رأيموريتانيا

موريتانيا وأزمة تعديل الدستور

 

           تشهد الساحة السياسية الموريتانية هذه الأيام جدلاً حامياً حول الاستفتاء الشعبي الذي قرر الرئيس محمد ولد عبدالعزيز اللجوء إليه بعدما أسقط مجلس الشيوخ في جلسة طارئة وبأغلبية أعضائه التعديلات التي أدخلت على الدستور، وتشمل حل مجلس الشيوخ نفسه والاستعاضة عنه بمجالس جهوية للتنمية في الولايات والمحافظات، وحل محكمة العدل السامية المناط بها محاكمة رئيس الدولة في حال الخيانة العظمي وتغيير النشيد الوطني والعلم.
لقد أربكت خطوة مجلس الشيوخ المشهد برمته، وعقدت حسابات الحكومة، خاصة وأن أغلبية أعضاء هذا المجلس من الموالاة، وسبق التصويت تفاهمات بين الرئيس وعدد من الشيوخ، ولكن مع ذلك رفض المجلس أن يكتب شهادة وفاته بنفسه وآثر الوقوف ضد تعديل الدستور، الأمر الذي دفع الرئيس إلى وصف موقفه هذا ب«غير الأخلاقي» وأعلن أنه لن يرضخ إلى الشيوخ، ولن يسمح بأن يكون المجلس عقبة أمام التعديلات الدستورية، وقرر تفعيل المادة 38 من الدستور والتي تسمح له «باستشارة الشعب في أي قضية يرى أنها ذات أهمية وطنية».
وإزاء هذه التطورات شرعت الحكومة في التحضير للاستفتاء، وصادق مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي على مرسومين، الأول يقضي بحل مجلس الشيوخ، فيما يقضي الثاني بالاستفتاء على تعديل العلم، بإضافة خطين إليه ليعبر عن تضحيات جيل المقاومة للاستعمار.
ويحتدم الجدل بين الحكومة والمعارضة، حول مدى دستورية لجوء الرئيس إلى تفعيل المادة 38 من الدستور التي يرى فقهاء القانون أنها ذات أحكام عامة مقيدة بالأحكام الخاصة الواردة في المواد 99-100و101 وبالتالي لا يمكن اللجوء إليها لتعديل الدستور.

وطالب عدد من المحامين يتقدمهم أربعة نقباء سابقين الرئيس بالتراجع عن الاستفتاء، واصفين المسار الذي اتخذه بأنه انتهاك صارخ لنص وروح الدستور، وذكروا الرئيس بالالتزامات والواجبات التي يمليها عليه الدستور وتفرضها عليه اليمين التي أداها.

واعتبرت المعارضة المنضوية تحت لواء «المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة» (يضم 15 حزباً سياسياً) اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي بمثابة انقلاب جديد على الدستور، وقالت إن تعديل الدساتير يحتاج إلى مستوى من التوافق والتراضي بين كل مكونات المجتمع دون استثناء، وتعهدت بالعمل على إسقاط هذه التعديلات.

ودخل ثلاثة رؤساء سابقون على خط الأزمة وحذروا من خطورة هذه التعديلات وتعهدوا بالنزول إلى الشارع للحيلولة دون إتمامها.
إن الأزمة التي تعيشها موريتانيا، تتطلب من الحكومة والمعارضة الجلوس إلى طاولة حوار وطني يتم التحضير له من قبل الطرفين، ويبحث كافة القضايا الخلافية ويزيل الاحتقان ويفتح أشرعة الأمل للمستقبل، لا سيما وأن الحوار الذي أفضى إلى هذه التعديلات الدستورية، كان مبتسراً لمقاطعة المعارضة له.

فتح العليم الفكي

المصدر: الخليج، 2017/04/05

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق