
تحول مشروع فيلم الأمير عبدالقادر، الذي أمر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بإنجازه منذ سنواته الأولى في قصر المرادية، إلى سراب ووعود جوفاء، بعد تأكد عجز الحكومة عن تمويل المشروع في الظرف الراهن، بسبب تقلص الإنفاق الثقافي والفني، الناجم عن تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد، منذ منتصف عام 2014.
وأكد وزير الثقافة عزالدين ميهوبي أن الجهة المسؤولة ليست قادرة على تمويل المشروع في الظرف الراهن، بسبب المراجعة الشاملة التي شملت مساهمات الوزارة في تمويل الأنشطة والتظاهرات والمهرجانات الفنية والثقافية، وأن الموازنة التي رصدت في الوقت السابق لم تعد كافية لإنجاز العمل في مستوى تطلعات الجزائريين حول الأمير عبدالقادر.
ورمى عزالدين ميهوبي بمسؤولية الخلاف المالي إلى الهيئة المشرفة في السابق، وهي جمعية الإشعاع الثقافي، التي تكون قد أنفقت ثلثي الموازنة المرصودة، قبل الشروع في أول خطوة لإنجاز الفيلم، وهو ما يعني أن الجزء المتبقي غير كاف لبعث المشروع من جديد.
وتذكر مصادر مطلعة أن من أبرز أسباب تأخر إنجاز الفيلم، إلى جانب سوء تسيير الموازنة، عدم حسم الخلاف بين الجهات المسؤولة على السيناريو الذي يعتمد لتجسيد المشروع، وهو الخلاف الذي أعادته المصادر إلى القراءة المختلفة والتوجهات التي أرادت كل جهة إضفاءها على الفيلم.
وبين الأمير عبدالقادر، الشخصية المناضلة والمقاومة للاستعمار وواضعة أسس الدولة الحديثة، وبين الشخصية الصوفية الشاعرية، وبين الرجل ذي الخصال الإنسانية والقيم العالمية، التي أسست للتعايش والتسامح واحترام الاختلاف، والمنقذ للمسيحيين من مذابح حقيقية في منطقة الشام، خلال إقامته في سوريا، ضاع الفيلم بين ثلاثة سيناريوهات، اختلفت في الزاوية واللمسة، بدل أن تكون شاملة ومتكاملة، تجسد جزءا من ذاكرة الجزائر الحديثة.
وقال وزير الثقافة الجزائري “لا أريد لهذا الموضوع أن يتحول إلى مسلسل مكسيكي، الحقيقة أن الفترة الحالية تجعل تحقيق المشروع مستحيلا، فلدينا اليوم سيناريو للمرحوم بوعلام بسايح، (كاتب المسلسل التاريخي الشيخ بوعمامة)، وسيناريو مالك العقون، وسيناريو زعيم خنشلاوي، ولم نفصل بعد في اختيار النص، لأننا نعرف أن الأساس في العمل هو النص، لأنه يتعلق بشخصية عالمية وبمؤسس الدولة الجزائرية (الحديثة)، ولا مجال للخطأ”.
وأضاف “الفريق السابق وقع في خطأ الاستعجال، حيث وقّع على عقود دون احتساب التكلفة، وأن ما أنفق لحد الآن قدر بنحو 15 مليون دولار، من غلاف كلي يقدر بحوالي 20 مليون دولار، وبصراحة الفريق الأول لا وجود له اليوم نهائيا، ونحن في عملية تصفية للوضعية السابقة، ونحاول الوصول إلى نص يلبي القيمة التاريخية للأمير عبدالقادر، ولم نصل إلى ذلك لحد الآن”.
وأولت الجزائرُ في السنوات الأخيرة السينما التاريخيةَ أهميةً كبيرةً، بعد أعوام من التحول الفني، حيث أسندت إلى العديد من المخرجين والمؤسسات الفنية مهمة إنجاز أفلام تاريخية، تكريما لأرواح رموز وقيادات التحرير، وكان على رأسها فيلم مصطفى بن بولعيد وزيغود يوسف والعربي بن مهيدي، الذي يعكف مخرجه بشير درايس على وضع اللمسات الأخيرة من عملية التركيب، قبل عرضه الأول خلال الأسابيع الأخيرة.