رأيليبيا

بناء على طبيعة الوضع الصحي لحفتر : التداعيات العشر المرتقبة في الشرق الليبي

 

 

علي عبد اللطيف اللافي

 

في انتظار الإقرار الرسمي بالوضع الصحي الخطير للجنرال/المشير خليفة حفتر والذي قد تتوضح تفاصيله في الساعات والأيام القادمة، ونتاج أن الثابت المؤكد منه هو نقل حفتر وسط تكتم شديد منذ مساء الثلاثاء 10 افريل 2018، إلى الأردن ثم باريس بناء على جلطة دماغية وتواتر أخبار عديدة ومتناقضة المعطيات إضافة الى وجود تحفظات على التفاصيل الخاصة بدقة الوضع الصحي من طرف دائرة ضيقة من العائلة والمقربين لحفتر…

وفي كل الحالات فإن حوالي عشر تداعيات تبقى مرتقبة ومتوقعة في ليبيا وخاصة في الشرق:

1- بدا واضحا وجود ارتباك كبير داخل مجلس النواب، بل وقد يتدعم عبر بروز خطاب جهوي يدعو إما للفيدرالية أو انفصال برقة، وهنا لابد من الإشارة أن أهم إنجازات حفتر التي لا يجادل فيها حتى خصومه السياسيين الإسلاميين والليبراليين، هي اجهاضه العملي للفيدرالية في الشرق الليبي والقضاء على أحلام الحالمين بها….

2- توقف مرحلي للعمليات العسكرية حول مدينة درنة، مع استمرار حصارها والتضييق على سكانها مع أن ي تطورات تبقى واردة هناك وعمليا قد تنسحب القوات الموالية لحفتر تدريجياً من الجنوب ووسط ليبيا، وتبدأ في البحث عن تحالفات جديدة حيث المال والنفوذ وعددا من المؤثرات الأخرى…

3- من الواضح وجود مؤشرات أولية لارتباك كبير قادم في عدد من العواصم العربية والغربية خاصة “باريس”، “القاهرة” و”أبوظبي” مع “التأكيد أن خروج حفتر من معادلة المنطقة الشرقية سيُعطي المجال لرئيس حكومة الوفاق فائز السراج للتحرك بالمنطقة الشرقية، خاصة في الدعم الدولي المتنامي….

4- العودة القوية المتوقعة لرئيس تحالف القوى الوطنية “محمود جبريل” للمشهد مجدداً مقابل ذلك يُنتظر عمليا عودة أبو ظبي الاعتماد بشكل أكبر على عارف النايض (السفير الحالي في الامارات)، كمرشح محتمل للرئاسة…

5- عمليا قد تُحاول قبيلة العواقير في مدينة بنغازي وبقية المدن استعادة نفوذها في الشرق الليبي من القيادات العسكرية التي تنتمي لقبيلة الفرجان التي ينحدر منها حفتر، وهو أمر مرتقب وله أسبابه وخلفياته التاريخية وطبيعة التطورات خلال السنوات الماضية والتي تم التعتيم على بعض جزئياتها نتاج رهانات إقليمية ومحلية ….

6- يبقى أيضا من الوارد حدوث صدام مسلح (لا قدر الله)، بين القيادات المسلحة المحلية بمدينة بنغازي وأبناء حفتر، فهذه القيادات من المتوقع منها وبشكل كبير جدا أن ترفض اي دور عسكري أو أمني لنجلي حفتر وقد تشهد المدينة اضطرابات وإغلاق للشوارع والمؤسسات، والامر هنا تجاذب بين رؤيتين تدور النقاشات حولها بين الفاعلين، أولى نفعية في توظيف القرابة والواقعي على الأرض، وبين رُؤية وطنية إصلاحية للدفع في اتجاه الحل السياسي بغض النظر على المدى الزمن وتوخي المرحلية، وهذه الأخيرة تتلخص في اقتراح مجلس أعلى عسكري مشكل من ممثلين عن كل المدن الكبرى والفاعلة ….

7- بغض النظر على أي الرؤيتين التي سترى النور في النقطة السابقة من المتوقع وجود دور بارز وهام لقائد الصاعقة “ونيس أبو خمادة” خلال الأيام والأسابيع القادمة، مع العلم أن البعض يروج أن “بوخمادة” ليس له قوة التأثير الشخصية على محيطه وأن فشله أمر متوقع ووارد …

8- عودة التوتر لمنطقة الهلال النفطي سيصبح امرا جد وارد، وقد يستغل آمر حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى سابقا “إبراهيم الجضران” أو احد المقربين منه، طبيعة الأجواء للسيطرة مجدداً على الموانئ النفطية، الواقعة في نطاق نفوذ قبيلته “المغاربة”….

9- انسحاب متوقع للتيار السلفي المدخلي من المشهد الأمني في بنغازي، وأن بشكل أولي ومؤقت بل وسيصبح ذلك حتميا خاصة إذا وقعت اشتباكات مسلحة بين المليشيات القبلية وأنصار حفتر، ومعلوم أن المداخلة في كل ليبيا يعيشون مرحلة ارتباك كبرى رغم الأدوار الغريبة والمُسترابة التي قاموا بها منذ 2011 ….

10- سيصبح فض الشراكة بين القوى السياسية والعسكرية بالمنطقة الغربية مع معسكر حفتر بالشرق الليبي امرا آليا، وتبدأ تلك القوى في البحث عن مصالحها مع المجلس الرئاسي بطرابلس والتقرب من مكوناته وربط علاقات سياسية واجتماعية معها….

وبغض النظر عن هذه الترتبات وبناء أن المستجدات تفرض تقريب وجهات النظر بين فرقاء الصراع وتوحيد المؤسسات الوطنية والعمل على فتح كل قنوات الحوار ومزيد دعم المصالحات الثنائية ووضع خارطة طريق انتقالية حتى محطة الانتخابات الرئاسية والتشريعية وحصر مهام البعثة الأممية على الوساطة والرقابة والدعم للحل السياسي عبر تحيين اتفاق الصخيرات تحقيقا للسيادة الليبية حتى لا يقع تهميش الملف الليبي دوليا وتجنب مسارات الشخصنة والفردية المقيتة وقطعا للطريق على سيناريوهات على غرار سيناريو القذافي2 أو غيره من سيناريوهات إعادة انتاج الاستبداد والقمع والعسف والتعسف وحتى يقع تشريك الليبيين كل الليبيين وكل مدنهم واحزابهم وجمعياتهم وقبائلهم…

إن المطلوب من كل الفاعلين السياسيين في ليبيا هو استحضار أجندات وطنية تقوم على الوعي بالمخاطر المستقبلية لأي تطورات سلبية أو انفصالية أو تنامي النزعات الشخصية في المشاريع السياسية والعسكرية المستقبلية، كما لابد من استيعاب العقل السياسي الليبي لطبيعة التطورات الإقليمية واستتبعاتها على ليبيا والمنطقة المغاربية وعلى كل القارة السمراء، وهو ما يعني مسارعة كل الليبيين الى بناء المصالحة الوطنية التي تنبني على عدالة انتقالية منصفة ودافنة لآلام الماضي….

المصدر: موقع صحيفة الرأي العام بتاريخ 16 أفريل 2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق