تقاريرتونس

التحوير الوزاري بين حكومة «تكنوقراط» وحكومة «مُسيّسة»:حافظ «يُصعّد»… الطبوبي يُحذّر… فكيف سيتصرّف الشّاهد ؟

 

 

ليست المرة الأولى لتي يكثر فيها الجدل والتجاذبات على الساحة السياسية التونسية حول شكل الحكومة الأنسب للبلاد، إما حكومة سياسية يمثل أعضاؤها الأحزاب او حكومة كفاءات (تكنوقراط) لا ينتمي وزراؤها إلى أي حزب او حكومة هجينة يختلط فيها السياسي بالتكنوقراط المستقل..

بين «المُسيّسة» و«التكنوقراط»:

هذه المرة تكرر المشهد نفسه، وأبدى كل طرف من الأطراف الفاعلة في البلاد رغبته حول الشكل الذي ستكون عليه الحكومة اثر التحوير الوزاري المنتظر. وحسب الموقف الداعي لحكومة «تكنوقراط»، فان السياسيين أصبحوا غير قادرين على تقديم الإضافة عند توليهم المناصب والمسؤوليات، بسبب عجز أحزابهم عن ممارسة السلطة بمنطق «المصلحة العليا للوطن». فأغلب الاحزاب تعيش اليوم على وقع صراعاتها الداخلية ومناورات قيادييها وحساباتهم ومساعيهم لخدمة مصالحهم الضيقة وللوصول الى الكراسي، إضافة الى الوعود الزائفة التي دأبوا على تقديمها، ما جعلهم يفتقدون ثقة المواطن فيهم. وكل ذلك سيمثل عائقا امامهم للنجاح في المناصب والمسؤوليات التي تُسند إليهم، ولا سبيل للتخلص من ذلك الا عبر حكومة «تكنوقراط» تكون لاعضائها الكفاءة الفنية والاستقلالية عن التجاذبات والضغوطات والحسابات السياسية، بما يمكنهم من تقديم اضافة للشأن العام واخراج البلاد من وضعها الاقتصادي الصعب ومواصلة الحرب على الفساد..
أما بالنسبة للرأي المعاكس، فيرى ان الحكومة الحزبية السياسية تكون اكثر متانة وصلابة لأنها ستكون محاطة بحزام سياسي يحميها من الانتقادات الهدامة ومن التعطيل ومن الارتباك ويجعلها اكثر شجاعة وجرأة، ويكون فيها الوزير «المُتحزب» قويا وقادرا على الصمود امام الانتقادات وامام المعارضة وتكون له القدرة على التواصل مع الرأي العام..

مُحاصصة حزبية:

المدير التنفيذي لحزب نداء تونس كان اول من أثار المسألة منذ نهاية شهر جوان الماضي في تدوينة شهيرة على صفحته بموقع «فايسبوك» وآخرها أيضا في تدوينة نشرها يوم الاثنين 28 أوت 2017.

ففي جوان الماضي قال ان التحوير الوزاري القادم يجب ان يُعبّر عن “الالتزام باختيارات الشعب التونسي التي عبر عنها في انتخابات أكتوبر 2014 وأعطت ثقتها لحركة نداء تونس كحزب أول فائز في الانتخابات “. أي وفق رأيه يجب ان تُعطى الاولوية لحزب نداء تونس في التشكيلة الحكومية الجديدة بوصفه حزبا اغلبيا في الانتخابات، وفي ذلك دعوة صريحة للمحاصصة الحزبية.

وفي تدوينة يوم الاثنين 28 أوت 2017 قال ان «نداء تونس هو الحزب الذي فاز بأعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية و الرئاسية… ومن هذا المنطق لا بد ان تكون الحكومة المقبلة سياسية بامتياز و كفانا من رواية التكنوكراط و حكومات الكفاءات..» .

وبالنسبة الى حزب النهضة، يبدو أنه يميل بدوره الى خيار المحاصصة الحزبية استنادا الى المنطق نفسه (الحزب الثاني انتخابيا)، لكن بصفة غير معلنة صراحة. حيث تردد ان النهضة ترفض مثلا المساس بالحقائب الوزارية المسندة لها الآن وترفض بالتالي التقليص من «حصّتها» في الفريق الحكومي. وأكثر من ذلك هناك من يتحدث عن وجود رغبة لديها في الفوز بحقائب اخرى على غرار المالية أو التنمية والاستثمار او التربية بعد ان قدمت أسماء مرشحيها لذلك.

النهضة بهذا الموقف بدت مستندة الى توازنات وثيقة قرطاج بوصفها احد الموقعين عليها وهو الموقف نفسه الذي يبدو ان بقية الاحزاب الممثلة اليوم في الحكومة متمسكة به للمحافظة على حقائبها على غرار الجمهوري والمسار وآفاق تونس والمبادرة.

تكنوقراط:

عكس ذلك، عبرت أطراف أخرى عن موقفها من الأسماء التي ستدخل الفريق الحكومي في التحوير المنتظر. فالأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي اعتبر في تصريح أخير ان «تمسك بعض الاحزاب بالمحاصصة الحزبية في التحوير القادم لن يمرّ». ووضح الطبوبي ذلك بالقول إن البلاد في حاجة اليوم الى تحوير وزاري في العمق يأتي بكفاءات وطنية لها القدرة على التحدي وعلى الالمام بمشاغل التونسيين حتى تقع الاستجابة لكل الملفات الحارقة التي لا يمكن ان تنتظر المزيد”.ودعا الطبوبي الاحزاب الى الاعتناء بمشاغل اخرى مثل اعداد التشريعات لتطوير الادارة والاستثمار.

الموقف نفسه عبّر عنه الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة حيث طالب بإسناد الحقائب الوزارية في التحوير الوزاري المنتظر الى «شخصيات تتميز بالكفاءة والاقتدار على ادارة الملفات المطروحة والابتعاد عن منطق المحاصصة الحزبية». وفي الاتجاه ذاته جاء موقف حركة مشروع تونس على لسان مؤسسها محسن مرزوق وكذلك موقف الاتحاد الوطني الحر على لسان القيادي فيه طارق الفتيتي بالقول إنه من الضروري اجراء تحوير وزاري عميق بعيدا عن المُحاصصة الحزبية يتمتع وزراؤه بالكفاءة اللازمة للخروج بالبلاد من الازمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها.

الثابت ان الكرة الآن هي بين أيدي رئيس الحكومة يوسف الشاهد بوصفه المسؤول الاول عن التحوير الوزاري وله كامل الصلاحيات في اختيار الاسماء لكنه لن يخرج عن دائرة الضغوطات من القوى الفاعلة اليوم في البلاد..

أطراف مع المحاصصة الحزبية

  • نداء تونس
  • النهضة وبقية الاحزاب المشاركة في الحكومة ( بدرجة اقل)

أطراف ضد المحاصصة الحزبية

  • اتحاد الشغل
  • اتحاد الاعراف
  • مشروع تونس
  • الاتحاد الوطني الحر

فاضل الطياشي

المصدر: الشروق، 2017/08/29

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق