المغربتقارير

ملك المغرب يطالب الدول العربية بمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس سلبا على استقرارها

 

        حذر العاهل المغربي الملك محمد السادس من تحديات حقيقية تواجه الدول العربية في الميدان الاقتصادي والاجتماعي تنعكس سلباً على استقرار هذه الدول وقال إن البلدان العربية تواجه تحديات حقيقية ومتشابكة في ضوء التطورات الجيواستراتيجية واستمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية وعدم استقرار الأسعار العالمية للسلع الأساسية.

وأضاف الملك المغربي في رسالة للدورة الخامسة للاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية، التي تعقد بالرباط بمشاركة 350 شخصية عربية، ووزراء ومحافظي البنوك المركزية للدول المشاركة، أن التطورات التي تواجه المنطقة تزيد من صعوبة ضبط التوازنات المالية وتضاعف من التحديات المرتبطة بالاستقرار الاقتصادي، كما تؤثر على تحقيق النمو الشامل والمستدام.

وقال ان تقديرات النمو في الدول العربية مازالت، رغم تحسنها النسبي، دون المستويات المطلوبة لمواجهة ارتفاع معدلات البطالة، وخاصة في فئة الشباب ودعا الى «الاهتمام بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير فرص الشغل للشباب، والنهوض بالمرأة والعالم القروي، والحد من الفقر والهشاشة، وتأهيل الموارد البشرية القادرة على رفع التحديات التنموية والأمنية» انها «كلها رهانات يجب أن تشكل أولوية لدى هيئاتنا المالية في السنوات القادمة».
وشدد العاهل المغربي على أن «الرأسمال البشري، علاوة على الرأسمال غير المادي، هو الثروة الحقيقية لبلداننا، التي يجب جعلها في صلب أولويات السياسات العمومية، اعتبارا لأدوارها الأساسية المتزايدة في تحقيق التنمية، وفي توسيع الإشعاع الحضاري للشعوب» ودعا الهيئات المالية العربية «لمضاعفة جهودها في تشجيع الاستثمارات العربية البينية، لدورها في تلبية احتياجات التنمية المستدامة، وتحفيز القطاع الخاص، باعتباره محركاً أساسيا للتنمية، ومنتجاً للثروات».

وأكد أن «دعم الجهود التنموية للبلدان الإفريقية، يجب أن يبقى ضمن أولويات عملنا العربي المشترك، وأن يشكل نموذجاً حقيقياً للتعاون جنوب – جنوب»، ونبه إلى أن المغرب حريص على استثمار رجوعه للإتحاد الإفريقي في «تقوية التعاون العربي الإفريقي، وتعزيز الاندماج الإقليمي»، مع استمرار التزامه «بتفعيل العمل العربي المشترك».

من جهة اخرى قدم المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التابع لمجموعة البنك الدولي، تقريراً حول «اقتصاديات إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، طرح لنقاش في الرباط شاركت به شخصيات ومفكرون اقتصاديون.

وأفاد التقرير بأن معدل النشاط الاقتصادي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقي منخفضاً بين سنتي 2013 و2015 بنسبة 2.4 في المائة في المتوسط، أي ما يعادل نصف معدل النمو السنوي الذي تحقق خلال العقد الأول من القرن الحالي وأن هذا الوضع يرتقب أن يتحسن بعد سنة 2017، بارتفاع معدل النمو إلى أكثر من 3 في المائة في سنتي 2018 و2019، أن هذا «النمو وإن كان يقل عن إمكانات المنطقة، فإنه يبعث على الأمل». وأبرز التقرير أن ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب والنساء، هي عوامل ضمن أخرى أدت إلى اندلاع ثورات الربيع العربي بالمنطقة، تعود بالأساس إلى إنفاق جزء كبير من الفائض الإجمالي المقدر بحوالي 110 مليارات دولار في دعم المواد الأساسية والمحروقات (حوالي 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي) وتسديد الفاتورة الكبيرة لأجور القطاع العام، مقابل إنفاق أقل من ذلك بكثير في مجال الاستثمار.

وقال المفكر الاقتصادي المغربي فتح الله ولعلو، وزير المالية الأسبق إن «المغرب يبقى استثناء مقارنة بعدد من دول المنطقة التي أضعفتها ثورات الربيع العربي»، حيث أن «الجواب المغربي على هذه الاحتجاجات كان متميزاً، كما أن التعديل الدستوري الذي جاء مباشرة بعد الحراك أسهم في استقرار الوضع». وربط ولعلو أسباب اندلاع الربيع العربي بتدهور الأداء الاقتصادي الأوروبي منذ سنة 2000، قبل أن يتفاقم الوضع بعد الأزمة الاقتصادية لسنة 2008، وهو انعكس سلبًا على عدد كبير من دول المنطقة ومنها المغرب؛ وبارتفاع أسعار البترول وانعكاسته الاقتصادية على الدول غير المنتجة للنفط.

وفي علاقة بتأثير المشاكل الكبيرة التي تعيشها دول المنطقة التي أنهكتها الثورة على دول الجوار، أفاد ولعلو بأن هذا التأثير لا يمكن أن يكون مباشرًا، معتبراً أن الفضاء المتوسطي منذ 10 سنوات تأثر بالأزمة الاقتصادية التي ضربت أوروبا، وبعد ذلك بسبب الثورات.

واقترح ولعلو لتتجاوز هذا الوضع بالدول التي تضررت اقتصاداتها بشكل كبير بفعل الثورات، 3 تعاقدات أساسية؛ أولها تعاقد بين الدول الكبيرة لوقف نزيف الحروب بسوريا وليبيا واليمن، وثانيها تعاقد إقليمي لتطويق المواجهات الطائفية، وثالثها تعاقد وطني بهذه الدول يدافع عن الوحدة والهوية الوطنية لخلق قوة تفاوضية تقنع الدول الكبرى بجلب الاستثمارات والمساعدات من أجل إعادة الإعمار.

وشدد شانطا ديفاراجان، رئيس الخبراء الاقتصاديين بالبنك الدولي بجهة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على أن خيار دعم المحروقات ليس حلاً لمواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وعلى رأسها بطالة الشباب والنساء، داعياً إلى التفكير في حلول أكثر واقعية لتجاوز ذلك وأن واحدا من هذه الحلول يبقى إعطاء الأهمية الكافية للقطاع الخاص «الناس تعتقد أن القطاع العام هو أفضل فرصة لضمان عمل؛ الشيء الذي يدفعهم إلى الهروب من القطاع الخاص، وهذا أمر لا يساعد على تنمية الاقتصاد.

واكد ديفاراجان أن الدول التي شهدت توترات وحروب خلال السنوات الماضية تحتاج إلى مئات الملايير من الدولارات لإعادة إعمارها، منبها إلى أن ليس هذا هو الجزء الأصعب من العملية، بحيث يجب تكيف هذه التمويلات مع القدرة الاكتفائية لهذه الدول، مشيرا إلى أن العراق حصلت بعد الحرب التي اندلعت فيها على 60 مليار دولار؛ وهو المبلغ الذي اعتبره كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي كافيا، قبل أن يكشف أن 1.8 فقط منها ما تم استعماله في بناء المؤسسات.

قال عبد الله ساعف، وزير التعليم المغربي الأسبق، إن القطاع الخاص لا يزال ضعيفاً بالمغرب، مضيفاً أن الدولة لا يزال دورها كبيرا في قطاعات كالتعليم حيث ان التعليم بهذه الدول التي شملها التقرير لا يتلاءم مع سوق الشغل، منبهاً إلى أن هناك جدلية بين هذا الأخير وبين قطاع التعليم، على اعتبار أنه كلما كان الاقتصاد قويا يكون التعليم في وضعية جيدة وتكون فرص العمل متوفرة.

وذكّر بأن المغرب سنة 2008 كان يخرج حوالي 120 ألف حامل لشهادات عليا، إلا أن نصفهم فقط من يستوعبهم سوق الشغل، مقابل هجرة جزء من المتبقين وعطالة السواد الأعظم منهم، مؤكداً أن هذه الفئة كان لها دور كبير في تغذية احتجاجات 20 فبراير.

المصدر: القدس العربي، 2017/04/19

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق