الدينار الجزائري ينهار ويسجل أدنى مستوياته منذ الاستقلال

يشهد الدينار الجزائري تراجعا خطيرا منذ جويلية الماضي، ارتفعت حدّته خلال الأسبوع الماضي. إذ بلغ سعر صرف الأورو ببنك الجزائر 134 دينارا مقابل 112 دينارا للدولار. كما انخفضت قيمة الدينار الجزائري أمام كافة العملات الأجنبية بصفة عامة. في المقابل، لم يعلن البنك المركزي الجزائري عن أيّ تخفيض في قيمة الدينار.
ويعتبر الخبراء أن الدينار الجزائري وصل أدنى مستوى له منذ الاستقلال.
وحسب بعض الصّحف الجزائرية، فإن الانهيار الذي يشهده الدينار منذ أزيد من أسبوعين، ليس اعتباطيا أو عاديا، وإنما هو “مقصود” من قبل بنك الجزائر، الذي يتعمد في كل مرة القيام بإجراءات التخفيض، دون الإعلان عن ذلك.
وتقول بعض المصادر الصحفية، أن الحكومة تبحث عن وسائل جديدة لتمويل عجز الخزينة والميزانية، ولو عن طريق تعويم العملة، التي باتت لا تتحمّل أي قرارات جديدة لتخفيض قيمتها.
وتوقع أحد الخبراء في الجزائر، أن تزداد حدّة انخفاض قيمة الدينار أمام الأورو ليصل بنهاية السنة الجارية إلى 150 دينار للأورو، وهو ما يعد مؤشرا خطيرا، كما ستضطر الحكومة، حسب نفس الخبير، إلى التراجع عن سعر صرف الدولار، الذي حددته سنة 2016، عبر قانون المالية بـ108 دينار، حيث سترتفع قيمة الدولار بشكل أكبر أمام الدينار، وهو ما ستتم ترجمته عبر قانون المالية لسنة 2018، والذي سيتم إقراره في شهر أكتوبر المقبل.
وشدد الخبير نفسه على أن ”الهدف من هذا التخفيض، هو ضخّ دينارات جديدة في الخزينة لمواجهة العجز المسجل على كافة الأصعدة، وإيجاد أغلفة مالية كافية لسد الثغرات المالية الناتجة عن تراجع احتياطات الصرف، وتآكل أموال صندوق ضبط الإيرادات، وانهيار سعر البترول والجباية عن المحروقات.
وأضاف الخبير الجزائري أن تراجع قيمة الدينار الجزائري، سيشكل على المدى المتوسط أخطارا كبيرة على الاقتصاد، حتى إن ساهمت مثل هذه الإجراءات اليوم في توفير سيولة مالية إضافية”.
وتجدر الإشارة إلى أن محافظ بنك الجزائر له صلاحية تخفيض الدينار، والتدخل في تنظيم السوق النقدية، بالتنسيق بين المؤسسات المالية والبنوك التجارية، بالإضافة إلى التحكم في نظام الصرف.
رسالة تحذير من الوزير الأوّل:
وتعاني الجزائر، في السنوات الأخيرة، من أزمة اقتصادية، جراء تراجع مداخيل البلاد من النقد الأجنبي، بسبب انهيار أسعار النفط، المصدر الرئيسي لمداخيل البلاد. وقد أطلق، الوزير الأول الجزائري مؤخرا، أحمد أويحيى، صفارات الإنذار حول الوضع الاقتصادي في بلاده، خلال رسالة وجهها إلى أعضاء حكومته.
وذكرّ الوزير الأول الجزائري، في رسالته، بالرقم الكبير الذي وصل إليه حجم واردات السلع والخدمات في السنوات الأخيرة، والتي قاربت 70 مليار دولار، في الوقت الذي شهدت فيه أسعار المحروقات انهيارا شديدا، في السوق الدولية، منذ سنة 2014، ما جعل الجزائر تسجل عجزا تجاريا كبيرا، أدى إلى تآكل سريع لاحتياطي الصرف.
وأضاف الوزير أن احتياطات الصرف قد تراجعت بقوة حيث انتقلت من 200 مليار دولار في السداسي الأول، من سنة 2014 إلى ما يقارب 100 مليار دولار في الشهر أوت الماضي. وأكّد أن استنفاذ احتياطي الجزائر من الصرف، قد يؤدي بالبلاد إلى اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، والتي قد تنعكس في حال تراكمها، بعدم القدرة على الدفع.
وقالت الحكومة الجزائرية، إن قدرات الدولة في مواصلة جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، اصطدمت بجدار الأزمة المالية المهددة بالتّفاقم، في ظل توقعات رسمية عن استحالة تعافي السوق النفطية على المدى القصير والمتوسط.
وحسب الصحف الجزائرية، فإن الحكومة بحاجة إلى 50 ألف مليار لإكمال سنة 2017.
يذكر أن البنك الدولي توقع في تقرير أصدره يوم 11 سبتمبر 2017، تدني مستوى معيشة السكان في الجزائر، وارتفاع معدلات الفقر، بعد تراجع الإيرادات، بسبب انخفاض مستوى أسعار النفط، مؤكدا أن ذلك سيزيد من حدة الأعباء الاقتصادية على الأفراد.
كما كشف تقرير البنك الدولي، انكماش نمو الناتج المحلي للفرد في الجزائر ليتحول إلى ناتج سلبي في مستوى 0.6%، وهو ما سيساهم في إضعاف أكثر لمستوى معيشة السكان، وانتشار أكبر لمساحة الفقر واحتمال نزول 10% من السكان تحت خط الفقر، أي ما يعادل 4 ملايين نسمة، وبالتالي اتساع الهوة أكثر فأكثر بين الجزائريين وتلاشي تدريجي للطبقة المتوسطة.
الوطن نيوز، 2017/09/16