الجزائررأي

السؤال المحير: هل تريد الجزائر حضور الملك المغربي أم أن لها هاجسا من حضوره؟

أمين مراد – كاتب صحفي

قامت فكرة تأجيل القمة العربية من مارس الماضي الى 1 نوفمبر الحالي على عوامل ثلاث وهي ربطها بذكرى الأول من نوفمبر 1954 وثانيا عبر توفير شروط نجاحها عبر حضور القادة العرب وعبر تمثيل رفيع المستوى وثالثا عبر توفير ممهدات نجاح على غرار عقد المصالحة الفلسطينية في الجزائر وتخفيض التوتر وبدرجة أولى مع المغرب، ولكن الاحداث والوقائع الأخيرة طرح قراءتين مختلفتين في التعاطي مع حضور الملك المغربي وهو ما طرح الاستفهام التالي: هل يريد الفاعلون في صر المرادية حضور الملك المغربي أم أنهم سينزعجون من حضوره، أم أن هناك حسابات تكتيكية جزائرية خفية تجعل الموضوع غير واضح لكل المتابعين؟

  • قراءتين مختلفتين حول رؤية الجزائريين لحضور الملك المغربي للقمة من عدمه

احتار المتابعون لتطورات الاشغال التمهيدية للقمة العربية والتي ستنظم بداية من بعد غد الثلاثاء 01 نوفمبر وهناك تضارب في المواقف والمعطيات حول هل يريد الجزائريون الرسميون حضور الملك للقمة أم أنهم يتوجسون من حضوره

القراءة الأولى: وتنطلق من أن الجزائريون ورغم رؤيتهم للكثير من الدول العربية على غرار الامارات ومصر والمغرب وخاصة في ظل التنافس مع البلدين الأول والثاني بناء على التنافس في ادارة على ملفات بعينها ورغبة كل من البلدان الثلاث في الاستئثار بها ولكن المشكل أكثر تعقيدا مع المملكة المغربية بناء على توتر العلاقات خلال السنوات الماضية وانقطاعها منذ 1994 وطبعا بناء على اختلاف المقاربات والرؤية لملف البوليزاريو وتفاصيله وحيثياته المختلفة، وتعتمد هذه القراءة على رغبة الجزائريين في ان يكون الحضور للقمة في اعلى مستوياته وهو ما يفسر اشتغال الرسميين الجزائريين على دعوة كل الزعماء العرب وارسال مبعوثين خاصين من المتمرسين دبلوماسيا واداريا وهو ما تم مع الملك المغربي ومعلوم أنه دارت في أوساط الدبلوماسية الجزئارية منذ ثلاث اشهر على محاولة ارجاء مصالحة ولو تكتيكية مع المملكة الجارة تفضي في الأخير من حيث أهدافها المرحلية والتكتيكية لحضور الملك المغربي، وفي هذه الحالة ليس هناك تفسير لما جرى السبت مع الوفد المغربي وخطأ القناة الجزائرية الا بان هناك اختلاف في المقاربات في مربعات الحكم الجزائري ,ان هناك أطراف محلية تسعى للتشويش…

القراءة الثانية: وهو ما ذهبت اليه أوساط دبلوماسية عربية بالقول ان المضايقات التي مارستها السلطات الجزائرية على الوفد المغربي برئاسة وزير الخارجية ناصر بوريطة، أثناء حضوره اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة العربية، بخشية الجزائر من حضور العاهل المغربي الملك محمد السادس للقمة، وقد قالت نفس المصادر إن هاجس حضور العاهل المغربي للقمة جعل المسؤولين الجزائريين يخرجون عن كل ما له علاقة بالأصول والأعراف الدبلوماسية في تعاطيهم مع الوفد الوزاري المغربي ووفق لمصادر عربية فان الوفد الوزاري المغربي الموجود حاليا في الجزائر في إطار التحضير للقمة العربية يتعرض إلى مضايقات شديدة من السلطات الجزائرية وهو ما ألمح إليه وزير الخارجية ناصر بوريطة في تصريحات إعلامية حيث قال إن “التلاعببالقواعد وعدم احترام الأعراف والبروتوكولات يؤديان إلى الفشل”، أي فشل القمة العربية، وهو الذي أضاف في تصريحات للصحافة بالجزائر أنه “يمكن للقمة أن تنجح إذا تجاوزنا الخلافات الجانبية، وتجاوزنا الاستفزازات التي لا حاجة إليه//ا، وإذا تعامل البلد المضيف وفق القواعد التي تحكم القمم، سواء من الناحية البروتوكولية أو الأعراف”

نقاط أخرى توضح طبيعة أحداث السبت وتبقي التساؤل قائم حول رغبة السلطات الجزائريين في حضور الملك من عدمه

كثيرة هي النقاط التي ترجح كفة أي من القراءتين السابقتين، ونذكر من بينها الوقائع والتطورات التالية:

نقلت تقارير إعلامية مغربية عن مصادر دبلوماسية أن بوريطة طالب في الجلسة المغلقة لاجتماع وزراء الخارجية العرب بإدراج نقطة تسليح إيران لجبهة بوليساريو الانفصالية بالمسيّرات واستهدافها للأراضي العربية سواء في الخليج أو المغرب ضمن جدول أعمال الاجتماع، بيد أن وزير خارجية الجزائر رمضان لعمامرة رفض ذلك، ونقل عن مصدر دبلوماسي أن “بوريطة” علّق على العمامرة قائلا “ليس من حقك الرفض هناك تصويت وإجماع”. بيد أن لعمامرة تجاهل ما قاله الوزير المغربي ‏لكن بوريطة أعاد طرح نفس الطلب ودعّمه معظم من كان في قاعة الاجتماع، وفق ذات المصدر.

مصادر دبلوماسية مغربية أوضحت أن الوفد المغربي، مثله مثل بقية الوفود العربية، عانى من استفزازات أحد الموظفين الجزائريين الذي اتسم سلوكه بالعنف والهجومية، وغياب الحياد وفرض وجهة نظره وفشله في البحث عن التوافق، كما ان نفس المصدر قد نفى في تصريح لوكالة الأنباء المغربية الرسمية، إنه لا أساس من الصحة للتقارير الإعلامية التي أوردت أن وزير الخارجية المغربي غادر مكان اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة العربية في الجزائر إثر خلاف مع نظيره الجزائري، ومعلوم أن “الوفد المغربي بقي داخل القاعة واحتج على عدم احترام خريطة المغرب كما هو متعارف عليها من قبل قناة جزائرية، مما اضطر الجامعة العربية الى إصدار بيان توضيحي ورئاسة الجلسة إلى تقديم اعتذار”.

نفي جامعة الدول العربية أن يكون لها أيّ “شركاء إعلاميين” في تغطية أعمال القمة العربية الـ31 بالجزائر، مؤكدة عدم وجود صلةٍ لها بأيّ مؤسسة إعلامية تدّعي هذه الصفة، وأوضحت الجامعة، في بيان، أن هذا “النفي يأتي على خلفية نشر قناة الجزائر الدولية “AL24 News” (حكومية) خريطة للعالم العربي على موقعها الإلكتروني تُخالف الخريطة التي درجت الجامعة على اعتمادها، مما أثار تحفظ الوفد المغربي، وتابعت أنها “لا تعتمد خريطة رسمية مبينا عليها الحدود السياسية للدول العربية بما فيها المملكة المغربية، بل تتبنى خريطة للوطن العربي دون إظهار للحدود بين الدول تعزيزا لمفهوم الوحدة العربية”. وأهابت الجامعة العربية بوسائل الإعلام “توخّي الحرص الشديد في نسبة المعلومات المنشورة على مواقعها للجامعة العربية أو مؤسساتها”.

قالت القناة الجزائرية، في بيان مقتضب الأحد، إنها “تعتذر عن استخدام خريطة للوطن العربي غير تلك المعتمدة لدى الجامعة العربية”. وأكدت أن ذلك “لا يعدو إلا أن يكون خطأ فنيا من قسم الغرافيكس”.

والحقيقة أن الجزائريين والذين عادت دبلوماسيتهم للفاعلية والنجاعة بعد أن كانت مشلولة بين 2014 و2020 هم اليوم في ورطة فإما ان يخضعوا لشروط عدة ومن دول عربية مختلفة حت تنجح القمة أو يتمسكوا بملفات بعينها ووفقا لرؤيتهم الخاصة ومن ثم لا تنجح القمة من حيث المخرجات وذلك يتناقض مع رؤية قديمة لهم وهي إنجاح القمة مقدم على كل شيء في محاولة للبحث عن قمة مشبهة لقمم 11973 و1988 و2005 وهي قمم تعتر ناجحة ولكن الخصوصيات الحالية للوضع العربي والعلاقات العربية/العربية ليست هي نفسها بل ان القمة قد يغيب عنها حوالي 07 زعماء عرب، وفي ظل هذه الاضواع يكون السؤال لماذا تلك التصرفات مع الفود المغربي ( طريقة الاستقبال في المطار – طريقة التعاطي المباشر معه اثناء الجلسة على غرار إجابة لعمامرة مع مطلب “بورويطة” بشأن ايران في علاقة بملف البوليزاريو…)

وهو ما يبقى في الأخير التساؤل مطروحا هل تريد الجزائر حضور الملك للقمة أو أنها متوجسة من حضوره؟ والاجابة لن تعرف الا خلال الساعات القادمة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق