
يروي الدكتور محيي الدين عميمور، المستشار السابق للرئيس هواري بومدين، في كتابه “أنا وهو وهم”، قصة لقاء بين الرئيس الراحل هواري بومدين والرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة في جزيرة جربة التونسية. سأل بورقيبة بومدين عن سبب عدم اهتمام الدولة الجزائرية بقطاع السياحة وتنميته، كان رد الرئيس بومدين أن السياحة تجلب أموراً غير أخلاقية، تلك كانت نظرة دولة محافظة ومتسلحة بريع النفط لقطاع اقتصادي تبنته دول كثيرة كمحرك رئيس لاقتصادياتها، على صعيد تشغيل تدفق السياح للفنادق ووسائل النقل والصناعات التقليدية والتسويق الثقافي وتحسين الوضع المعيشي للسكان وتطوير البنى التحتية وغيرها، ومورد أول للعملة الأجنبية.
علم النفط الجزائريين الاتكال على عائداته، فاغتال ذلك في الشعب قيمة العمل، وأسقط حكومات البلد في خديعة اقتصادية، فتنكروا للزراعة وقد كانت الجزائر سلة غذاء أوروبا، وللصناعة وقد كان البلد الثوري مشروع يابان أفريقيا، وللسياحة وقد حبا الله الجزائر بـ1200 كيلومتر من السواحل، وبأكثر من مليوني كيلومتر مربع من الصحاري والجبال والأنهار والمدن الأثرية والمغارات والمدن القديمة.
من غرائب البلد الذي حقق معجزات لا تعد في الإخفاق الاقتصادي أن يبقى منصب وزير السياحة شاغراً منذ أكثر من شهر في عز الموسم السياحي، ومن غرائب السياسة في الجزائر أن تجد وزير السياحة الجزائري السابق عمار غول، حين كان يشغل المنصب قبل ثلاث سنوات، يدعو الجزائريين إلى السياحة في تونس. وحين يدعو وزير سياحة مكلف أصلاً بتطوير القطاع السياحي والترويج للوجهة السياحية الجزائرية، مواطني بلده للتوجه إلى بلد آخر لقضاء العطلة، يمكن لنا أن نتصور مستوى البهتان السياسي الذي يعيش في كنفه الجزائريون، وحجم الإخفاق الذي يقود البلد إلى أزمة خانقة، حين يعلق مصيره على مؤشرات سوق النفط.
المصدر: العربي الجديد، 2017/07/11