
في أول ظهور له بعد فوزه بمنصب رئيس المجلس الأعلى للدولة،اجتمع خالد المشري،الاثنين،مع المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة.وقال المكتب الإعلامي للبعثة إن الاجتماع تطرق إلى خطة عمل الامم المتحدة في ليبيا والجهود المتواصلة من أجل تعديل الاتفاق السياسي.وبحسب مكتب البعثة فقد هنأ غسان سلامة المشري على انتخابه رئيساً للمجلس الأعلى للدولة، مثنيا في الوقت نفسه على العملية الديمقراطية والمؤسسية التي اظهرتها هذه الانتخابات.
وكانت جلسة انتخاب رئاسة المجلس،إنطلقت صباح الأحد، بترشح عبدالرحمان السويحلي وخالد المشري، بالإضافة إلى عضوين آخرين هما محمد معزب وعبد الله جوان.وخلال الجولة الأولى خرج كل من معزب، حاصداً 17 صوتاً فقط، وجوان الذي حصد 26 صوتاً، مقابل 37 صوتاً لـ”السويحلي” و36 صوتاً لـ”المشري”.
وبحسب اللائحة الداخلية للمجلس، فإن حسم النتيجة يحتاج إلى حصول أحد المرشّحين على الأغلبية البسيطة، والتي تقدّر وفقا لعدد الحاضرين بـ62 صوتا، وهذا ما لم يحدث في الجولة الأولى، مما اضطر أعضاء المجلس إلى خوض جولة ثانية بين المرشحين الأول والثاني في الجولة الأولى.وحسم المشري الفوز في الجولة الثانية للانتخابات بعد حصوله على 64 صوتا، على حساب رئيس المجلس السابق عبدالرحمن السويحلي الذي حصل على 45 صوتا وتغيب عن الجلسة 13 عضوا.
وخالد المشري المنتمي إلى مدينة الزاوية، غرب العاصمة، يعد من أبرز أعضاء حزب “العدالة والبناء”،ويحسب من التيار المتشدد في الحزب. وشغل عضوية المؤتمر الوطني العام عقب أول انتخابات برلمانية جرت في البلاد عام 2012، قبل أن يتم اختياره عضواً في المجلس الأعلى للدولة عام 2016.
ويطرح انتخاب المشري تساؤلات بشأن مصير مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي،حيث تتباين الآراء بين متفائل ومتشائم.ويرى البعض أن إمساك الإخوان بزمام الأمور من شأنه عرقلة التوصل لأي اتفاق.وفي هذا السياق، قال عضو مجلس النواب، علي التكبالي،في تصريح خاص لـ”بوابة أفريقيا الإخبارية” أن نجاح المشري برئاسة المجلس، هو امتداد لخطأ التحالف في الانسحاب من المؤتمر الوطني، وتكريس لنشاط التيار الإخواني في الاستيلاء على السلطة، قائلا “إن اندحار كتلة الـ 94 نتيجة لقراءة قاصرة في المشهد السياسي، واندفاعات عاطفية سمح للمتأسلمين لأخذ زمام المبادرة”.
من جانبه،وصف عضو مجلس النواب علي السعيدي فوز خالد المشري برئاسة مجلس الدولة خلفاً لعبد الرحمن السويحلي بتبادل للأدوار داخل المجلس.وشدد السعيدي،في تصرحات له على أن السويحلي والمشري وجهان لعملة واحدة، عادًا انتخابات رئاسة مجلس الدولة خطوة في تنفيذ خطة وضعت خارج البلاد.وأوضح على أن دور عناصر الإخوان في ليبيا يقتصر على تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يخطط له العقل المدبر للجماعة الموجود خارج البلاد.
ورفضت غالبية الأصوات بمجلس النواب عملية الانتخابات، معتبرة أنها إعادة تدوير للمشهد في المجلس الأعلى للدولة باختيار شخصية جديدة في محاولة للمناورة لفرض الاتفاق السياسي في المشهد الليبي.فيما وصفها البعض بأنها محاولة لفرض سيطرة تيار الإسلام السياسي على المشهد في ليبيا.
وفي المقابل،رحب رئيس لجنة الحوار عن مجلس النواب، عبد السلام نصية، بعملية الانتخابات، معتبرا أنها “مؤشر ناجح لترسيخ الديمقراطية”، عارضت أصوات ليبية أخرى العملية.وقال نصية، في تصريح خاص لقناة ليبيا، إن عملية الانتخابات التي جرت ،الأحد،”مؤشر ناجح على ترسيخ الديمقراطية وبناء دولة العدل والقانون” لافتا إلى أن العملية الانتخابية بمجلس الدولة “دحرت فكرة شخصنة المؤسسات”. مؤكداً على أن “التداول السلمي يزرع الثقة المفقودة بين الليبيين ما يساعد على اتخاذ القرارات الصعبة والمهمة التي تصب في بناء الدولة”.
وفي ذات السياق، رأى رئيس لجنة الحوار بالمجلس الأعلى للدولة موسى فرج أن انتخاب رئيس جديد لمجلسه قد يفتح باباً نحو مرحلة هامة لإنهاء الخلاف السياسي.وقال موسى لوكالة “شينخوا”،الأحد،”في ظل تسجيل تقارب كبير بين نواب البرلمان وأعضاء المجلس الأعلى ، الذين لديهم حرص كامل على إنهاء تعثر تنفيذ الاتفاق، نتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة نتائج إيجابية على مستوى تذليل الخلاف بين المجلس والبرلمان”.
من جانبه،رحَّب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، بانتخاب الرئاسة الجديدة للمجلس الأعلى للدولة،وفق ما أكد الناطق الرسمي باسم رئيس المجلس الرئاسي، محمد السلاك.ودعا السراج، وفق تصريحات السلاك خلال مؤتمر صحفي،الإثنين09 أبريل 2018، إلى تكثيف الجهود لكسر حالة الجمود السياسي والانفتاح على الأطراف كافة والمساهمة الفعالة في تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية.
وتسلم المجلس الأعلى للدولة ولايته الأولى، إثر تعديل جرى على الإعلان الدستوري من قبل عدد من أعضاء المؤتمر الوطني السابق مطلع عام 2016، ليتم اختيار عبد الرحمن السويحلي رئيساً له في فبراير/ شباط من العام ذاته. كذلك أعيد اختيار السويحلي رئيساً لولاية ثانية في إبريل/ نيسان من العام الماضي.
ويُعدّ المجلس الأعلى للدولة أحد مخرجات الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية في ديسمبر/ كانون الأول عام 2015، كجسم استشاري يتشارك في صياغة عدد من القرارات التشريعية مع مجلس النواب.وبعد توقيع الاتفاق السياسي أصبح المجلس الأعلى للدولة طرفاً أساسياً في جلسات اتفاق الصخيرات، الذي تعثّر تنفيذه لاحقاً.
ويأتي إنتخاب المشري في وقت مازالت فيه المساعي متواصلة لإحياء الحوار بين الأطراف المنازعة.ويشكل تعديل الاتفاق السياسي الجزء الأول من خطة المبعوث الأممي غسان سلامة لإنهاء الأزمة الليبية، التي كان أعلن عنها نهاية سبتمبر الماضي.حيث شهدت الأشهر الأخيرة من العام الماضي، مفاوضات عقدت في تونس بين أعضاء من المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب.
وتم التوصل لاتفاق بشأن شكل المجلس الرئاسي وتقليص عدد أعضائه من تسعة إلى ثلاثة، إضافة إلى فصل رئاسة المجلس الرئاسي عن رئاسة الحكومة.لكن الخلافات تجددت حول آلية اختيار أعضاء الحكومة والمجلس الرئاسي. وأصرّ مجلس النواب على احتكار صلاحية اختيار أعضاء السلطة التنفيذية وهو ما يرفضه مجلس الدولة الذي ينفي أن يكون دوره استشاريا فقط.
ويتضمن الجزء الثاني من خطة المبعوث الأممي،عقد مؤتمر وطني يهدف لفتح الباب أمام المستبعدين من جولات الحوار السابق، وإجراء استفتاء لاعتماد الدستور، وصولا إلى الجزء الثالث والأخير والذي يتضمن إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية،والتى من المقرر أن يتم تنظيمها فى ليبيا خلال العام الجارى.
ويرى عدد من المراقبين أن جماعة الإخوان تسعى للظهور مرة آخرى فى المشهد السياسى قبيل هذه الانتخابات،حيث تتطلع الجماعة للدفع بعناصرها فى الانتخابات الرئاسية والتشريعية بوجوه جديدة.ورجح المراقبون ترشح عبد الرحمن السويحلى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، موضحة أن الأخير يتطلع لرئاسة الدولة الليبية بالتنسيق مع التيارات والقوى السياسية التى تتمركز فى المنطقة الغربية لليبيا.
ومنذ العام 2011، ولا تزال الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في ليبيا غير مستقرة، وتشهد باستمرار تغير للتحالفات على المستوى المحلي زاد من تعقيد المشهد السياسي والأمني وقوَّض من جهود تسوية الأزمة سياسياً، فيما لم تنجح مبادرات البناء والتسوية المقدمة من أطراف وقوى خارجية في احتواء الأزمة المتصاعدة رغم أنها في كل مرة تستهدف إعادة هندسة المشهد السياسي والأمني.
بوابة افريقيا الاخبارية