
خرج آلاف من سكان منطقة الحسيمة/ شمال المغرب، السبت، مواصلين حراكهم الاحتجاجي المندلع منذ تشرين الاول/ اكتوبر الماضي وانطلقت الاحتجاجات بمسيرة حاشدة جابت شواع مدينة الحسيمة تطالب برفع «العسكرة عن مناطق الريف» وإنهاء مسلسل «الحكرة» بالمنطقة بأسلوب جديد في الاحتجاج عبر ضرب الطناجر، واستعمال أضواء الهاتف خلال التجمع الحاشد الذي أقامه النشطاء في الساحة العمومية بمدينة الحسيمة.
وبدأ المتظاهرون يجوبون الشوارع وسط المدينة مصدرين أصواتا عالية بالضرب على الأواني وغيرها من أدوات المطبخ أمام المقاهي والمحلات، قبل القيام بمسيرة داخل المدينة والتجمع في إحدى ساحاتها وندد المتظاهرون بالأوضاع الإجتماعية المتردية التي تعيشها مناطق من الريف ورددوا شعارات «لا للعسكرة» و»لا للذل»، وأقيم التجمع دون وقوع حوادث، ولم يكن ظهور الشرطة ملحوظاً.
واندلعت الاحتجاجات في الحسيمة بعد مقتل بائع السمك محسن فكري (30 عاما) في أواخر أكتوبر 2016 في شاحنة لنقل النفايات بينما كان يحاول إنقاذ بضاعة له صادرتها الشرطة وأثار ذلك موجة غضب عارمة في الحسيمة حيث خرج الآلاف في تظاهرات، لا تطالب بكشف ملابسات موته فحسب، بل للمطالبة أيضا بوظائف وبنى تحتية.
ويعتبر قرع الأواني، أو ما يعرف بـ«كاسيرولاسوس»، كشكل احتجاجي من أصل أمريكو-لاتيني، ويتم من خلاله التظاهر بقرع الأواني تعبيراً عن الاستياء من موقف أو سياسة ما. وعمم وسم «#طن_طن» عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تعبيراً عن هذا الشكل الاحتجاجي، وهو ما تم التفاعل معه من طرف «فيسبوكيين» من المنطقة من خلال تدوينات.
وجاء في التدوينات «قرع الأواني لإحداث ضجيج أسلوب راقي وحضاري للتعبير عن الرفض لسياسة الحصار التي ينهجها النظام السياسي القائم ضد أبناء الريف… ومن الأفضل أن تستمر حتى يرفع الحصار القمعي عن الريف وذلك بشكل يومي»، بينما عبّرت تدوينة أخرى عن أن «قرع الأواني فكرة جيدة، تقنية احتجاجات من أمريكا اللاتينية في الريف المغربي.. نعم، اقرعوا الأواني أيضا في وجه الإعلام الرسمي تذكيراً .. ربما يخجل و»يحشم على وجهه» ويتكلم على حراك الريف والقمع الذي يتعرض له بدل الأوضاع في فينزويلا». وقال آخر: «قرع الأواني المطبخية رسالة لمن بآذانهم وقر، بما أنهم لا يريدون سماع لغة البشر فليسمعوا أصوات «إقنواش» (الأواني)».
وتأتي مسيرة «قرع الأواني» بعد عدد من الأشكال الاحتجاجية الأخرى بالحسيمة، تمثلت في مسيرة الشموع»، مسيرة الورود، ومسيرة 8 مارس للمرأة، ثمّ مسيرة الأكفان.
وهاجم نشطاء الحراك، الدولة بشعارات منددة بمقتل «محسن فكري» ورفعوا شعارات «محسن مات مقتول والمخزن هو المسؤول»، «هذا الريف وحنا نساو والمخزن يجمع راسو»، و»باراكا باراكا من الرشوة ومن الفساد» وطالبوا المحتجون بإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين اعتقلوا منذ حراك عشرين فبراير عام 2011. وأمام الجماهير الحاشدة التي ملأت الساحة قال ناصر الزفزافي الناطق باسم لجنة «الحراك بالريف»، الذي تحول إلى رمز الحراك الشعبي في الحسيمة، إنهم أقسموا ألا يتراجعوا «إن الشعار الذي يؤطر الحراك هو إما أن نعيش بكرامة وإما أن نموت بكرامة».
وأكد أن هناك ملفات اجتماعية وحقوقية يجب على الدولة أن تستجيب لها الدولة لأنها هي “التي همشت الريف طيلة ستين سنة الاخيرة» وأن «الدولة لا تريد الاستجابة لمطالب السكان، لهذا نحن نؤمن بالنفس الطويل للحراك “.
وأعلن الزفزافي أن الحراك يستعد لمليونية حاشدة، مشيراً إلى أن قوة الحراك تتمثل في سلميته، بالرغم من وجود «بلطجية تدعمهم الدولة».
وقال إن «الدولة تعمل على اخافة الناس بكوننا عملاء للجزائر، وانفصاليين، ونحن نقول إن النظام الجزائري نظام ديكتاتوري فاشي وارهابي، أما الشعب الجزائري فمنا له تحية خاصة»، مضيفا أن «المعركة مستمرة لشيئين: اولاً، لأننا احفاد الصناديد، ثانياً، أقسمنا لله الواحد الأحد الا نتراجع» مهاجماً الأحزاب السياسية والمنتخبين الذين شاركوا في اجتماع سابق بتنسيق مع وزارة الداخلية، ووصفهم بـ»الدكاكين السياسية التي تستجيب للسلطة»، مؤكداً على أن الحراك لن يتوقف بمثل هذه الممارسات.
المصدر: القدس العربي، 2017/05/08