
بلغت نسبة المشاركة في أولى انتخابات بلدية تونسية، بعد ثورة 14 جانفي، يوم الأحد 06 ماي 2018، 33,7%، بحسب ما أعلنته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
كثر الحديث عن تدني نسبة التصويت في أول انتخابات محلية ديمقراطية في تاريخ تونس، وسعت أطراف سياسية وإعلامية إلى اختزال المشهد برمته في مقولة عزوف الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم.
لكن المتفحص في نسب المشاركة في انتخابات مثيلة في تجارب ديمقراطية عريقة، يلاحظ أن النسب لا تختلف كثيراعن الانتخابات المحلية التونسية، بل يخلص إلى نتيجة أن نسبة إقبال الناخبين التونسيين تعد محترمة بالمقاييس العالمية.
بريطانيا:
بلغت نسبة التصويت الوطنية 35٪، في الانتخابات المحلية البريطانية، التي جرت الخميس 3 مايو 2018، بمختلف المحليات والمدن البريطاني.
وانخفضت إلى 31% في بعض الجهات، وتدنت إلى 26% في أخرى.
الإقبال على التصويت لم يكن مفاجئا للمراقبين البريطانيين، فهذه تقريبا هي الصورة النمطية في الانتخابات المحلية البريطانية، أين تنخفض نسب المشاركة إلى النصف تقريبا، مقارنة مع نسب المشاركة في البرلمانيات التي كثيرا ما تتجاوز حاجز ال60%. ففي الانتخابات البرلمانية البريطانية الأخيرة أدلى ما لا يقل عن 69% من الناخبين البريطانيين المسجلين بأصواتهم.
أمريكا :
وقد أشارت دراسة حول الناخب الأمريكي المحلي: الانتخابات البلدية، إلى أن نسبة المشاركة في المدن الأمريكية عادة ما تكون شديدة التدني في الإنتخابات المحلية.
وأشار باحثو جامعة ويسكونسن في بيانات عن الانتخابات مع 144 مدينة أمريكية كبرى، إلى انخفاض في نسبة إقبال الناخبين في الانتخابات المحلية على مدى العقد الماضي.
وبينما بلغت نسبة الاقتراع 26.6 % في 2001، تراجعت إلى أقل من 21 في المائة في 2011 , وبلغت 14% في 2016.
لا يبدو أن الصورة في الإنتخابات التونسية تختلف عن وتيرة المشاركة في بريطانيا، أعرق ديمقراطيات العالم، وهي أفضل بكثير من المشهد السائد في الإنتخابات المحلية في كبرى الديقراطيات بأمريكا.
ومه ذلك لم نسمع أحدا يشكك في شرعية العملية الإنتخابية ولا في نتائجها، ولا من يسعى جاهدا للحط من شأن الفائزين فيها والتقليل من منجزهم، بل حتى التهجم عليهم.
ربما لحداثة الثقافة الديمقراطية في بلد لا يزال يقطع خطواته الأولى في مسار التغيير السياسي علاقة بكل هذا اللغط المثار حول نسب المشاركة ومزاعم كارثيتها؟
أم أن الأمر يتعلق بمصالح المشككين وداعميهم في الخارج، وبأوزان اللاعبين المختلفين في الميزان الإنتخابي؟