
هيلينا مالينو ناشطة مقيمة بالمغرب منذ أكثر من 15 سنة، تتمحور التقارير والمبادرات التي تقودها حول الهجرة. أطلقت مالينو وسم (Boza#)، الذي يتابع عن طريقه المراقبون الحدوديون والناشطون حالات الهجرة على الأرض في وقتها الفعلي، مما ساهم في إنقاذ حياة الكثير من المهاجرين.
مالينو التي واجهت في السنوات القليلة الماضية مشاكل لم تنته بعد مع قضاء المملكة، لا يجد القارئ المغربي أي أثر لنشاطها في المحتوى المكتوب باللغة العربية، رغم صيتها الواسع الذي وصل جزء منه إلى المواقع المتحدثة بالفرنسية والإسبانية.
هسبريس التقت هيلينا مالينو وسألتها عن “هاشتاغ” “بوصا”، وعن وضعية المهاجرين بالمملكة، وحول مشاكلها مع قضاء المغرب التي رغم كثرتها اختارت هيلينا الاستمرار في الإقامة به.
ما هو “هاشتاغ بوص”ا؟
“بوصا” يعني النجاح، ويعني أن تكون عندك فرصة، ويعني الفرح، فالعالم أصبح مكانا تغيب فيه الحقوق بالنسبة للناس الذين يتحركون (يهاجرون).
و”بوصا” خطوة من أجل الحصول على كل هذه الحقوق؛ فهو مثل صرخة تهدف إلى إسقاط كل هذه السياسات المنظمة للهجرة التي تحول الحدود إلى أماكن “للا حق”، وتصبح فيها السياسة ومراقبة الهجرة أكثر أهمية من الحق في الحياة، وهذا يذهب عكس ما يجب أن يكون عليه الحال في أي بلد وأي ديمقراطية. فـ”بوصة” صرخة تقول لا، وتقول إن الحق في الحياة أكثر أهمية من مراقبة الحدود.
ما تأثير الهاشتاغ؟
هو صرخة انطلقت عبر لجان الهجرة، والتأثير هو أنه عندما يقوم الناس بحَراكات، ليس فقط المافيا أو المستثمرون ماليا في الحدود، بل أيضا أناس يريدون أن يكونوا مواطنين. والتأثير هو أن نقول نحن بشر عندنا حقوق، ونحن هنا نريد أن نحمل شيئا إيجابيا، فالهجرة ليست شيئا سلبيا بل شيئا إيجابيا يعطي قيَما، ويدفع باتجاه التنظيم والتغيير من أجل بناء عالم أفضل في الأخير.
هل واجهت مشاكل مع وزارة الداخلية المغربية بسبب هذا الهاشتاغ؟
لا، في سنة 2012 الشرطة الإسبانية اتصلت بالشرطة المغربية في إطار التعاون بينهما في مجال المراقبة الحدودية، والشرطة المغربية قامت بتحقيقها حولي ولم تجد شيئا إلى حدود سنة 2014.
وفي سنة 2015 طلبت الشرطة المغربية من الشرطة الإسبانية إحضار السجلات الجنائية التي كانت في إسبانيا، فأحضرت الشرطة الإسبانية هذه السجلات إلى هنا، لكن السجلات نفسها قُدمت في محكمة “أوديونس ناثيونال” في إسبانيا التي تقوم بالتحقيقات حول الإسبان الموجودين خارج إسبانيا، وهذه المحكمة والعدالة الإسبانية قالتا هناك للشرطة الإسبانية إن ما تقوم به (هيلينا مالينو) هو إنقاذ الحيوات، وإن ذلك ليس بجريمة.
ولكن رغم هذا، أرسلت الشرطة الإسبانية تقريرها إلى المغرب فبدأت المحاكمة، وتم استدعائي للقيام بأبحاث حول ذلك. وكما قلتُ للقاضي، من العادي أن يقوم المغرب بتحريك دعوة إذا رأينا التقرير الذي أرسلته الشرطة الإسبانية إليه، رغم أن القاضي الإسباني قال إن تقرير الشرطة الإسبانية ليس فيه أي شيء وإنه مليء بالأكاذيب. ولستُ وحدي من تمت محاكمتي في أوروبا، بل هناك حالات أخرى لأناس يحاولون إنقاذ حيوات الناس تحاكمُهم أوروبا.
والآن، من العادي أن يقوم القاضي (المغربي) ببحثه حولي بعد كل ما صدر عن إسبانيا، ومثُلتُ أمام العدالة وشرحت لهم كل هذا، وشرحتُ لهم أنني لا أتصل فقط بخدمة الإنقاذ الإسبانية، بل أتصل أيضا بخدمة الإنقاذ المغربية، وبفعل التعاون بين المغرب وإسبانيا إذا ما تكلمت مع أي من هاتين الخدمتين، سيكون كلا البلدين على علم، كما أخبرته بأننا لسنا نحن من نقرر أين سيذهب الناس، بل خدمة الإنقاذ والبلدان، وخدمة الإنقاذ هاته عمومية من الإدارة المغربية والإدارة الإسبانية.
وقلت أيضا إنني أظن أن المغرب، خصوصا بعد خطاب الملك الأخير الذي تكلم فيه عن حقوق المهاجرين وكل هذه الأشياء، مع الحق في الحياة وليس مع أن يموت الناس في الماء. وأنتظر جواب المحاكمة المغربية، وأنتظر أيضا إذا كان المغرب سيغلق الملف أم سيقوم بمحاكمتي.
كيف تجدين حالة المهاجرين بالمغرب؟
المغرب بين أمرين؛ بين الضغط الذي تقوم به أوروبا لضبط الحدود ضمن السياسة الأوروبية، ومن جهة أخرى سياسة الهجرة الجديدة من أجل الإدماج، ويجب أن يجد المغرب توازنا بين هذين الأمرين، من أجل هذا نقول في التقرير الأولي الذي قدمناه حول وضعية المهاجرات وأطفالهن بالمغرب، إننا نرى اختلافات في الاندماج بين مركز البلد والمدن الحدودية.
ففي المدن الحدودية يقول المهاجرون إن حقوقهم مضمونة بشكل أقل من المدن الموجودة في المركز، وهذا أيضا من بين الضغط الذي يقوم به الاتحاد الأوروبي على المغرب. والمغرب ليس الجزائر أو ليبيا، مما يعني أن وضعية المهاجرين هنا ليست كما في بلدان أخرى، ولكن المهاجرين يطالبون بمجهودات كالولوج إلى الصحة والتعليم والحق في الهوية، وهناك حقوق أمضى عليها المغرب في المعاهدات الدولية ويجب عليه أن يواجهها (يفعّلها).
ولا نقول للمغرب ألاّ يراقب حدوده، ولكن ليس من الضروري أن يستعمل العنف في هذه المراقبة الحدودية، ويقول المهاجرون هذا بشكل واضح، ويجب شيئا فشيئا أن نضمن حصولهم على حقوقهم جميعها.
لماذا بقيت في المغرب لأكثر من 15 سنة؟
بقيت في المغرب، وأنا مهاجرة في المغرب، والمغرب بلدي أيضا، وأطفالي كبروا هنا ويتكلمون الدارجة كلغة أولى، وقلت هذا للقاضي: بإمكاني أن أذهب خارجا وألاّ أنتظر الحكم، ولكن قلت له لا، أنا هنا، لأن المغرب بلدي، ولأنني أحترم القوانين الموجودة بالمغرب، وأريد أن يتقدم المغرب ويصبح بلد حقوق كالبلدان الأخرى.
وأنا هنا لأن هذا بلدي أيضا، وسأُلبي دعوة العدالة إذا دعتني وسأواجهها، وأيضا اليوم إذا تمت محاكمتي أو أي شيء من هذا القبيل سيكون لهذا تأثير على كل العمل الذي نقوم به، وعلى كل المنظمات الأساسية من أجل تطور البلد. وأحس بشكل من الأشكال أن هذا بلدي الثاني، وهو بلد أبنائي أيضا.
هسبريس