قفزة كبيرة للاستثمار الزراعي في تونس

أظهرت بيانات حديثة أن الاستثمارات الزراعية في تونس شهدت قفزة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بمقارنة سنوية، في تطور أرجعه محللون إلى القرارات التي اتخذتها الحكومة لتطوير القطاع.
وصعدت الاستثمارات المصرح بها للقطاع الزراعي بنسبة 87.7 بالمئة منذ يناير وإلى غاية أواخر شهر مايو الماضيين، مقارنة مع الفترة نفسها المسجلة في العام الماضي.
وكشفت وزارة الفلاحة والصيد البحري في إحصائيات رسمية أن قيمة الاستثمارات الزراعية بلغت نحو 689 مليون دينار (325 مليون دولار)، خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، مقارنة مع 367 مليون دينار (151.6 مليون دولار) قبل عام.
ويعمل في القطاع الزراعي التونسي، الذي يعد أحد أهم القطاعات الاستراتيجية التي تعول عليها الدولة إلى جانب السياحة والفوسفات، قرابة 16 بالمئة من الأيدي العاملة بالبلاد، ويوفر 8.5 بالمئة من الناتج الداخلي الإجمالي.
وأشارت الإحصائيات إلى أن الاستثمارات الزراعية صعدت بنسبة 45 بالمئة من حيث العدد و107.4 بالمئة من حيث القيمة، خلال شهري أبريل ومايو الماضيين، بعد دخول قانون الاستثمار الجديد حيز التنفيذ.
وكانت الحكومة قد صادقت على قانون الاستثمار، في سبتمبر الماضي، ودخل حيز التطبيق في أبريل هذا العام حيث يقدم حزمة تسهيلات وإعفاءات للمستثمرين المحليين والأجانب.
ووفق أرقام رسمية لوزارة الفلاحة، فإن مجموع الأراضي القابلة للزراعة بالبلاد يبلغ نحو 5 ملايين هكتار بينما لا تتجاوز نسبة المستغل منها 24 بالمئة.
ورغم أن الحكومة تسابق الزمن لاعتماد المزيد من الإجراءات لتعزيز دور القطاعين العام والخاص في مجال الاستثمارات الزراعية للحد من الواردات الغذائية التي ترهق موازنة الدولة، إلا أنها تبدو غير كافية حتى الآن.
ويشير مختصون في المجال الزراعي إلى اتساع الفجوة الكبيرة في الأمن الغذائي في تونس بسبب غياب رؤية واضحة لمعالجة التحديات التي يواجهها القطاع، والتي تفاقمت بشكل كبير منذ عام 2011.
وقالوا إن العجز الغذائي التونسي مرشح للتفاقم بسبب تراجع القدرات الإنتاجية؛ شحّ المياه وتآكل الرقع الزراعية وتعذر الإنتاج أحيانا في ظل حالة الجفاف التي ضربت شمال أفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية.
وتواجه الحكومة بالفعل تحديات كبيرة في سبيل إقناع المستثمرين والمؤسسات المالية المحلية والعربية والدولية بالدخول في مشاريع الاستثمار الزراعي بسبب صعوبات توفير التمويل رغم كل الجهود التي تبذلها في هذا المضمار.
وأقر وزير الفلاحة والصيد البحري سمير الطيب الشهر الماضي، بأن وضع الأمن الغذائي في تونس يبقى هشا في عدد من القطاعات رغم تحقيق نتائج جيدة في مجال توفير وتنويع المنتجات الغذائية.
وأشار إلى أن بلاده تستورد قرابة نصف حاجاتها الاستهلاكية من الحبوب وأعلاف الماشية ونحو 100 بالمئة من أعلاف الدواجن.
وأشارت دراسة أعدها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية مع البرنامج الغذائي العالمي التابع للأمم المتحدة إلى أن تونس تحتل المركز الـ53 في مؤشر الأمن الغذائي للعام الماضي، الذي يضم 113 بلدا.
وقال حاتم بن سالم مدير المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية إن “تونس تملك جميع الإمكانات والمقومات الطبيعية لتحقيق الاكتفاء الغذائي خلال 10 سنوات”.
وأشار إلى أن أهم المشكلات التي تحول دون الوصول لتحقيق الأمن الغذائي، تتمثل في سوء إدارة الثروة المائية التي تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة، إضافة إلى ضعف الحوكمة والإنتاج في القطاع الزراعي.
المصدر : العرب، العدد 10678، 2017/07/01، ص11.