
نظمت حركة تقرير مصير منطقة القبائل تظاهرة في مدينة تيزي وزو ( 120 كيلومتراً شرق العاصمة الجزائرية) تظاهرة حاشدة أمس الخميس بمناسبة الذكرى الـ37 لأحداث الربيع الأمازيغي، إذ جاب أنصار الحركة التي يقودها الانفصالي فرحات مهني شوارع وأحياء مدينة تيزي وزو رافعين شعارات مطالبة بانفصال منطقة القبائل، من دون أن تتدخل السلطات لمنع هذه التظاهرة، حتى وإن كان رئيس الوزراء عبد المالك سلال قد أكد قبل يومين أن منطقة القبائل جزء لا يتجزأ من الجزائر، وحذر الانفصاليين الذين يعملون على بت الشقاق والفرقة بين الجزائريين.
وكان أنصار حركة فرحات مهني قد دعت إلى تظاهرة بمناسبة ذكرى أحداث الربيع الأمازيغي، التي شهدت أول قمع ممنهج على خلفية مطالب لها علاقة بالهوية الأمازيغية، والتي كانت شرارتها هي منع السلطات محاضرة للكاتب والمفكر مولود معمري، لتشتعل بعدها المنطقة، وتتدخل السلطات بقمع المتظاهرين، ما أوقع قتلى وجرحى بالإضافة إلى الاعتقالات.
وانطلقت التظاهرة كالعادة من أمام جامعة حسناوة نحو وسط مدينة تيزي وز مروراً بمستشفى وملعب المدينة، حيث تجمع المتظاهرون بعدها أمام مقر البلدية القديم، رافعين شعارات مطالبة باستقلال منطقة القبائل، من دون أن تعترض قوات الأمن طريق المتظاهرين، مكتفية بمراقبة التظاهرة من بعيد، وهو ما دأبت عليه منذ سنوات.
ويأتي استعراض القوة الذي قامت به حركة الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل يوماً واحداً بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء عبد المالك سلال على هامش زيارة العمل التي قادته الأربعاء إلى ولاية وهران (400 كيلومتر غرب العاصمة) والتي تحدث فيها عن الربيع الأمازيغي، مؤكداً على أنه دليل على أن الجزائريين دفعوا ثمنا غاليا دفاعا عن مقوماتهم وهويتهم.
وأثنى رئيس الوزراء الجزائري على ما سمّاه التنوع الثقافي الذي تزخر به الجزائر، معتبراً إياه ثروة حقيقة، مشدداً على أن الشاوية والقبائل وبني سنوس والزناتة وبنو ميزاب كلنا أمازيغ عازمون على حماية هذه الثروة، والحفاظ على وحدة بلادنا مهما كان الثمن، لأن كلاً من عروبتنا وأمازيغيتنا وإسلامنا تجعل منا رجالاً أحراراً.
واعتبر أن الإرادة السياسية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة سمحت، عبر مسعى المصالحة الوطنية ومراجعة الدستور، بتحرير قضايا الدين والهوية واللغة من مستنقع المزايدة السياسي والارتقاء بها بعد تثبيتها في الدستور إلى الفضاء الأكاديمي والعلمي، لتمكين أهل الاختصاص من تناولها بموضوعية تخدم وحدة الشعب ومصالح البلاد.
جدير بالذكر أن ربيعا أمازيغيا ثانيا سنة 2001 اندلع بعد مقتل الشاب ماسينيسا قرماح داخل ثكنة تابعة للدرك الوطني، لتشتعل بعدها المنطقة قرابة سنتين، واندلعت تظاهرات وأعمال شغب ومواجهات مع قوات الأمن، وسقط أكثر من 100 ضحية من المتظاهرين خلال تلك المواجهات، وكان الرئيس بوتفليقة قد بادر سنة 2002 بتعديل دستوري، بهدف دسترة الأمازيغية كلغة وطنية إلى جانب العربية، وفي التعديل الدستوري الأخير سنة 2016 أصبحت الأمازيغية لغة رسمية أيضا، الأمر الذي أخرج المطالب المتعلقة بالهوية الأمازيغية من النقاش السياسي، وحتى الأحزاب التي طالما رافعت لصالح الأمازيغية لم تعد تستطع وضعها في صلب استراتيجيتها، ويكفي ما قاله قبل أيام سعيدي سعدي الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي طالما دافع عن الأمازيغية، عندما اعتبر أن لا أحد كان يتخيل أن يأتي يوم تكتب فيه الملصقات الانتخابية لحزب جبهة التحرير الوطني بالأمازيغية وبحرف التيفيناغ.
أما الحركات الانفصالية المتهمة بأنها ممولة من جهات أجنبية فتستثمر في المشاكل الاجتماعية، خاصة في ظل ارتفاع نسبة البطالة في منطقة القبائل، من أجل استقطاب متعاطفين، وإقناعهم أن المشكل هو ارتباطهم بالجزائر وأن الحل هو في الانفصال، مع أن الغالبية العظمى من سكان منطقة القبائل لا توافق على هذا الطرح.
المصدر: القدس العربي، 2017/04/21