
لم تمنع انتظارات خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم غد الاحد، المتمحورة حول حراك الريف وتداعياته، من استمرار السلطات بملاحقة ومتابعة الناشطين والمحاكم في اصدار احكامها ضدهم، ولم تمنع قادة الحراك المعتقلين من خطوات تصعيدية مع احترام الانتظارات، والدعوة لعدم الاستتفزاز والتمسك بسلمية الحراك.
وقبل ساعات من القاء العاهل المغربي خطابه بمناسبة الذكرى الـ 64 لثورة الملك والشعب وعيد ميلاده الـ 53 قضت المحكمة الابتدائية في الحسيمة، بالسجن سنتين لكل واحد من ثلاثة نشطاء في حراك الريف، تم توقيفهم على خلفية المظاهرات المطالبة بالكشف على نتائج التحقيق في وفاة الناشط عماد العتابي، والداعية إلى إطلاق سراح معتقلي الحراك. واعتبر ناظر اليحياوي عضو هيئة دفاع معتقلي «حراك الريف» الحكم الصادر مساء الخميس في حق النشطاء، قاسيا «تم تقديم ملفات بالتهم نفسها وقضت المحكمة على أصحابها بأحكام مخففة، فعلا لا ندري نحن كهيئة دفاع ما هي الأسس التي اعتمد عليها القاضي أثناء إصدار هذه الأحكام». وقال اليحياوي: إن التهم التي تمت على أساسها متابعة النشطاء المذكورين تتعلق بحمل السلاح من دون مسوغ قانوني، والمشاركة في تظاهرة غير مرخص لها، والعصيان المدني، اضافة إلى إهانة الضابطة القضائية، «وهي التهم نفسها الموجهة لـ 90 من مئة من المتابعين في حراك الريف». واضاف: ان محكمة الاستئناف بالحسيمة أجلت يوم أمس النظر في 13 ملفا متعلقا بالحراك إلى 23 و24 اب/ اغسطس الجاري، وأن جلسة الصحافي حميد المهداوي مدير موقع (بديل. أنفو)، تم تأجيلها إلى 11 من شهر ايلول/ سبتمبرالمقبل.
استمرار الاعتقالات:
وأكد أن مسلسل الاعتقالات مازال مستمرا في مدينة الحسيمة والنواحي «في كل مرة يتم استقدام مجموعة إلى مقر الضابطة القضائية، ويوميا هناك تقديمات أمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية،» حيث أن عدد المعتقلين منذ بداية الحراك فاق 300 معتقل مع احتساب معتقلي سجن عكاشة، وهيئة الدفاع لا تستطيع حصر عدد المعتقلين إلى أن يحين موعد تقديمهم أمام الوكيل. وقررت النيابة العامة متابعة 26 ناشطا في «حراك الريف» في حالة اعتقال، تم توقيفهم يوم الأحد الماضي، عقب مشاركتهم في «مسيرة الوفاء» لعماد العتابي بإمزورن.
وقال رشيد بلعلي عضو هيئة دفاع معتقلي «حراك الريف»: ان قرار المتابعة جاء بعد أن تم تقديم النشطاء أمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالحسيمة يوم الأربعاء وأن جلسة محاكمتهم جرى تأجيلها إلى الثلاثاء المقبل بعد أن كانت مقررة يوم الأربعاء بهدف تجهيز الملف.
وأوضح أن نشطاء مسيرة الوفاء للعتابي يتابعون بتهم تتعلق بالعصيان المدني والتحريض على المشاركة في الاحتجاج، والمشاركة في مظاهرة غير مرخص لها، والتجمهر المسلح، إضافة إلى رشق القوات العمومية بالحجارة. وفي مدينة بركان القريبة اقدمت المصالح الأمنية، مساء الخميس، على توقيف 5 من نشطاء الحراك الشعبي في المدينة، ضمنهم محمد لاركو، الناشط أيضا في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بوجدة، وفاروق مهداوي، عضو شبيبة حزب الطليعة، كانوا يعتزمون تنظيم وقفة احتجاجية دعما لحراك الريف ومطالب الافراج عن معتقليه.
وقال مصدر أن القوات العمومية، منعت بالقوة الوقفة الاحتجاجية المذكورة، بعدما كانت السلطات قد أبلغت عددا من النشطاء بقرار المنع وقال: ان الجمعية المغربية لحقوق الانسان دخلت على الخط، واحتشد عدد من أعضائها في مقر الأمن، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، متوقعا أن يفرج عنهم خلال الساعات المقبلة بعد إنجاز محاضر لهم.
وقد تم على شبكات التواصل الاجتماعي تداول دعوات للتظاهر والاحتجاج يومي غد الاحد وبعد غد الاثنين، وهو ما اثار استياء واستنكار قادة الحراك وناشطيه، ويعتقدون ان هذه الدعوات تتم خارج سياق المنهج الذي سار به حراك الريف منذ اندلاعه قبل 10 اشهر تقريبا، حيث لا تنظم احتجاجات ايام الاعياد الوطنية والدينية.
ودعا القيادي البارز في حراك الريف، المعتقل السياسي السابق على خلفية احتجاجات حركة 20 فبراير، محمد جلول، إلى عدم الخروج في مسيرات احتجاجية في الريف في هذين اليومين اللذين يصادفان ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب (عيد ميلاد الملك).
وكتبت هدى صدقي، زوجة المعتقل الحبيب الحنودي، في تدوينة لها، نقلا عن والدة محمد جلول “رسالة من معتقلي الدار البيضاء إلى الأحرار بالريف جميعهم على لسان محمد جلول، بعد اتصال هاتفي مع أمه «لا لمسيرة 20 أو 21 غشت (اب/ اغسطس) في المغرب، لما لها من رد فعل سلبي سيعود عليهم».
وقالت صدقي: ان جلول الذي كان يتحدث بلسان المعتقلين جميعهم الموجودين بسجن عكاشة، اعتبر أن تنظيم أية مسيرة يومي الاحد والاثنين «سيكون لها رد سلبي ستعود آثاره على المعتقلين، وستعطي فرصة للمخزن للخروج من مأزقه».
ودعا محمد المجاوي الناشط البارز في حراك الريف والمعتقل على ذمة التحقيق في سجن عكاشة في الدار بالبيضاء، «كافة أبناء الوطن إلى المشاركة المكثفة في المسيرة الوطنية من أجل المطالبة بإطلاق سراح معتقلي حراك الريف، المزمع تنظيمها يوم 27 اب/ اغسطس في الرباط، مؤكدا ضرورة جعل مطلبي الإفراج عن معتقلي الحراك الشعبي جميعهم من دون قيد أو شرط والاستجابة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية محورين أساسيين للمشاركة.
فصل المعتقلين:
واستنكر المجاوي في رسالة نقلها عنه الحقوقي فكري أمغار عبر اتصال أجراه معه، ما تعرض له بمعية مجموعة من المعتقلين مؤخرا من إجهاز إدارة السجن على بعض الحقوق البسيطة التي كانوا يستفيدون منها كالفسحة الجماعية والتواصل بينهم والاستحمام ولعب الكرة. وندد المجاوي «بسلوكات المدير الجديد التي وصفها بالتمييزية بين المعتقلين وتلفظه بعبارات تسيء إلى المنقولين إلى الجناح 4 ووصفهم أمام مرأى ومسمع زملائهم المعتقلين المحتفظ بهم في الجناح 1 بالمجرمين». وأبرز أمغار أن المجاوي أكد له أن المعتقلين يجددون مطالبتهم بتجميعهم في جناح واحد إلى جانب ناصر الزفزافي لكن من دون المس بالمكتسبات التي كانوا يتمتعون بها، ومن دون استبعاد أحد من هذا التنقيل مثل ما حدث مع نبيل أحمجيق ومحمد جلول ومحسن أثاري وربيع الأبلق الذين عزلوا في جناح بعيد. وندد بما تعرض له المعتقل إبراهيم ابقوي من إهمال من طرف المدير وطبيب السجن إثر تعرضه لنزف حاد (تقيؤ كمية كبيرة من الدم) حيث لم يتلق أي علاج أو إسعاف. وتم التعامل معه من طرف الطبيب بطريقة مهينة لا تحترم حقوق السجين وإنسانيته. وحذر المجاوي من الانسياق وراء أية حملة تشكيك في حق المعتقلين الذين استفادوا أو المحتمل استفادتهم من عفو ملكي. معتبرا إياهم جميعا أبطالا يستحقون التقدير على تضحياتهم الجليلة خدمة لقضايا الريف، مؤكدا أن كل من أساء لهؤلاء يسيء إلى المعتقلين جميعا وإلى الحراك واقترح على لجنة عائلات معتقلي حراك الريف إمكان إنجاز شريط لأطفال المعتقلين يطالبون فيه بإطلاق سراح آبائهم. مقترحا على سكان الريف الصوم يومين قبل عيد الأضحى تضامنا مع المعتقلين وعائلاتهم.
ودعا المجاوي العائلات إلى مزيد من الوحدة والتضامن وتجنب السقوط في كل ما قد يؤدي إلى المس بهذه الوحدة والتآزر بينها، من دون أن يفوت فرصة تقديم السلام للمغاربة جميعهم وسكان الريف.
اضراب عن الطعام:
وقال وائل الأصريحي، شقيق معتقل حراك الريف محمد الأصريحي: ان 12 من المعتقلين دخلوا في إضراب عن الطعام منذ يوم الأربعاء “بسبب قساوة الحراس في تعاملهم معهم، وايضا مدير السجن الذي وعدهم بتمتيعهم باستراحة جماعية». وافادت أخت دينامو حراك الريف، نبيل أحمجيق: ان معتقلي الحراك المعتقلين بسجن عكاشة بالدار البيضاء منزعجون من عدم وفاء إدارة سجن عكاشة بوعدها الذي قطعته مع المعتقلين والقاضي بتجميعهم جميعا بجناح واحد داخل السجن. ونقلت المتحدثة عن الصحافي المعتقل ربيع الابلق، مراسل موقع بديل انفو في الحسيمة الذي خاض اضرابا عن الطعام لأكثر من 40 يوما أنه مستعد للموت من أجل الريف، واكد المعتقل محمد جلول في لقائه عائلة المعتقلين “أنه حتى لو قتلونا أو أعدمونا فمرحبا، لأن ليس لدينا ما نخسره” وقال نبيل أحمجيق: «لو حكموا علينا بأي حكم فإننا مستعدين لذلك، المهم هو أن نرى الحلم قد تحقق لأبناء الحسيمة وسكانها».
محمود معروف