تقارير

تنظيم داعش يعاود الظهور في ليبيا

 

 

عاد تنظيم داعش إلى واجهة الأحداث من جديد في ليبيا بعد أن هاجم بوابة أمنية فجر الأربعاء، في بلدة الفقهاء التابعة لمنطقة الجفرة وسط ليبيا.

وأسفر الهجوم عن مقتل 9 جنود من الجيش الوطني الليبي من بينهم آمر الكتيبة 131 مشاة الرائد علي الغضبان، المكلفة بتأمين المنطقة، بالإضافة إلى مدنيين اثنين.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر عسكرية لم تذكر هويتها أن هجوما مسلحا استهدف الكتيبة قبل أن يتم حصارها و نزع أسلحة عناصرها ومن ثم الإجهاز عليهم ذبحاً. وسيطر الجيش الليبي نهاية مايو الماضي على منطقة الجفرة بالكامل بعد أن نجح في طرد “القوة الثالثة” الموالية لحكومة الوفاق وما يسمى بـ”سرايا الدفاع عن بنغازي” وهو فصيل مسلح يتكون من متشددين قريبين إلى فكر القاعدة.

وتقع الجفرة إلى الجنوب من سرت المدينة الساحلية التي أنشأ بها تنظيم الدولة الإسلامية معقلا له قبل أن تطرده منها قوات ليبية في أواخر العام الماضي.

وشاركت الكتيبة 131 مشاة فى معارك الهلال النفطي ضد ما يسمى بـ”سرايا الدفاع عن بنغازي” وقوات تابعة لحكومة الوفاق كما شاركت فى معارك تحرير الجفرة وتتشكل من عناصر نظامية كان أغلبها منضويا تحت اللواء 32 معزز، الذي كان يقوده الراحل خميس نجل القذافي.

واتهم الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي العقيد أحمد المسماري، تنظيم داعش بالوقوف خلف الهجوم الإرهابي. وتعالت في الآونة الأخيرة الأصوات المحذرة من تحركات للتنظيم في عدة مناطق في ليبيا.

وأشار الناطق باسم عملية “البنيان المرصوص” محمد الغصري نهاية يوليو الماضي إلى رصد قواتهم لتحركات عناصر من داعش جنوب مدينة سرت، مضيفا أن التنظيم يحاول لملمة نفسه واختراق قواته من الجهة الجنوبية.

وأصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني قرارًا في منتصف مايو 2016 بتشكيل غرفة عمليات (مصراتة – سرت) والتي أطلقت عملية “البنيان المرصوص” لمحاربة تنظيم داعش الذي كان يسيطر على مدينة سرت لفترة استمرت أكثر من عام ونصف العام.

ومع حلول سبتمبر من نفس العام، تمكّنت تلك القوات من استعادة معظم أحياء سرت بينما انحصر تواجد المسلحين في “حي الجيزة البحرية”، وهو رقعة صغيرة من الأرض قرب واجهة سرت على البحر المتوسط، قبل أن يتم الإعلان رسميًا، في ديسمبر 2016، عن طرد التنظيم منه.

وبحسب خبراء أمنيين في ليبيا إن داعش الذي كانت مدن سرت وصبراتة ودرنة وبنغازي معقلا له في ليبيا، اتجهت عناصره إلى مناطق نائية من أجل محاولة الانتشار من جديد بعد خسارة أبرز معقل له في سرت.

ويقول مراقبون إن داعش حوّل وجهته نحو ليبيا مع تراجع نفوذه في كل من سوريا والعراق على وقع الضربات التي يتلقاها من التحالف الدولي والجيشين السوري والعراقي.

وكان تقرير نشرته شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية الأميركية أكد أن تنظيم داعش يسعى إلى الاستفادة من الوضع الأمني والسياسي الفوضوي لاستخدام ليبيا كقاعدة انطلاق لعودة ظهوره، حيث يحاول التنظيم تجنيد الجهاديين من المناطق الجنوبية الريفية وبلدة صبراتة الغربية، والتي تقع على بعد 60 ميلاً من الحدود التونسية.

ونقل التقرير عن روبرت يونغ بيلتون، المحلل الأمني، قوله إن داعش في وضع جيد يمكنه من البقاء على قيد الحياة، لا سيما بعد خسائره في الموصل والرقة، مؤكدًا أن تعزيز الدعاية له يضمن التجنيد المستمر.

ونقل التقرير عن مسؤول أميركي مطلع، طلب عدم الكشف عن هويته إن الفراغ السياسي والأمني الذي كان قائمًا في البلاد، بعد عام 2011 سمح لتنظيم داعش بإرساء قواعد لأفكاره، مشيرًا إلى أن داعش ما زال يشكل تهديدًا ليس فقط في ليبيا بل على جيرانها وأوروبا والولايات المتحدة.

وتعاني ليبيا من الفوضى والانقسام السياسي منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، حيث انتشرت الجماعات المتطرفة المدججة بالأسلحة في عدة مواقع في عموم البلاد.

وتحاول العديد من القوى الدولية والإقليمية التوفيق بين أكبر شخصيتين حالياً في البلاد، وهما المشير خليفة حفتر، قائد الجيش، وفايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، المدعوم من الأمم المتحدة. وحذّر السراج من تسلل إرهابيين إلى أوروبا، ضمن موجات المهاجرين التي تغادر السواحل الليبية.

وقال في تصريحات إلى جريدة ذا تايمز البريطانية نشرتها الأربعاء “أوروبا ستكون في خطر متزايد من إرهابيين يتظاهرون بأنهم مهاجرون، إلا إذا ساعدت القوى الغربية ليبيا في وقف موجات الهجرة”.

وحذّر السراج من دخول “إرهابيين محتملين” بين صفوف عشرات الآلاف من المهاجرين الذين تسللوا إلى ليبيا عبر حدودها الجنوبية المفتوحة.

وأضاف “عند وصول المهاجرين إلى أوروبا سيتحركون بحرية. وهناك عناصر إرهابية بينهم، وأيّ حادثة ستؤثر على أوروبا بأكملها”.

وتابع “على أوروبا بذل المزيد من أجل مساعدتنا في مواجهة شبكات التهريب. لا يمكن وضع العبء كاملا على ليبيا وإيطاليا، الأزمة تهمّ أوروبا بأكلمها”.

واتهم السراج أيضًا منظمات الإغاثة الأوروبية التي تجري عمليات إنقاذ بالبحر المتوسط بجذب المزيد من المهاجرين وتشجيعهم على العبور من ليبيا إلى أوروبا، وقال إن “سفن الإنقاذ، وليست سواحل إيطاليا، أصبحت الهدف الأول بالنسبة للمهاجرين”.

وتحوّلت ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي، إلى مركز جذب للآلاف من الراغبين في الهجرة من بلدانهم نحو أوروبا، وخاصة المنحدرين من الدول الأفريقية الفقيرة.

ويبدأ خط تهريب المهاجرين الأفارقة من حدود ليبيا الجنوبية المشتركة مع النيجر والتشاد، حيث يتم تجميع المهاجرين على الحدود ليقع إرسالهم باتجاه مدينة سبها وضواحيها، ثم تنطلق الرحلة من سبها نحو سرت عن طريق الجفرة ومنها إلى المنطقة الغربية وتحديدا إلى المدن الساحلية على غرار مصراتة وزوارة وطرابلس.

المصدر: العرب، العدد 10732، 24-08-2017، ص 4.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق