
رغم مضي أسبوعين على بيان باريس بين قائد الجيش المشير خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، لا تزال المبادرة الفرنسية محل ردود فعل عديدة في دول الاتحاد الأفريقي، وجوار ليبيا، بسبب ما فُهم على أنه «تهميش وإقصاء» لدورهم، من جانب الرئيس إيمانويل ماكرون.
وكشفت مصادر دبلوماسية فرنسية، اليوم الثلاثاء، «أزمة صامتة» بين رئيس الكونغو دينيس ساسو نغيسو، الذي يشغل رئاسة لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى حول ليبيا، والرئيس الفرنسي ماكرون، على خلفية لقاء باريس، الذي لم يطلع نغيسو على تفاصيله.
تهميش فرنسي:
ووفق مجلة «جون أفريك»، تحادث الرئيس الفرنسي مع نظيره الكونغولي هاتفيًّا، في 4 أغسطس الماضي، حول مسألة عدم إشراك لجنة الاتحاد الأفريقي في الاجتماع، ونفى ماكرون ما أُثير عن «تهميش» الاتحاد الأفريقي من تسوية الأزمة الليبية، لاسيما وأن اللجنة التي تتألف من عدة دول أفريقية زارت عدة مناطق ليبية خلال شهر يونيو الماضي، في سياق جهود تسوية الأزمة.
ولم يعلم الرئيس الكونغولي عن المبادرة الفرنسية إلا من خلال القنوات الدبلوماسية المختلفة، لكن قبل يومين من اجتماع باريس، استقبل سفير فرنسا لدى الكونغو، برتراند كوشوري، لإطلاعه على مغزى المبادرة الفرنسية.
وتتقاسم العديد من الدول الأفريقية الفاعلة في الاتحاد، وعلى رأسها الجزائر، المقاربة ذاتها بشأن المطالبة بضرورة أن يلعب الاتحاد، بما يتوفر له من ثقل، دورًا على صعيد حل الأزمة الليبية.
وفي هذا الإطار، سارع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي إلى مباركة مقترح قدمه الرئيس الكونغولي، دينيس ساسو نغيسو، للأطراف الليبية، يقضي باستضافة اجتماع تحضيري لمؤتمر المصالحة الليبية في برازافيل في أقرب وقت ممكن.
اللجنة الرباعية:
ويُفهم «الامتعاض الأفريقي» في دعوة مجلس السلم إلى تعزيز مساهمة الاتحاد الأفريقي، ممثلاً في الممثل السامي واللجنة المعنية بليبيا، في الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم للأزمة في ليبيا. وأكد المجلس اقتناعه بأن حل الأزمة في ليبيا يكمن في المقام الأول في أيدي الليبيين أنفسهم. وشدد على أن دور الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي الأكبر هو تقديم الدعم الفعال لجهودهما.
كما حث مجلس السلم والأمن على تعزيز الوحدة والعمل المنسق في ليبيا بين جميع أعضاء المجتمع الدولي، لاسيما اللجنة الرباعية المكونة من الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة؛ لمساعدة الأطراف الليبية في جهودها الرامية إلى التغلب على خلافاتها.
وفضلاً عن أن مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضعت حلفاءه الأوروبيين أمام أمر واقع، فإنها «قزَّمت» مبادرة دول الجوار التي أُطلقت من تونس، وفق مراقبين.
وتعكس تصريحات الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، هذا التحفظ الشديد على لقاء باريس؛ حينما قال متحدثًا عن المبادرة التونسية: «قمنا بمحاولة رصينة لم نرد القيام بها لوحدنا رغم أن الليبيين جميعًا دون استثناء أرادوا ذلك، وأدخلنا في المبادرة دول الجوار، جمهورية مصر والجزائر».
ولفت إلى «وجود عدة تدخلات أخرى لحل الأزمة قامت بها دول عربية، فضلاً عن تركيا ودول أفريقية أخرى»، وأضاف: «بعض المحاولات وقعت في جمهورية مصر، وكذلك في الإمارات، وفرنسا؛ للتقريب بين الجهتين في ليبيا. كل هذه المحاولات كانت سطحية لأن فائز السراج وخليفة حفتر يعتبران جزءًا من المشكل وربما من الحل أيضًا»، مشيرًا إلى أطراف أخرى في الأزمة – لم يحددها – طالب بإشراكها في الحل.
تدارك هفوات باريس :
ومن أجل كسب مزيد من الدعم لخارطة الطريق الموقَّعة في فرنسا، وتبديد الهواجس التي تنتاب الأطراف الإقليمية المعنية بالملف الليبي، ومنها تونس، التقى فائز السراج، أمس الإثنين، الرئيس التونسي في قصر قرطاج.
وقال في مؤتمر صحفي عقب اللقاء: «بحثنا آخر التطورات السياسية والمشهد السياسي في ليبيا، وناقشنا تفاصيل خريطة الطريق، التي تم التوصل إليها في باريس؛ لإيجاد أرضية مشتركة تصل بنا إلى وضع أكثر استقرارًا بعد أن لاحظنا أن الأمور وصلت إلى طريق مسدود».
وقبلها اجتمع السبسي بمحمود جبريل رئيس تحالف القوى الوطنية، وعلي القطراني عضو المجلس الرئاسي، كما تحادث هاتفيًّا مع قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر.
بوابة الوسط، 2017/08/08