إصدارات

الجزائري عبد الرزاق بوكبة يفتح بيته وماضيه للقراء

أصدر الشاعر والسّارد والإعلامي الجزائري عبد الرزاق بوكبة، كتابًا في السّيرة الذاتية وفنّ اليوميات، يحمل عنوان «يدان لثلاث بنات، وليه: بوصلة التّيه»، عن دار «الجزائر تقرأ».

وكما يبدو من العنوان، فقد ضمّ الإصدار الذي يُعدّ الحادي عشر في رصيد الكاتب الحائز على جائزة «بيروت 39» قسمين منفصلين. خصّص القسم الأوّل لرصد يومياته الرّمضانية مع بناته الثلاث علياء ونجمة ومريم، خلال مواسم 2015 و2016 و2017، فيما خصّص القسم الثّاني للسّياقات التي ساهمت في تشكيل وعيه السّردي.

لم تكن اليوميات التي ضمّها القسم الأوّل من الكتاب «يدان لثلاث بنات» مجرّد سرد مسطّح للحيل والمقالب التي تقوم بها البنات الثلاث في البيت والحي، خلال شهر رمضان، بل هي نصوص ذات نفس قصصي، يضع القارئ أمام عتبات من الدّهشة والحيرة والمفاجأة. بلغة تعتمد بلاغة الواقع والخيال معًا.

وفي المكان المناسب من اليومية، التي لا يُخفي فيها عنا الكاتب تفاصيل بيته وأسرته وأحداث يومه وليلته، يعود بنا إلى حدث في طفولته شبيه بما عاشه مع بناته في ذلك اليوم. بما يُشكّل إشارة إلى أنّ طفولته، في قرية جزائرية هي مزيج من الثقافتين العربية والأمازيغية تسمّى «أولاد جحيش»، هي امتداد في طفولة بناته في الجزائر العاصمة.

من ذلك، سرده لحيثيات اكتشافه لكتاب ألف ليلة وليلة، وهو طفل في جامع القرية، حيث حرّره من الجغرافيا واللغة الضّيقتين، فصار صديقًا لشخوصه وكائناته العجيبة، بالموازاة مع تمثيل ابنته علياء لدور شهرزاد التي أرادت أن تقتل جارها الصّغير، لأنها رأت فيه شهريار الذي يربط استمرار حياتها باستمرار حكايتها.

ويصبح الكاتب أكثر تجلّيا وشفافية في قسم «بوصلة التّيه»، حيث يعرض التجارب الإنسانية التي عاشها في الجزائر العاصمة، بعد أن دخلها صيف عام 2002، وخاض تجربة في الشارع وفي مقر اتحاد الكتّاب الجزائريين، ثم في المكتبة الوطنية والإذاعة والتلفزيون، فخاض تجارب مع النخبة والمسحوقين معًا، وهو ما دفعه الى الكتابة السّردية، بعد أن كان اهتمامه شعريًا فقط.

من أبرز التجارب وأعمقها، تعرّفه على فتى قدم من الغرب الجزائري بحثًا عن صديقته التي هربت بحملها منه إلى الجزائر العاصمة، فالتقى الكاتب في الحديقة وباتا يتبادلان الحكايات واكتشاف المدينة، ثم يختفي الفتى فجأة، ويلتقي الكاتب بصديقته وطفلها في الشّارع.

يقول في أحد الاعترافات: «إذا كان الفتى قادة الغليزاني منحني خارطة الليل في الجزائر العاصمة، فإنّ العمّ سعيد القوسطو منحني خارطة التشرّد فيه».

لا يؤرّخ كتاب بوكبّة الجديد لطبيعة حياته التي عاشها في مرحلة سابقة، بصفته كاتبًا يبحث عن بقعة ضوء، ولحياته الحالية مع أسرته الصّغيرة، بل يؤرّخ لجيل وزمن جزائريين، بعد مرحلة العنف والإرهاب مباشرة، بكل مخلّفاتها القاسية على النفوس والنّصوص.

المصدر: الصباح، 2017/06/29

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق