تقاريرليبيا

بعد أن سقطت من أولويات إدارة ترامب: ليبيا.. موطئ قدم عسكري واستخباراتي أمريكي من جديد

 

 

من الواضح أن السياسة الأمريكية تجاه الملف الليبي بدأت تشهد تغيرات. فالبداية اتسمت بعدم اهتمام لدى الإدارة الجديدة بالأوضاع في ليبيا وعدم اعتبارها ذات تأثير كبير في الأمن القومي الأمريكي. ولكن تقارير صحفية أمريكية بدأت تشير إلى أن اهتمام إدارة الرئيس دونالد ترامب مؤخرا بالوضع الأمني في ليبيا بدأ يتزايد.. خاصة مع اقتناع أفراد داخل الإدارة الأمريكية بأهمية ليبيا التي يرى الباحثون الأمريكيون أنها تشكل ثلاثة تحديات رئيسية للأمن الأوروبي والمصالح الأوروبية وهي تدفق واسع للهجرة غير الشرعية والعمليات الإجرامية والإرهاب.

فبالنسبة إلى القيادة الأمريكية في ليبيا “أفريكوم” يبدو أن الخطر الأمني الذي يمكن أن تمثله المنظمات الإرهابية للأمن القومي الأمريكي وخاصة على مستوى ضرورة التصدي لـ”داعش” في شمال إفريقيا بدأ يعتبر أولوية، في وقت يرى فيه الساسة والمراقبون أن ليبيا مثلت في وقت سابق ملاذا للتنظيم عندما تعرض إلى ضغوطات في سوريا والعراق.

تطورات الأرض والحسابات الجديدة:

ولكن قبل الخوض أكثر في تفصيل المقاربة الأمريكية الجديدة تجاه ليبيا يبدو من المهم أن نفصل الأوضاع على الأرض. لا يمكن الحديث عن الوضع الأمني الليبي دون الحديث عن الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر والذي يحظى بدعم وتأييد دولتين أساسيتين هما مصر والإمارات العربية المتحدة. يسيطر حفتر على الشرق وقد تمكن من أن يحرز تقدما نحو الجنوب والغرب وأن يسترجع سرت التي كانت تسيطر عليها مجموعات تعلن ولاءها لما يسمى تنظيم “داعش”.

في المقابل يتضح في طرابلس أن حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج والتي دعت إلى انتخابات تشريعية ورئاسية منذ أسبوع لا تحظى بالنفوذ الذي يحظى به حفتر كما أن دورها ضعيف. وذلك بالخصوص عند توارد أنباء عن رغبة حفتر في البحث عن بسط نفوذه على طرابلس أيضا. فقد صرح حفتر سابقا” “أهل طرابلس وإخوتنا يريدون في اتصالات أن ندخل. نحن ندخل لا مانع لكن نريد أن ندخل بهدوء لكي نتجنب سفك الدماء”. وفي ذلك إشارة واضحة على نيته دخول طرابلس في الوقت الذي يراه مناسبا.

دعم التوافق وأهداف أخرى:

في ظل هذه الظروف الميدانية، من المتوقع أن توسع سياسة ديبلوماسية وعسكرية أمريكية جديدة في ليبيا حضور الولايات المتحدة في البلاد وهذا ما تجهز له إدارة ترامب بحسب مسؤولين أمريكيين. والهدف من هذا الحضور سيكون دعم التوافق بين الفصائل المتعارضة في شرق البلاد وغربها ومن المرجح أن يتم أيضا إعادة فتح السفارة الأمريكية في ليبيا وإرساء جهود تبادل معلومات استخباراتية بحسب نفس المسؤولين مثلما نقل موقع “سي إن إن”.

ويمكن أن تتجه الولايات المتحدة إلى إعادة تسجيل حضورها في بنغازي وإرساء مركز تنسيق استخباراتي بين القوات الأمريكية ومسؤولين ليبيين كما من المرجح أيضا أن يشمل الأمر انخراط القوات الأمريكية في تدريب ونصح القوات اليبية.

إعادة تجربة الصومال:

ومن المتوقع أيضا أن يتم إرسال 50 مجموعة من قوات العمليات الخاصة إلى ليبيا لتقديم معلومات استخباراتية تتعلق بالإرهاب بشكل متداول في محاولة لتطبيق ذات السياسية التي لجأت الولايات المتحدة إلى تطبيقها في الصومال. وبذلك يكون ذلك أول تفكير حقيقي في تسجيل حضور أمريكي مستمر في ليبيا منذ غلق السفارة الأمريكية في طرابلس سنة 2014، وقد كان الحدث الرئيسي الذي أثر بشكل كبير في الحضور الأمريكي في ليبيا هجوم بنغازي الذي أودى بحياة السفير الأمريكي في ليبيا وأمريكيين آخرين سنة 2012.

يبدو أن عدم وضوح الموقف الأمريكي من ليبيا في الأشهر الأخيرة، وصل إلى نهايته وستلعب الولايات المتحدة دورا أكثر صراحة..الحضور في حد ذاته يحمل دلالات عدة ولكن الأهم هو تأثيره في الأوضاع في البلاد خاصة في ظل تداخل مصالح القوى الإقليمية التي تلعب دورا في الداخل الليبي سواء أن كانت عربية أو أوروبية وهو أمر ستتكفل بكشفه الأسابيع القادمة..

 أروى الكعلي 

المصدر: الصباح نيوز، العدد 1659، 2017/07/24، ص13.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق