تقاريرموريتانيا

موريتانيا: مجلس الشيوخ يعلن عن تعليق التشريع ومقاطعة الحكومة

 

أعلنت لجنة المتابعة لمجلس الشيوخ الموريتاني أمس عن مقاطعة المجلس لجميع الاتصالات بالحكومة في ما يخص الأعمال التشريعية، وذلك ضمن جلسة استعرضت خلالها مجريات الأوضاع في المرحلة السابقة مع تقييم النتائج المترتبة على الإجراءات المتخذة في ضوء المهمة المسندة للجنة من قبل المجلس.

وأكد بيان للجنة تلقت «القدس العربي»، نسخة منه «أن مقاطعة الحكومة وتعليق العمل التشريعي سيتواصلان إلى حين محاسبة وزير التعليم سيدي ولد سالم على الإساءات في حق المشرعين الموريتانيين ممثلين في أعضاء مجلس الشيوخ، وامتثال جهاز الدرك الوطني للقرار الصادر عن مجلس الشيوخ بالإيقاف التام للمتابعة في حق الشيخ محمد ولد غده، وذلك عبر إعادة كل المحجوزات التي ما زال الدرك يرفض تسليمها للشيخ الموقر، بما في ذلك السيارة والهاتف، في خرق وتحد سافرين لقرار مجلس الشيوخ بهذا الخصوص».
وأعلن المجلس عن «بدئه إجراءات الطعن لدى المجلس الدستوري، في القانون الاستفتائي الذي ستقدمه الحكومة للاستفاء الشعبي المقرر في الخامس آب/أغسطس المقبل وذلك قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية.»

وكشف المجلس في بيانه عن « فتح تحقيق في إنفاق ما يسمى اللجنة المستقلة للانتخابات ما يناهز الملياري أوقية من أموال الشعب رغم انتهاء صلاحيتها واستحالة التجديد لها، فضلاً عن كون المسار الانتخابي المتعلق بالاستفتاء لاغياً دستوريا وغير مبرر سياسيا ولا يخدم السلم والاستقرار ولا تعزيز الديمقراطية»، حسب تعبير المجلس.

وأكدت مصادر صحافية محلية «أن الشيوخ يستعدون لخطوتين من أجل التمسك بإسقاط التعديلات الدستورية التي صوتوا ضدها نهاية شهر مارس الماضي، أولاهما توجيه رسالة إلى رئيس الجمهورية تطالبه بالتراجع عن الاستفتاء على تعديلات دستورية سبق أن أسقطها المجلس، والثانية التقدم بطعن لدى المجلس الدستوري في المسار الذي سلكه النظام من أجل تعديل الدستور، بالقول إنه يتجاوز الباب الحادي عشر من الدستور المخصص للتعديلات».

وتوضح الخطوتان، حسب تحليلات لموقع «صحراء ميديا» الإخباري المستقل، «أن الأيام المقبلة ستحمل مواجهة ساخنة بين الشيوخ والحكومة، امتداداً لأزمة بدأت منذ عدة أشهر ومرت بعدة مراحل انتهت بالمواجهة المباشرة».

وذهبت «صحراء ميديا»، إلى «أن الوضع سيتعقد عندما تكون الحكومة مجبرة على المرور بغرفتي البرلمان، بما فيهما مجلس الشيوخ، للمصادقة على تمويل الاستفتاء الشعبي، ما يعني أن الشيوخ ستكون لهم الكلمة الأخيرة في ما يتعلق بتمويل هذا الاستفتاء الذي تريد منه الحكومة تجاوز تصويتهم الماضي والمصادقة على تعديلات دستورية تلغي مجلس الشيوخ بكامله».

يذكر أن علاقة مجلس الشيوخ الغرفة العليا بالبرلمان الموريتاني، ساءت بالرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد رفض الغرفة تعديلات دستورية تقدم بها الرئيس وعبأ لها.

وجاء قرار رفض التعديلات مفاجئاً للرأي العام المحلي وللسلطة بالنظر إلى أن الحزب الحاكم يتمتع بغالبية في مجلس الشيوخ.

وجاءت ردة فعل الرئيس الموريتاني غاضبة وصارمة حيث أعلن في مؤتمر صحافي أخير حول الموضوع «أنه لن يترك 33 شيخاً يختطفون البلد».
وذهب الرئيس إلى حد التشكيك في شرعية المجلس حيث قارن عدد أصوات الرافضين بعدد المصوتين لصالح التعديلات في الجمعية الوطنية التي اعتبرها شرعية في حين قال إن مجلس الشيوخ هيئة منتهية الصلاحية، وأمر الرئيس بالتحضير لاستفتاء شعبي يريد من خلاله تمرير التعديلات، ولا يتفق فقهاء القانون الدستوري على مشروعية هذا الاستفتاء.

وتسمح التعديلات المقترحة بتغيير ألوان علم البلاد، وإلغاء محكمة العدل السامية، وإلغاء مجلس الشيوخ، وإنشاء مجالس إقليمية لم تتحدد طبيعتها بعد، ويبدي البعض قلقاً من أنها قد تشجع صراع القبائل والجماعات، فيما يقول أنصار السلطة إنها ستكون أداة تنمية.
وواجه مشروع التعديلات الرفض في أوساط المعارضة، كما أنه لا ينال أيضا رضا قطاع واسع من النخبة المثقفة، لكن يعتقد متابعون أنه في مقدور السلطة تمرير التعديلات بغالبية أصوات المقترعين في حال عرضها في استفتاء وهو أمر متوقع نظراً لتحكم السلطة في آليات تنظيم الاستفتاء ولاحتمال أن تقاطعه المعارضة.

وتؤكد هذه التجاذبات أن موريتانيا مقبلة على صيف حار جداً حيث يصر الرئيس على فرض تعديلاته عبر الاستفتاء ويصر معارضوه على إظهار عدم دستورية ذلك.

وسيكون هذا التجاذب شاغلاً وطنياً للجميع طيلة السنتين اللتين تفصلان عن الانتخابات الرئاسية لعام 2019 التي يفترض أن ينتخب فيها رئيس آخر غير الرئيس الحالي ضمن اقتراع غير مجمع حتى الآن على آلياته وأدواته، وهو ما قد يدخل البلد في حالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار.

المصدر: القدس العربي، 2017/06/23

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق