
تلعب جبهة البوليساريو بالورقة الاقتصادية في النزاع الصحراوي وتدفع الى خلق توترات دولية للمغرب مستندة الى قرارات دولية، خاصة اوروبية، في التعاطي مع الثروات الطبيعية في المنطقة المتنازع عليها، واهمها الثروة السمكية والفوسفات.
واذا كانت الثروة السمكية، قطاعاً يهم الاوروبيين بالدرجة الاولى، بحكم القرب الجغرافي، فان الفوسفات تهم دولاً بعيدة جداً جغرافياً عن النزاع، تمتد من نيوزيلندا الى امريكا اللاتينية، لكن الجبهة التي تسعى لانفصال الصحراء الغربية عن المغرب واقامة دولة مستقلة عليها، تأخذ من قرارات الاتحاد الاوروبي المتعلقة بالتعاون مع المغرب في ميدان الصيد البحري، وتمييز الصحراء عن المغرب، مرجعية في ملاحقة الفوسفات المغربي، مدعومة من دول تستقبل موانئها السفن المحملة هذه الفوسفات الى البلد المستورد، ليطغى البعد السياسي على الملاحقة وتغييب البعد القانوني.
وأحالت المحكمة العليا في جنوب افريقيا الخميس قضية حجز شحنة من الفوسفات المغربي مصدرة الى نيوزيلاندا إلى الحكم في الموضوع، مؤكدة الطابع «المعقد» و «الدولي» للملف الذي فتحه قاض جنوب افريقي أمر في ايار/ مايو الماضي بحجز شحنة من الفوسفات آتية من فوسبوكراع، من خلال التوقيف المؤقت للسفينة في بورت إليزابيث وذلك بطلب وجهته جبهة البوليساريو الى قاض جنوب إفريقي.
القرار مرفوض جملةً وتفصيلاً:
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية أن القرار الذي أصدرته محكمة جنوب إفريقيا حول حجز سفينة الفوسفات، «يكتسي طابعاً سياسياً محضاً» وقال مصطفى الخلفي اول امس الخميس، إن «القرار مرفوض جملةً وتفصيلاً كما أنه مدان، فموقف المغرب موقف سليم» مشدداً على أن «حالة جنوب إفريقيا حالة مخالفة للقانون الدولي وتكتسي طابعاً سياسياً محضاً»، وأن المغرب «سيتصدى لذلك بالحزم المطلوب».
واعلنت مجموعة المكتب الشريف للفوسفات، رفضها لقرار محكمة جنوب إفريقيا إحالة ملف حجز سفينة «تشيري بلوسوم» للحكم في موضوع الدعوى، مبرزة أن هذا القرار يتعارض بشكل تام مع حكم المحكمة البنامية، التي أعلنت عن عدم الاختصاص حول نفس الموضوع الذي يكتسي طابعا سياسياً بحتاً.
وقالت انه على اثر الاستئناف الذي قدمته جبهة البوليساريو تجاوزت المحكمة الجنوب إفريقية المحلية صلاحياتها وقررت إحالة ملف القضية للحكم في موضوع الدعوى.
وأعربت المجموعة في بلاغ ارسل لـ»القدس العربي» عن استغرابها لهذا القرار الذي يتذرع «بتعقيد» موضوع يندرج مع ذلك ضمن مسلسل دولي متواصل، وقالت إن القرار يتعارض تماماً مع قرار المحكمة البانامية التي قضت بعدم الاختصاص في الموضوع ذي الطبيعة السياسية البحتة.
وافرجت محكمة بنمية، بعد احتجاز لمدة 5 ايام، عن شحنة فوسفات مغربية كانت على سفينة تحمل شحنة الخام من شركة المكتب الشريف للفوسفات إلى شركة أجريوم الكندية يبلغ حجمها 55 ألف طن احتجزت يوم 18 ايار/ مايو حين مرورها عبر بنما متجهة إلى ميناء فانكوفر بأمر من محكمة مختصة بقضايا الملاحة البحرية بسبب طعن على قانونيتها من جبهة البوليساريو.
بنما رفضت دعوى البوليساريو:
وقالت المحكمة في بنما انها رفضت دعوى جبهة البوليساريو لأنه لا يوجد دليل على أن الشحنة مملوكة للجبهة وقضت بأنها كمحكمة محلية ليست مختصة بالنظر في قضايا سياسية كما قضت بأنه لا يوجد دليل على أن الشحنة مملوكة للمدعين.
وأكدت مجموعة المكتب الشريف للفوسفات رداً على قرار محكمة جنوب افريقيا أن هذا القرار لا يعالج لا موضوع ولا جوهر القضية بل يتدخل في مسار مسلسل دولي متواصل تحت إشراف الأمم المتحدة، وذلك خلافاً لقرار المحكمة البانامية الصادر في 5 حزيران/ يونيو 2017، والذي قضى بعدم اختصاصها قضائياً للنظر في موضوع الدعوى، احتراماً للمسلسل الدولي الجاري.
ونددت المجموعة باستغلال محكمة محلية من طرف المدعين كهيئة لتسوية ملف سياسي يشرف عليه مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة. وأضافت أن جبهة البوليساريو، من خلال محاولتها مباشرة خطوة من هذا القبيل في أعقاب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الصادر عقب دعوة أمينها العام إلى الانخراط في استئناف المحادثات بحسن نية ودون شروط مسبقة بدعم من المجتمع الدولي، تثبت رغبتها في الإضرار بالسير العادي للمسلسل الجاري تحت إشراف مجلس الأمن الدولي وبالتنمية السوسيو-اقتصادية في المنطقة.
وتمثل مجموعة المكتب الشريف للفوسفات، باعتبارها أول مشغل خاص في المنطقة، عاملاً جوهرياً في التنمية الاقتصادية بها. وتباشر المجموعة عملياتها وأنشطتها في تطابق تام مع القانون الدولي وخاصة الإطار التطبيقي للأمم المتحدة بشأن استغلال الموارد الطبيعية كما تبرز ذلك تقارير تدقيق الحسابات والآراء القانونية الدولية المستقلة.
وتشغل فوسبوكراع نحو 2200 متعاون، 76 في المائة منهم يتحدرون من المنطقة، ويعمل هذا الفرع الذي تمتلكه مجموعة المكتب الشريف للفوسفات بنسبة 100 في المائة، بشكل فعال لفائدة التنمية البشرية والصناعية المحلية بفضل إعادة استثمار منتظمة لمجمل أرباحها المحققة. وتتجسد إعادة الاستثمار على الخصوص في تشييد البنيات التحتية الدائمة بالمنطقة واستثمارات كبيرة في مجال التعليم و البيئة.
وتتجلى هذه الجهود المبذولة لصالح التنمية السوسيو-اقتصادية بالمنطقة من خلال مسار المسؤولية الاجتماعية والتطابق الذي يستجيب في الوقت ذاته للقوانين المغربية الجاري بها العمل والمعايير الأكثر صرامة للأمم المتحدة. وتولي مجموعة المكتب الشريف للفوسفات، الرائدة على الصعيد الدولي والملتزمة بالتنمية الزراعية في إفريقيا وفق مسار للشراكة جنوب-جنوب، أهمية كبرى لاستمرارية عملياتها، وتكافؤ الفرص في مجال التشغيل، وخدمة أرباح عملياتها للجهة والساكنة المحلية، حيث يعتبر فوسبوكراع نموذجاً بليغاً في هذا الشأن.
وبالنسبة للمغرب يمثل إنشاء مؤسسة فوسبوكراع سنة 2014 دليلاً على هذا الالتزام لفائدة الفلاحة المستدامة، والتنمية البشرية من خلال الصحة والتعليم وازدهار المنطقة والتأكيد على الدفاع بإصرار وحزم عن مصلحة الساكنة المحلية ومستخدميهما ومتقاعديهما وزبنائهما والفلاحين.
البوليساريو يرحب باحتجاز السفينة:
واكدت جبهة البوليساريو ان القرار الصادر من المحكمة العليا بجنوب افريقيا والقاضي باحتجاز حمولة الفوسفات القادم من الصحراء «بطريقة غير قانونية يعتبر اعترافاً دولياً بعدم شرعية استغلال الموارد الطبيعية للصحراء الغربية من جانب اي طرف ما لم يستشر الصحراويين.
وجاء في بيان للجبهة ان المحكمة العليا في جنوب أفريقيا أصدرت الخميس قراراً بشأن مراجعة الامر حول احتجاز حمولة الباخرة التي اشترتها شركة الأسمدة النيوزيلندية «بالانس أغري-نوترينتس ليميتد»، من الفوسفات الصحراوي بطريق غير شرعية و تم تصديرها من الصحراء الغربية في نيسان/ أبريل 2017 عبر جنوب افريقيا الى نيوزيلندا، وتقدر قيمتها ب: 000 54 طن اي ما قيمته 7 ملايين دولار، حيث أكدت المحكمة صحة الامر الذي «تم اتخاذه بناءً على أسس سليمة وادلة متوفرة وعليه تضيف المحكمة فان الدعوة المقدمة الى القضاء الجنوب افريقي بشأن حقوق وملكية حمولة الباخرة، من المقرر النظر فيها قريبا».
وقالت الجبهة ان المحكمة العليا لجنوب افريقا قدمت «ملاحظات بشأن صحة القضية وفقا للقانون الدولي عموما والقرارات الأخيرة الصادرة عن محاكم أخرى رفيعة المستوى، بما في ذلك محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي والمحكمة العليا للمملكة المتحدة. موضحة أن «المغرب ليست له السيادة على الصحراء الغربية وان «التواجد المغربي في الصحراء الغربية لا يعني السيادة عليها».
وأوضحت انها من خلال فريقها القانوني في جنوب أفريقيا، تتطلع لكسب نتائج إيجابية من الأطراف المعنية بقضية السفينة نيم شيري بلوسوم، وان مسألة تحرير الحمولة والسماح للسفينة باستئناف طريقها مرتبط باقتراح طرح بديل او استبدال قيمة أخرى لضمان قيمة الحمولة وهذا لم يحدث بعد من قبل أي طرف بما في ذلك شركة بالانس أغري-نوترينتس أو اي مستأجر اخر للسفينة.
واعتبر امحمد خداد المسؤول في الجبهة عن ملف الموارد الطبيعية «إن النتيجة المحصل عليها في جنوب أفريقيا تتفق تماما مع القانون الدولي وعدد متزايد من القرارات الأخيرة من قبل المحاكم المعروفة. و ان المبادئ الأساسية واضحة بما فيه الكفاية، ولا يمكن تفسيرها و لا تأويلها بعد الآن. وان النتيجة التي خلصت إليها المحكمة العليا بشأن الحقائق المعروفة، وهي ان «الاطراف التي تستفيد من تعدين الفوسفات ليست هي المالك الشرعي لتلك الثروات» وأن النتيجة في جنوب أفريقيا يجري بحثها لتطبيقها في أوروبا بالموازاة مع قرار الاستئناف الصادر عن محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي (وهو القرار الذي اعتمد في قضية جنوب أفريقيا).
المصدر: القدس العربي، 2017/06/17