
أثارت استقالة باحثة مغربية مؤيدة للمساواة في الميراث من منصب ديني هام، عاصفة من الجدل في تونس، حيث اعتبر عدد من الباحثين أنها خسارة كبيرة لإحدى رائدات الإصلاح الديني في المغرب، فيما حاول بعض الدُعاة المتشددين «التشفي» من الباحثة المذكورة على أساس أنها «انحرفت عن الشرع».
وكانت الدكتورة أسماء المرابط الباحثة في الشؤون الإسلامية ورئيسة مركز الدراسات النسائية في الإسلام التابع للرابطة المحمدية لعلماء المغرب، أعلنت استقالتها رسميا من منصبها من دون ذكر الأسباب، فيما سارعت الرابطة إلى إصدار بلاغ أكدت بموجبه تعيين الدكتور فريد زمرد على رأس المركز (من دون الإشارة إلى استقالة المرابط).
وعزا بعض المراقبين الاستقالة المفاجئة للمرابط إلى مواقفها الجريئة المطالبة بحقوق المرأة في الإسلام، وخاصة موضوع المساواة بين الرجل والمرأة، حيث اعتبرت قبل أيام أن الشرع يُقر بمبدأ المساواة في الميراث بين الجنسين، مطالبة بإنشاء لجنة ملكية لمناقشة هذا الأمر كما تم بالنسبة لمدونة الأسرة.
ودوّن المفكر سعيد ناشيد عل حسابه في موقع «فيسبوك»: «هذه السيدة طالما اعتبرتها من رموز الإصلاح الديني بالمغرب، لم يخب ظني». وأضاف الباحث عادل الحسني «لا أعرف ولم أكن أتابع جيداً السيدة أسماء، ولا أفهم فعلاً وجود باحثة بقناعات علمانية على مستوى القيم والأدوات أن تتوسط خريجي كليات درسوا مضامين الدين ومنهجياته بالأسلوب القديم الهش أمام التطرف أو تفكير أجيال الشباب الجديدة التي لا يهدأ تفكيرها».
وتابع «في المقابل أعرف السيدة فريدة زمرد من خلال متابعات وقراءات لما تكتب ولقاء تكويني دولي سابق، وهي مع سيدات فضليات أذكر منهن السيدة المتخلقة أمينة البقالي عضوة مكتب حركة التوحيد والإصلاح، على المستوى الفكري فالسيدة فريدة زمرد مخلصة لمنهجها ولا تعاكس بصلابة المناهج التي تخالفها، تعمل بصمت ولا تتوقف عند الخلاف كثيرا».
فيما وصف الداعية الحسن الكتاني استقالة أسماء المرابط بأنها «خطوة في الاتجاه الصحيح». وأضاف «إن وجود أمثال هذه المنحرفة عن الشرع، الجاهلة بأحكامه، لا محل له من الإعراب ضمن مؤسسة علمية كبيرة، بل بقاؤها يفقد المؤسسة مصداقيتها و ثقة الناس فيها».
وعلّق الداعية والباحث الإسلامي محمد عبد الوهاب رفيقي على ما كتبه الكتاني وبعض المعارضين لفكر المرابط بقوله: «الطبيبة والأستاذة أسماء المرابط فضلا عن فكرها المستنير، ومواقفها الشجاعة، من خلال لقاءاتي بها، (هي) امرأة ذات خلق رفيع، وأدب جم ، وطيبوبة نادرة. تتعرض لهجوم كاسح وتجهيل وقصف من طرف جبهة النصرة المغربية. وإن كان – بالنسبة لي – ليس بغريب على من يرى في نفسه امتلاك الحقيقة وإرث النبوة! لله في خلقه شؤون».
وتُعتبر المرابط من أبرز رموز الإصلاح الديني في المغرب، وقد حاوت على مدى سنوات إعادة قراءة النصوص الدينية من منظور نسائي مختلف، ولها عشرات الأبحاث في هذا المجال، وهذا ما عرضها إلى هجوم كبير من قبل الدُعاة المطالبين بالمحافظة على التفسير الكلاسيكي (الذكوري) للنص القرآني، والذي يكرس فكرة «قوامة» الرجل على المرأة ويرفض المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات.
القدس العربي