
أصدرت محكمة استئناف الدار البيضاء مساء الثلاثاء أحكاما بالسجن 20 عاما على زعيم “حراك الريف” ناصر الزفزافي وثلاثة آخرين، بينما قضت بالسجن لفترات تتراوح بين عامين و15 عاما على 49 متهما آخرين. وأدانت المحكمة المتهين “بالمشاركة بمؤامرة تمس بأمن الدولة”. وتعود أحداث تلك القضية إلى الاحتجاجات التي هزت مدينة الحسيمة ونواحيها على مدى أشهر ما بين خريف 2016 وصيف 2017، بعد مقتل بائع سمك سحقا في شاحنة نفايات.
قضت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء الثلاثاء بسجن زعيم “حراك الريف” ناصر الزفزافي وثلاثة آخرين لمدة عشرين عاما، بعدما أدانتهم بتهمة “المشاركة بمؤامرة تمس بأمن الدولة”، فيما حكمت على 49 آخرين بالسجن فترات تتراوح بين عامين و 15 عاما، وبالغرامة على متهم واحد.
وأصدر القاضي هذه الأحكام في غياب المتهمين الذي يحاكمون منذ منتصف أيلول/سبتمبر 2017 والذين قرروا منذ منتصف حزيران/يونيو الجاري مقاطعة ما تبقى من جلسات محاكمتهم.
وحكمت المحكمة على كل من ناصر الزفزافي (39 عاما) الذي يوصف بزعيم الحراك، ونبيل أحمجيق الرجل الثاني في الحراك، وسمير إغيد ووسيم البوستاتي بالسجن مع النفاذ لمدة 20 سنة بعدما دانتهم باتهامات تتعلق بالتآمر للمس بأمن الدولة.
ودانت المحكمة بتهم تتعلق أيضا بالتآمر للمس بأمن الدولة كلا من محمد حاكي ومحمد بوهنوش وزكريا أدهشور الذين حكمت عليهم بالحبس لمدة 15 عاما، في حين حكمت على مجموعة ثالثة من سبعة أفراد بالسجن لمدة 10 أعوام بعدما دانتهم بتهم مماثلة.
وأدين بقية المتهمين بجنح أقل خطورة مثل المشاركة في تظاهرة غير مرخصة او إهانة القوات العمومية أو انتحال صفة، وتراوحت الأحكام الصادرة في حقهم ما بين 5 سنوات سجنا وغرامة 5000 درهم (حوالي 450 يورو) بالنسبة لـ 10 أشخاص، و3 سنوات سجنا مع غرامة 2000 درهم (حوالي 180 يورو) بالنسبة لـ8 أشخاص، وسنتين سجنا مع غرامة 1000 درهم (حوالي 90 يورو) بالنسبة لـ21 شخصا، بينما اقتصرت عقوبة متهم وحيد على غرامة 5000 درهم.
وما إن بدأ القاضي بنطق أحكام الإدانة حتى تعالت صرخات بعض أقارب المتهمين الذين حضروا الجلسة وانهار بعضهم لدى سماعه العقوبات الصادرة، في أجواء غلب عليها التوتر والانفعال.
الدفاع يطلب استئناف الأحكام
وقالت المحامية سعاد براهمة عن هيئة الدفاع إن “هذه الأحكام قاسية جدا. كانت الدولة في امتحان لاحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير واستقلال القضاء لكنها مع الأسف فشلت”.
وأوضحت أن هيئة الدفاع سوف تطلب استئناف الأحكام بعد التشاور مع موكليها.
بالمقابل وصف المحامي محمد كروط عن المطالبين بالطرف المدني هذه الأحكام بـ”المخففة مقارنة مع التهم الموجهة للملاحقين والعقوبات التي ينص عليها القانون”، علما بأن بعض تلك العقوبات تصل إلى الإعدام في القانون الجنائي المغربي.
وأنكر قادة الحراك وعلى رأسهم الزفزافي كل هذه الاتهامات الموجهة إليهم أثناء مثولهم أمام القاضي على مدى أشهر، مؤكدين أن “الحراك” كان سلميا وأنهم خرجوا للتظاهر احتجاجا على الفساد وللمطالبة بإنماء المنطقة.
وطعن الزفزافي وجل المتهمين في أدلة الإدانة التي اعتمدت ضدهم، شاكيا “تزوير” الأقوال التي أدلى بها للشرطة.
كما أنكر الملاحقون كل الاتهامات المتعلقة بتلقي أموال من أفراد ينشطون في الخارج من أجل انفصال الريف، مؤكدين أن حمل أعلام تحيل على هوية هذه المنطقة المتمردة تاريخيا لا يعدو التأكيد على خصوصياتها الثقافية.
لكن النيابة العامة أكدت في مرافعاتها الأسبوع الماضي على كل هذه التهم.
وكان دفاع الطرف المدني الذي يمثل الدولة في هذه المحاكمة، أكد في وقت سابق إصابة أكثر من 600 رجل أمن وتسجيل خسائر مادية أثناء الاحتجاجات التي هزت مدينة الحسيمة ونواحيها طوال أشهر منذ حادث وفاة بائع السمك في خريف 2016.
جمعيات تقدر أعداد المعتقلين على خلفية “حراك الريف” بنحو 450 شخصا
وتقدر جمعيات إعداد المعتقلين على خلفية “حراك الريف” بنحو 450 شخصا، وقد طالبت هيئات حقوقية وسياسية عديدة بالإفراج عنهم، معتبرة مطالبهم مشروعة.
وهزت احتجاجات ما يعرف بـ”حراك الريف” مدينة الحسيمة ونواحيها (شمال) على مدى أشهر ما بين خريف 2016 وصيف 2017، وقد خرجت أولى تلك التظاهرات في الحسيمة احتجاجا على حادث أودى بحياة بائع السمك محسن فكري.
وأعلنت الحكومة المغربية إطلاق مشاريع إنمائية والتسريع بإنجاز أخرى تجاوبا مع مطالب “الحراك”، كما تم إعفاء وزراء ومسؤولين كبار اعتبروا مقصرين في تنفيذ تلك المشاريع.
فرانس24/ أ ف ب