليبيا خلال عدوانحفتر على العاصمة طرابلس خلال عامي 2019 و2020، كما جاءت تصريحات لمسؤولي حكومة الوفاقالوطني السابقة، بعضها على لسان وزير داخليتها، فتحي باشاغا (رئيس الحكومة المكلفة من مجلسالنواب حالياً)، في سبتمبر/أيلول 2019، أكد خلالهامشاركةفاغنرفي الحرب على طرابلس ضمنصفوف مليشيات حفتر، ومعلوم أن الحكومة آنذاكاستعرضت جثة أحد عناصرفاغنربعد مقتله فيإحدى المواجهات مع مليشيات حفتر، جنوب طرابلس، إضافة لتقارير أخرى أكدت مشاركتهم في زراعة ألغاممتطورة في محيط طرابلس الجنوبي.

وعقب انهزام عدوان حفتر وانسحاب مليشياته شرقاً، توزع عناصرفاغنربين سرت والجفرة والهلالالنفطي، بل وأبعد من ذلك جنوباً، بالقرب من منابعالنفط، واستمر هذا الانتشار على الرغم من توقيعاتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول2020، وتشكيل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، التيكان من بين مهامها إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانبوالقوات الأجنبية من ليبيا، لكن الأخيرة لم تتمكن منحسم هذا الملف حتى الآن، ووفق تقديرات أميركيةوأممية سابقة، فإن في ليبيا قرابة 2000 مقاتل روسيمنفاغنر“، إلا أنوول ستريت جورنال“، أكدتمؤخراً أنه لم يبق منهم سوى 300 مقاتل في الشرقالليبي، وفي محيط المنشآت النفطية وقاعدة الخادمالجوية القريبة من معقل حفتر العسكري في الرجمة.

3- ثالثا، المعطيات أعلاه كلها تبين ان الإشكالاتمترابطة أي انه لابد من خارطة طريق توافقية وجامعةوان السند الدولي ضروري واوله سند واشنطن وانواشنطن لن تسمح بوجود روسي ميداني في ليبيامما قد يهدد وحدة ليبيا (وهو أمر لا تقبله واشنطنفي المرحلة الحالية ولن تسمح به لأنها يهددمصالحها الاستراتيجية) وهو ما يعني انها ستعمدللدفع بإخراج الأطراف الجدلية وسترتبط كلالتفاصيل الترتيبية بذلك بل وسيرتبط ترتيب ملفاتبقية قضايا الإقليم بناء على ترتيب الحد الأدنى فيالملف الليبي ومن ثم فسيكون هناك حرص علىاطراف شرعية ليبية وعبر انتخابات لا تشارك فيهاشخصيات جدلية….          

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق