
المغاربي للدراسات والتحاليل __ تونس:
بدأ سعيد سعدي الرئيس السابق للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في الجزائر إعطاء إشارات على أنه ينوي الترشح إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من إعلانه الاستقالة من حزب التجمع الذي أسسه مطلع تسعينيات القرن الماضي، والذي انسحب من رئاسته سنة 2013، علما وأنه في رسالة الاستقالة من عضوية الحزب، أكد أنه يحضر نفسه إلى تحديات جديدة، في وقت اعتقد فيه الكثيرون أنه ينسحب من الساحة السياسية.
ونشر مقالة في موقع «ميدل إيست آي» بخصوص الوضع الذي تعيشه بلاده منذ سنوات، والذي اختار له وصفا قاسيا بأن اعتبر أن الجزائر هي بمثابة سجن كبير، مؤكدا أن الجزائر تجاوزت مرحلة الأزمة إلى مرحلة الانسداد التاريخي الذي يستنزفها، ذلك لأن الرقابة والتضليل تجمدان وتشوشات على الساحة السياسية والقضاء، وأن المقررات الدراسية متأثرة بالوهابية، والسياحة متدهورة، وأن الحدود البرية مع المغرب مغلقة، وأن «سجن الجزائر» محروس جيدا، الأمر الذي دفع الكثير من الجزائريين إلى محاولة الهجرة بكل الطرق، حتى لو كان ذلك في العالم الافتراضي كأضعف الإيمان.
وتوقف سعدي في تحليله للوضع السياسي الذي تعيشه البلاد عند المحطات التي عرفتها الجزائر خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة مع تعلق بتعيين وإقالة عبد المجيد تبون رئيس الوزراء الأسبق الذي أزيح بعد أقل من ثلاثة أشهر من تعيينه بعد جدل واسع بينه وبين رجال الأعمال المحسوبين على الرئاسة، مؤكدا أن تعيين أحمد أويحيى مكان تبون هو بمثابة تحدٍ، على اعتبار أن الأخير سبق له أن تولى رئاسة أربع حكومات، بدليل أنه يدعو الشعب لمباركة ولاية خامسة للرئيس بوتفليقة، في حين أنه يعترف أنه (بوتفليقة) أوصل البلاد إلى وضع من عدم القدرة على تسديد رواتب العمال ومعاشات المتقاعدين.
وهاجم كل المسؤولين تقريبا، عدا رمطان لعمامرة وزير الخارجية السابق الذي اعترف له بأنه من بين القلائل ممن يتمتعون باعتراف دولي كدبلوماسي، ولكن في الأخير تم إبعاده وتعويضه بمساعده «المزعج»، في إشارة إلى وزير الخارجية الحالي عبد القادر مساهل الذي كان يزاحم لعمامرة على الخارجية، بدليل أن هذه الوزارة السيادية ظلت لسنوات تسير برأسين لعمامرة من جهة ومساهل من جهة ثانية، قبل أن يتم إبعاد رمطان لعمامرة والاكتفاء بمساهل.
وذكر أن المعارضة إذا أرادت النجاح في تغيير الأوضاع، فعليها أن تتمتع بالجرأة والقدرة على إبداع واقتراح حلول من أجل تفادي الخراب العام، معترفا أن المسألة ليست سهلة، بالنظر إلى التجارب السابقة، في إشارة إلى ما يعرف بندوة «مازافران» سنة 2014 والتي شهدت اجتماع كل أقطاب المعارضة أحزابا وشخصيات من أجل تشكيل تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، والتي أصبحت فيما بعد هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة، والتي شكلت أكبر وأوسع تكتل للمعارضة منذ نشأتها، بغرض الضغط على النظام ودفعه إلى التراجع، قبل أن ينكسر التكتل على عتبة أول اختبار عندما حان موعد الانتخابات البرلمانية التي جرت العام الماضي، وانفرط عقد المعارضة بسببها.
واعترف سعدي أن المهمة ليست صعبة، سواء في ظل واقع الجزائر، أو بسبب الوضع الإقليمي والدولي الضاغط، مشيرا إلى أن الحلول يجب أن تكون مبتكرة ويجب مشاركة كل القوى الحية في المجتمع من أجل الوصول إلى التغيير المنشود.
واعتبر أنه بهذا الكلام والتشخيص يفتح الباب أمام الحوار ونقاش عميقين، بخصوص واقع البلاد وآفاق المستقبل، خاصة في ظل الظرف الحرج الذي تمر به الجزائر، والتخبط الذي تعيشه، موضحا أن فتح أبواب الحوار في هذه المرحلة بالذات أمر مهم.
جدير بالذكر أن كلام سعدي يأتي في وقت بدأ فيه الحديث عن إمكانية خوض المعارضة الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجرى في 2019 بمرشح توافقي، كرد فعل على ما يبدو على أنه نية من السلطة في ترشيح الرئيس بوتفليقة إلى ولاية رئاسية خامسة.
القدس العربي