
قد يكون من السابق لأوانه البحث في هذا السؤال الافتراضي، والارجح أن صمت وغياب سيف الاسلام بعد الاعلان المفاجئ عن اطلاق سراحه ما يؤكد المخاوف من امكانية استهدافه وتعرضه للانتقام من اعداء القذافي ممن قد يرون فيه عودة لنظام وسلطة الفاتح من سبتمبر..
الحديث عن دور لسيف الاسلام القذافي في المشهد الليبي لم يبدأ مع خبر اطلاق سراحه بعد ست سنوات قضاها خلف القضبان ولكنه سبق ذلك بكثير وقد ظل اسمه يتردد في عديد الاوساط الليبية وغيرها بين الذين اعتبروا ان اقصاء قبيلة القذاذفة من المشهد الليبي لن يساعد في تجاوز الازمات المعقدة في هذا البلد ..
قرار إطلاق سراح سيف الاسلام القذافي اتخذ من قبل كتيبة «أبو بكر الصديق» بموجب قانون العفو العام، وهو أمر لا يبدو أنه يحظى بقبول كافة الأطراف الليبية ومن بينها المجلس العسكري والبلدي لمدينة الزنتان والذي ندد بالقرار واعتبره خيانة لدماء الشهداء.. ولعل هذا ما يفسر التكتم الشديد قبل إعلانه للعموم والذي تم بعد مغادرة سيف الاسلام منطقة الزنتان، ولكن ايضا ما رافق ذلك من تعتيم بشأن وجهته الجديدة لتتواتر بذلك التكهنات بين من يؤكد وجوده في مدينة بني وليد ومن يتحدث عن مغادرته الى الجزائر..
قد يكون من السابق لأوانه اليوم الحديث عن عودة لسيف الاسلام الى المشهد السياسي المعقد في بلد تتقاسمه الجماعات المسلحة وتحكمه ثلاث حكومات متنافسة واقعة تحت تأثير قوى اقليمية ودولية متنفذة في المنطقة… لكن لا بد من الإشارة إلى أن في تجربة اليمن ما يؤكد عبثية هذا الخيار: فقد كانت عودة الرئيس السابق علي عبد الله صالح كارثية على هذا البلد وزادته انقساما على انقسام ودفعته الى الغرق في اتون حرب أهلية دامية ومدمرة..
عودة سيف الاسلام المدان في نظر الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في هذه المرحلة الى المشهد السياسي الليبي ستكون بمثابة الانتحار العاجل وستدفع به الى نهاية قد تتجاوز نهاية والده في بشاعتها والاكيد أن ليبيا لم تصل بعد الى تحقيق مرحلة المصالحة المنشودة التي تستوجب الكثير من الشروط لتجاوز حالة الشك والريبة والخوف التي تسيطر على الليبيين وتعزز الرغبة في الانتقام والتشفي..
قد يكون لسيف الاسلام طموحات سياسية عريضة وهو الذي كان يمني النفس بخلافة ملك ملوك افريقيا ويحمل مشروعه السياسي المتنقل عبر العواصم الغربية من باريس الى لندن وجنيف التي كانت تستقبله استقبال الزعماء وتفتح امامه اجوائها وبنوكها لاحتضان وتامين الاموال الليبية المتأتية من النفط الليبي الذي تحول الى نقمة على ليبيا، ولكن الارجح ان عليه اليوم التحكم في طموحاته فقد يكون الاوان لم يحن بعد للعودة الى المشهد السياسي في وقت لم يندمل فيه الجراح ولم يشفى الليبيون من مخاطر الانقسامات والصراعات …
والعكس ايضا قد يكون امرا واردا ولكن ثمنه قد يكون اكبر من كل التوقعات..
آسيا العتروس
المصدر: الصباح: 2017/06/13