رأيليبيا

ليبيا: اللعبة القذرة،محاولة تدجين انتفاضة العاصمة

 

 

بفعل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها سكان العاصمة حيث المواطن لم يعد قادرا على شراء الحاجات الاساسية,ربما قاد التفكير البعض الى التغذية عبر الحقن،اما عن الاوضاع الامنية فهي جد سيئة،القتل والخطف والسلب والنهب اصبحت من سمات المدينة التي تتواجد بهما حكومتان، لكل منهما ميليشياتها التي تعيث في المدينة فسادا،تتخذ من البنوك التجارية مصدرا للارتزاق من خلال جهاز حرس المنشات العامة,يفرضون اتاوات على الزبائن او نسب مئوية ومن لم يمتثل يرجع بخفي حنين .

لم يجد المواطن بُدّا من القيام بعدة انتفاضات تعبر عن مدى سخطه على ما يعانيه فكانت الميليشيات له بالمرصاد,فدكت الاحياء السكنية بشتى انواع الاسلحة في عدة احياء نذكر منها غرغور وفشلوم، لم تحرك حينها السلطة القائمة،بل رأينا رئيس الحكومة يسارع في الذهاب الى موطن الميليشيات ليعتذر منها ويجزل لها العطاء! في حين لم يسمح لأهالي القتلى بإقامة مراسم العزاء!.

مرة اخرى يثبت المتحكمون في شؤون العاصمة عن مدى ازدرائهم للمواطن وما وصلت اليه الاحوال المعيشية والأمنية فأرادوا اجهاض انتفاضته الحديثة من خلال الاتفاق المشبوه بين حكومتي العاصمة اللتان تعتبران وجهان لعملة واحدة،تتخذان من الميليشيات المؤدلجة والجهوية سبيلا لبسط نفوذهما وقمع المعارضين والزج بهم في السجون التي تفتقر لأبسط المعايير من حيث المعاملة الانسانية.

الاتفاق بين الكتائب المتناحرة برعاية المجلس الرئاسي،حيث تم تكليف كل من: الفرقة الأمنية 17 والكتيبة 301 التابعة لوزارة الدفاع والكتيبة 14 لتأمين المرافق الحكومية بطرابلس، وجميعها تنتمي الى مدينة مصراته التي تعتبر نفسها الاحق بحكم البلد والوصي الشرعي على الليبيين ،فهي من حررتهم من جور الديكتاتورية المقيتة التي ناهزت الاربعة عقود.لقد افنت الميليشيات جيلا بأكمله عبر اغرائه بالانتساب اليها بالأموال الطائلة وشكّل الشباب المغرر بهم وقودا لحرب قذرة ،ففي كل حي ملاطم وتعازي.

إن المجلس الرئاسي بهذا الاتفاق يكشف عن مدى ارتمائه في احضان الميليشيات,وكأنما يعطيها صك براءة من كافة الاعمال الاجرامية التي ارتكبتها في حق المواطن على مدى تواجدها بالمدينة،لم يعد هناك مجال للشك بأن الرئاسي قد فقد شعبيته البسيطة التي اكتسبها عقب دخوله خلسة الى المدينة،فهو ليس اهلا لان يقود البلد الى برّ الامان،خاصة بعد مواقفه المخزية الى جانب الميلشيات الارهابية حيث تبيّن ان زيارات رئيس الرئاسي ووزير دفاعه المكلف الى الجفرة كانت بهدف الاعداد سويا للهجوم على الهلال النفطي والسيطرة على قوت الليبيين، لكن بفعل عزيمة الجيش الوطني لم يهنأ هؤلاء ولم يطب لهم المقام, فجروا أذيال الهزيمة خائبين بعد ان تكبدوا خسائر فادحة في الارواح والمعدات،تلويحات حرس المنشات النفطية التابع للرئاسي بدعوة الامم المتحدة للتدخل وحماية قوت الليبيين لم تجد نفعا،فليس كل الصيحات والاستغاثات تؤخذ على محمل الجد،ونقول ان تكن لمجلس الوصاية ذرة من حياء وجبين يندى، فما عليه سوى الرحيل عن المشهد السياسي.

لا شك ان مثل هذه الالاعيب القذرة من قبل الرئاسي والتي تعد محاولة لتدجين الانتفاضة لن تنطلي على الشعب الذي ضاق ذرعا بالميلشيات، وعليه ان يواصل انتفاضته والطلب بخروج كافة التشكيلات المسلحة عن المدينة ودعوة الجيش الوطني لدخول المدينة وبسط الامن بها.

ميلاد عمر المزوغي

المصدر: بانوراما الشرق الأوسط، 18 مارس 2017.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق