
قال عبد العزيز رحابي الدبلوماسي الجزائري السابق ووزير الإعلام الأسبق إن حاكم الشارقة أدلى بتصريحات مهينة بالنسبة إلى الجزائريين، لأنها تمس بثورتهم التحريرية، التي تعتبر جزءاً من هويتهم، وهي الأساس الذي قامت عليه الجزائر كدولة، مشدداً على أن حاكم الشارقة يجب أن يعتذر.
وأضاف في تصريحات لـ«القدس العربي» أن كلاماً خطيراً جاء على لسان حاكم الشارقة سلطان بن محمد القاسمي من أن الجزائر حصلت على استقلالها لهدية من الجنرال شارل ديغول ليكسب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، معتبراً أن هذا ليس كلاماً هيناً أو بسيطاً، خاصة وأنه صدر عن مسؤول كبير، وأنه قاله في الخارج، وبالتالي من المتوقع أن تكون هناك ردة فعل رسمية من الطرفين الجزائري والإماراتي، لأنه يمس الجزائريين في شرفهم وفي هويتهم.
وأشار رحابي الى أن الثورة الجزائرية هي الثورة الشعبية الوحيدة في العالم العربي، وهي ثورة دامت أكثر من 7 سنوات وأنها جاءت عقب مقاومات وثورات ضد الاستعمار الفرنسي لم تتوقف طوال 132 سنة، موضحاً أن الجزائريين حاربوا واحدة من أعتى القوى العسكرية في العالم، بأسلحة بسيطة وبعزيمة كبيرة، وسقط خلال تلك الثورة أكثر من مليون ونصف مليون شهيد.
واعتبر المصدر ذاته أن موضوع الثورة حساس كثيراً في الجزائر، لأنه مصدر فخر واعتزاز الجزائريين بكل مشاربهم، وهو الموضوع الذي يعرف إجماعاً بين كل أطياف اللون السياسي، وأن الدولة الجزائرية تستمد شرعيتها من هذه الثورة، لذا لا يمكن الاستهانة بأي تصريح يهدف إلى التقليل من قيمة هذه الثورة، معتبراً أن كلام حاكم الشارقة سلطان بن محمد القاسمي لا يختلف عن خطاب اليمين المتطرف في فرنسا، الذي يعتبر دائماً أن الجنرال ديغول منح الاستقلال إلى الجزائريين، وأنه كان في إمكان فرنسا الاستمرار في احتلالها للجزائر واعتبارها قطعة من الدولة الفرنسية لولا تنازل ديغول عنها، في حين أن الحقيقة مختلفة تماماً، فالجنرال ديغول وبعد سنوات من حرب دامية استعملت فيها كل الأسلحة المدمرة، بما فيها المحرمة دولياً، اقتنع باستحالة مواصلة احتلال الجزائر، خاصة في ظل التكاليف الباهظة لتلك الحرب مادياً وعسكرياً وأخلاقياً وسياسياً، فعرض على قادة الثورة الدخول في مفاوضات أسفرت عن التوصل إلى اتفاق تقرير مصير.
من جهة أخرى استبعد رحابي أن تؤدي تلك التصريحات إلى توتر في العلاقات بين الجزائر ودولة الإمارات، لأن العلاقات بين البلدين جيدة ومميزة، ولكن الاعتذار عن تلك التصريحات أمر ضروري حسبه، وأن حاكم الشارقة عليه أن يجد طريقة لتصحيح الكلام الذي صدر عنه، والذي يكون قد لم يقدر معانيه وتبعاته.
وكانت التصريحات التي صدرت عن حاكم الشارقة قد أثارت جدلا واسعا في الجزائر، حتى وإن كانت الحكومة الجزائرية لم تصدر أي رد فعل بشأنها حتى الآن، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الجزائرية تناولت الموضوع بإسهاب، معربة عن تنديدها واستيائها من صدور كلام مماثل عن مسؤول بحجم حاكم الشارقة، يفترض فيه أنه مثقف ويعرف التاريخ جيدًا، أما جمال ولد عباس الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني ( الأغلبية) فقد اعتبر الاستقلال جاء نتيجة تضحيات الجزائريين ممن قطعت رؤوسهم، ولم يكن هدية لا من فرنسا ولا من الإمارات.
وكان حاكم الشارقة قد أدلى بتصريحات صحافية على هامش معرض الكتاب في لندن، مشيرًا إلى أن الرئيس الفرنسي الأسبق الجنرال شارل ديغول استفسر عن كيفية كسب ود العرب، وأن وزيره للثقافة قال له إن عليه كسب ود الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وأن ديغول بحث عن كيفية إرضاء عبد الناصر فوجد من نصحه بأن يمنح الاستقلال للجزائر، وأنه قال بعد ذلك :« الآن عرفت أن سكان الجزائر عرب» على حد قول القاسمي.
المصدر: القدس العربي، 2017/03/23