
حرك المقال الذي نشره الوزير الجزائري السابق نور الدين بوكروح بخصوص ضرورة تدخل الجيش في الأوضاع التي تعيشها البلاد الكثير من المياه الراكدة، إذ أخرج المقال الجنرال المتقاعد علي غديري عن صمته، والذي أصر على أن يضع بعض النقاط على الحروف، مؤكدا أن الجنرالات المتقاعدين ليسوا جبناء، وليس كلهم أغنياء جمعوا ثروات بفضل مناصبهم، وأن الأغلبية الساحقة منهم يعيشون من منحة التقاعد الممنوحة إليهم بموجب القانون.
ونشر الجنرال علي غديري مقالا مطولا على صفحات جريدة «الوطن» (خاصة صادرة بالفرنسية) ردا على مقال نشره الوزير السابق نور الدين بوكروح الذي كان أيضا رئيس حزب التجديد الجزائري، معتبرا أن المقال تضمن الكثير من المغالطات والمعلومات الخطأ، وأنه تضمن أحكاما لا تخلو من التجني بمهاجمة الجنرالات السابقين، ومطالبتهم بالتدخل لإنقاذ الوضع وإخراج البلاد من أزمتها ومأزقها.
وقال في مقاله المطول: إن الجنرالات المتقاعدين ليسوا جبناء، ولم يتخلفوا يوما عن أداء واجباتهم نحو المؤسسة العسكرية ونحو الجزائر، وأنه ليس صحيحا ما ورد في مقال بوكروح أنهم ركنوا إلى الراحة لتسيير الثروات التي جمعوها، لأن أغلبيتهم لا يملكون سوى منحة التقاعد التي حصلوا عليها بعد سنوات من الخدمة، وأغلبيتهم يعيشون وسط الشعب يعانون مثله من المشاكل نفسها، ويتقاسمون معه الشعور نفسه بالخوف على البلاد من المستقبل ومن المجهول.
واعتبر اللواء غديري أنه أصبح من السهل في الجزائر التهجم على كل من يتبع صفته كلمة «سابق»، وأنه سبق أن ندد منذ سنوات بهذه الذهنية التي كانت قد بدأت في الانتشار، والتي تقضي بمهاجمة أسياد الأمس، بعد الاستفادة منهم واستغلالهم، ثم البحث عن اتجاه الريح من أجل الاقتراب من أصحاب القصر الجدد.
وأكد أن مهاجمة الجنرالات والضباط السابقين واتهامهم بالجبن، هو جهل وتجاهل للكثير من الحقائق، وأهمها هو أن هؤلاء لم يعودوا مواطنين كاملي الحقوق، منذ سن قانون واجب التحفظ، الذي يمنعهم من الإدلاء برأيهم في أي موضوع يخص الشأن العام، وأن مخالفة هذا القانون يضعهم تحت طائلة المتابعة القضائية، مشيرا إلى أنه برغم ذلك فإن الكثيرين يغامرون ويجاهرون بالقول والانتقاد، الأمر الذي لا يمر من دون أن تكون له تبعات، سواء تعلق الأمر بهم أو بأبنائهم وبناتهن أو عائلاتهم، الذين يدفعون في كثير من الأحيان الثمن، في حين أن السياسيين الذين يتكلمون أو ينتقدون لا يتعرضون لأية تبعات.
واعتبر أن ذنب هؤلاء الجنرالات الوحيد هو رفضهم الانضمام إلى أوركسترا التطبيل والتصفيق في رقصة إرضاء غرور الحكام، ذنبهم هو أنهم لا يحسنون ضبط آلاتهم في كل مرة على النوتات التي يريد سماعها أصحاب القصر.
وخاطب اللواء المتقاعد غديري الوزير السابق قائلا: « إن هذا النظام الذي تنتقده باستمرار، بصفتك رئيس حزب سابق ووزيرا سابق أنت جزء منه، وهذا النظام استمر ليس لأن لديه قاعدة شعبية، بل بسبب روح الخنوع التي تسيطر على المتحلقين حول النظام من الذين يدعون مساندته، وأعينهم على الريع الذي يمتلك النظام وحده مفاتحيه وطرق الوصول إليه.
ورد علي غديري على بوكروح بخصوص الجيش، الذي قال عنه إنه ضعيف لأنه لا يمتلك التكنولوجيا، مشددا على أن قوة أي جيش لا تقاس فقط بالتكنولوجيا، بل بالروح الموجودة داخل صفوفه، والقيم التي تأسس حولها، وأن الجيش الجزائري هو سليل جيش التحرير، الذي تأسس على قيم عليا مستمدة من ثورة التحرير، مثل التضحية والوفاء والابتعاد عن المغريات المادية.
ورد بوكروح مجددا على المقال الذي نشره اللواء المتقاعد علي غديري، مؤكدا أنه لم يقصد كل الجنرالات المتقاعدين بل يقصد الجنرالات «السياسيين» المقررين، وأن هؤلاء يحسبون على أصابع اليد الواحدة، وأنه بين هؤلاء عرف واحدا فقط، وأنه سبق أن ذكره بالاسم، وأنه قال له هذا الكلام مباشرة، وهو ما يفهم منه أن الوزير بوكروح يقصد اللواء محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق القائد السابق لجهاز الاستخبارات، علما أنه سبق أن نشر مقالين بخصوص الجنرال توفيق بعد تنحيته خريف 2015، مذكرا إياه بالمواقف التي وقعت بينهما، والخيارات السياسية للجنرال توفيق، التي كانت بعد ذلك من الأسباب التي سرعت رحيله.
القدس العربي، 20174/09/07