اقتصادتونس

الميزان التجاري مع تركيا :عجز بـ1482 م.د ولا حل إلا في الإيقاف المؤقت والكلي للتوريد عن طريق الخواص

 

أصبحت المبادلات التجارية بين تونس وتركيا تمثل إشكالا واضحا للاقتصاد التونسي بعد عدم التوازن الواضح بين الواردات والصادرات لفائدة الجانب التركي، مما جعل العديد من المتدخلين في القطاع يطالبون بضرورة إيجاد حل ومراجعة الاتفاقيات التجارية بين البلدين للحد من نزيف الواردات خاصة في المواد غير الضرورية منها.

فبالنظر إلى الأرقام والمؤشرات الرسمية التي نشرها مؤخرا المعهد الوطني للإحصاء حول المبادلات التجارية مع الخارج بالأسعار الجارية، عرف فيها الميزان التجاري مع تركيا توسعا في العجز وصل إلى حدود الـ1482.2 مليون دينار، ما يناهز الثلث منه أي ما يعادل الـ536 مليون دينار ناتج عن التوريد العشوائي لبعض المواد نصف المصنعة وهي أساسا من النسيج.

ودفع هذا الوضع في الآونة الأخيرة الحكومة وعددا من المتدخلين في القطاع التجاري إلى الوقوف جديا عند أسباب تفاقم عجز الميزان التجاري وتداعياته على اقتصاد البلاد خاصة في ما يخص مدخراتنا من العملة الصعبة وتأثيره السلبي على الميزانية العامة للدولة ومزيد إنهاكها.

فقد بحث المجلس الوزاري الذي انعقد مؤخرا تحت إشراف رئيس الحكومة يوسف الشاهد في وضعية الميزان التجاري عموما وتم التركيز على النظر في كيفية الحد من عمليات التوريد من تركيا والتقليص من غزو المنتجات التركية للأسواق التونسية.

كما تم خلال انعقاد المجلس الوزاري التباحث في ضرورة مراجعة اتفاقية الشراكة والتبادل الحر مع تركيا التي أبرمت منذ سنة 2004 ودخلت حيز التنفيذ سنة 2005 وتعديل بنودها للتقليص من المواد المسموح باستيرادها من تركيا.

وتبقى هذه الحلول ناقصة حسب عدد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي على اعتبار أن الوضع يعتبر دقيقا والحلول وجب أن تكون جريئة وناجعة لتجاوز أزمة العجز الواسع الذي يلازم الميزان التجاري خاصة مع عدد من البلدان على غرار تركيا وروسيا والصين.

وأفاد محمد الجراية المختص في الشأن المالي والاقتصادي لـ”الصباح” بان الحل الأوحد والأنجع في الوقت الراهن هو إيقاف التوريد كليا عن طريق الخواص لمدة تتراوح بين الـ6 أشهر والسنة لتبقى الدولة المورد الوحيد عن طريق ديوان التجارة للمواد الأساسية.

وحول تحديد أي البلدان التي سيشملها هذا الحل، بين الجراية أن هذا الإجراء يجب أن يكون مع جميع البلدان التي تتبادل معها تونس تجاريا دون استثناء، مشيرا إلى أن هذه العملية لن تنجح إذا تم التركيز على بلد دون غيره.

ورغم ان تركيا تعد من ابرز البلدان التي عرف معها الميزان التجاري عجزا، إلا أن الحل لن يكون ناجعا عن طريق إيقاف التوريد منها فقط خاصة أن الاتفاقية المشتركة بين تونس وتركيا تتدخل فيها أطراف حزبية وسياسية حسب ما أفاد به الجراية.

واعتبر الجراية أنه وفي صورة تفعيل هذا الحل الأوحد في اقرب الآجال سوف تتمكن الدولة من تقليص العجز الكبير في الميزان التجاري في وقت قياسي والتقليص من الضغط على ميزانية الدولة وخاصة قدرتها على الحفاظ على مدخراتنا من العملة الصعبة.

وتجدر الإشارة إلى أن  قيمة التبادل التجاري بين تونس وتركيا بلغت حدود الـ2.27 مليار دينار؛ منها 545 مليون دينار صادرات تونسية و 1.7 مليار دينار صادرات تركية نحو تونس.

ويعود التعاون التونسي التركي في المجال التجاري إلى اتفاق الشراكة لإقامة منطقة التبادل الحر بين البلدين الذي تم التوقيع عليه في 25 نوفمبر 2004 بتونس ودخل حيز التنفيذ في 1 جويلية 2005 والذي ينص على إرساء مجلس شراكة تونسي يترأسه وزيرا التجارة بالبلدين، وتم بموجبه تحرير تبادل المنتوجات الصناعية من الجانب التركي منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ ومن الجانب التونسي على مراحل وفق ثلاث قائمات وقد تم إنهاء تفكيك القائمة الأخيرة في 1 جويلية 2014.

كما شهد النشاط التجاري بين البلدين تطورا هاما وغير متوازن حيث تطورت الصادرات بمعدل سنوي يقدر بـ4.08 بالمائة فيما تطورت الواردات بمعدل سنوي يقدر بـ15 في المائة ويبلغ عدد المؤسسات المشتركة أو ذات رأس مال تركي سنة 2015 عشرين مؤسسة باستثمارات قدرت بحوالي الـ257 مليون دينار ومكنت من إحداث 1100 موطن شغل.

وأمام أهمية التبادل بين البلدين، على الدولة أن تتعامل مع تركيا بأكثر جدية وجرأة في اتخاذ قرارات تخص الحد من توسع العجز في ميزانها التجاري.

وفاء بن محمد

المصدر:  الصباح ، 2017/03/23

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق