
أعلن رئيس حكومة «الوفاق الوطني» الليبية فايز السراج عن «خريطة طريق» لإنقاذ البلاد، وهو ما قوبل بردود فعل متفاوتة من جميع الأطرف الليبية، ففي حين سارع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى رفضها، اعتبر من السياسيين والحقوقيين أنها غير كافية لكنهم اعتبروا أنها تشكل أرضية جيدة لحوار شامل بين جميع الأطراف، فيما فضل المجلس الأعلى للدولة التريث قبل إصدار موقف بشأن مبادرة السراج الجديدة.
وفي كلمة ألقاها السبت، واطلعت عليها «القدس العربي»، طرح تسعة بنود تلخص رؤيته لحل الأزمة القائمة في ليبيا ضمن خارطة طريق شاملة تتضمن «الدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مشتركة في شهر مارس- (آذار)، تفرز رئيساً للدولة وبرلماناً جديداً ، تستمر ولايتهما ثلاث سنوات كحد أقصى، أو حتى الانتهاء من إعداد الدستور والاستفتاء عليه (…) ويستمر العمل بالاتفاق السياسي وحكومة الوفاق الوطني، الى أن تتم تسمية رئيس الحكومة الجديدة من قبل رئيس الدولة المنتخب، واعتماد حكومته من قبل البرلمان».
كما تتضمن الخطة فتح حوار شامل بين مختلف الأطراف الليبية وخاصة البرلمان والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني بهدف إعداد مشروع قانون الانتخابات ومقترح التعديل الدستوري، لتحديد صلاحيات رئيس الدولة وملامح المرحلة الجديدة، كما تتضمن الإعلان وقف إطلاق النار في كل أنحاء البلاد، والبدء بدمج المؤسسات السيادية المنقسمة، فضلا عن إنشاء مجلس أعلى للمصالحة الوطنية يضم ممثلين عن جميع الأطراف الليبية، مع التزام حكومة الوفاق بتوفير جميع الخدمات لليبيين بعيدا عن انتمائهم السياسي، إضافة إلى دعم الدينار الليبي وحل مشكلة السيوسلة في البلاد.
وأكد السراج، خلال كلمته التي قال إنها موجة إلى جميع الليبيين، أن حكومة الوفاق الوطني ليس طرفاً في الصراع ولم تأت لدعم طرف ضد آخر، مشيرا إلى أن مبادرته هي عبارة عن مقترح لاستكمال الاتفاق السياسي والمسار التوافقي وليست بديلاً عنه، كما تعهد بـ»عدم إقصاء أو تهميش أي مواطن في الداخل أو الخارج، سواء معارضي الاتفاق أو مؤيديه، والعمل فوراً على عودة النازحين والمهجرين، ولم الشمل تحت راية الوفاق الوطني الحقيقي»، كما تعهد بوضع استراتيجية شاملة للدفاع والأمن القومي وتوحيد المؤسسة العسكرية وإخضائعها للسلطة المدنية التنفيذية، مع مراعاة مبدأ الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة.
وأثارت مبادرة السراج ردود فعل متفاوتة في ليبيا، حيث سارع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى رفضها، حيث قال لإحدى القنوات المحلية «لن نسمح بإجراء انتخابات أو مقترحات قبل صدور دستور ينظم شكل الدولة»، فيما اعتبر عضو المجلس أبو بكر بعيرة أن المبادرة «عبارة عن تحريك للمياه الراكدة فقط وستنتهي في مدة قصيرة».
فيما لم يصدر موقف رسمي من رئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، وقال عضو المجلس منصور الحصادي إن أعضاء المجلس بصدد التشاور حول مبادرة السراج، مشيرا إلى أنه سيتم إعلان موقف رسمي حولها يتضمن مقترحات جديدة خلال الساعات المقبلة.
وكتب إبراهيم قرادة سفير ليبيا السابق في السويد على صفحته في موقع «فيسبوك»: « في كل الأحوال، فطرح المبادرة وخارطة الطريق خطوة ضرورية لكسر حالة الجمود السلبي وتقهقر الأوضاع المعيشية والسياسية، ولتحريك تفاعل لعلنا نتشارك في مخرج ينقذ الوطن. فقط، وللجميع التنازل للوطن وترك المكاسب الضيقة المتبخرة هو كسب لنا كلنا. المبادرة وخارطة الطريق هي مشروع إنساني وسياسي يفترض أنه قابل للنقد والتطوير فيهما، أو تقديم بديل يتضمن الشروط، مع عدم إهمال عامل الزمن، إلا إذا كان استمرار الحال هو المطلوب».
فيما اعتبرت خبيرة القانون الدستوري د.عزة المقهور أن مبادرة السراج غير مكتملة وتحتاج لوضع آلية لتنفيذها على أرض الواقع، وأضافت في تصريحات صحافية «القول بوقف إطلاق النار لا يكفي، بل يجب توضيح هل هذا ممكناً أم لا، و إن كان كذلك، فكيف يكون؟ كيف يمكن لمجلس النواب ومجلس الدولة المتنافرين تشكيل لجان لوضع مقترح قانون انتخابات وتعديل دستوري؟».
وأضافت «لماذا لا تضع الحكومة المشروع وتحيله إلى مجلس النواب وتعرضه للنقاش على عامة الشعب، وحتى وإن لم يعتمد البرلمان الحكومة، فإن هذه الخطوة ستثبت على الأقل جديتها في إيجاد مخرج ورغبتها في تسليم السلطة»، مشيرة إلى أن الحل الأمثل للأزمة القائمة في البلاد هو «تعاون الحكومة بما فيها المجلس الرئاسي مع البرلمان لإنهاء وجوديهما معا والإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية مقبلة».