
مرت 100 يوم على تنصيب حكومة سعد الدين العثماني التي تم تعيينها من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس، في الخامس من نيسان/ أبريل الماضي، بعد ســتة أشهر من الأزمة المؤسساتية والسياسية التي طبعت فشل تشكيل الحكومة من طرف عبد الإله بن كيران، رئيـــس الحكومة الســـابق.
وباعتبار أن الـ 100 يوم الأولى من الحكومة تعطي إشارات قوية حول السياسة التي تعتزم تطبيقها خلال سنوات ولايتها الحكومية، خاصة وأن هناك انتظارات قوية، سواء من جانب المواطنين أو الفاعلين الاقتصاديين، على اعتبار أن هذه الفترة تكون مؤشر تقدم أو تأخر للعمل الحكومي؛ سجل بعض المراقبين على حكومة سعد الدين العثماني عدم تعاطيها بشكل إيجابي مع احتجاجات منطقة الريف، بل وساهمت في تأجيجها أكثر بعد تصريحات أحزاب الأغلبية الحكومية التي اتهمت نشطاء الريف بالتخطيط للانفصال، بالإضافة إلى مقاربتها الأمنية لفض الوقفات الاحتجاجية السلمية. فيما نوه البعض الآخر بالقرارات والمبادرات الإيجابية لاستكمال الإصلاح، والمتمثلة في خفض أسعار العشرات من الأدوية باهظة الثمن لفائدة المرضى، إضافة إلى قانون يهتم برعاية حقوق المرضى النفسيين والعقليين، والتجاوب مع ساكني المناطق المهمشة والمتضررة تنمويا.
وفي هذا الصدد، يرى حسن أوريد، الناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي، أن حكومة العثماني لم تستجب للتطلعات وللمد التراكمي الذي كان حاصلا في المغرب، مشيرا إلى أن البلد يحتاج إلى مشهد سياسي واضح يضطلع بمهامه كما يجب.
وفي تصريح لـ«القدس العربي»، أعرب محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، عن اعتقاده بأن حكومة العثماني لم تمر بعد من محطة الاختبار الأولي رغم مرور 100 يوم التي تعتبر لحظة للتقييم الرمزي لعمل الحكومات في التجارب الديمقراطية. ولاحظ أن حكومة العثماني سبق تشكيلها جدل كبير، ورافق الإعلان عنها لغط كبير، واستتبع وجودها ارتباك واضح. وأرجع الباحث المذكور السبب إلى تركيبة الحكومة التوافقية الائتلافية العريضة، وكذا ظرفية تشكيلها وأولوياتها المطوقة بتحديات ماثلة أبرزها ملف الحسيمة وكذا وقع الغضبة الملكية في أول مجلس وزاري يحضره أعضاء هذه الحكومة، فضلا عن بداية الحديث عن إمكانية حصول إعفاءات وزارية في الأوساط العمومية. واستخلص بودن أنه أمام هذه الظروف الضاغطة وضريبة الظرفية، تبقى الحصيلة الحكومية في 100 شبه صفرية، على حد تعبيره.
وعن شعبية حكومة سعد الدين العثماني، قال مصطفى السحيمي، أستاذ العلوم السياسية والخبير في القانون الدستوري: إن حكومة العثماني ليس لها نفس «رأسمال الشعبية» الذي حظيت به حكومة بنكيران التي تشكلت سنة 2012، حيث إن حكومة العثماني تشكلت في أجواء باردة تميزت بـ «البلوكاج» (العرقلة) الذي دام خمسة أشهر ونصفا، وألقى بثقله على نفسيات الناس، بالإضافة إلى أنه بالرغم من أن شخصية العثماني لها مشروعية داخل حزب «العدالة والتنمية»، لكنه لا يملك مستوى القيادة الوطنية والحزبية نفسه الذي لدى سلفه بن كيران، حسب قول السحيمي.
فاطمة الزهراء كريم الله
المصدر: القدس العربي، 2017/07/19