تقاريرتونس

تونس: السياحة تبدأ الخروج من سنوات التعثر

 

 تزايدت المؤشرات والبيانات التي تؤكد أن السياحة التونسية بدأت تتعافى تدريجيا من الآثار الكارثية للهجمات على القطاع السياحي الذي يوفر أكثر من 400 ألف وظيفة مباشرة ويشكل أحد المصار الرئيسية لإيرادات النقد الأجنبي.

تلقت السياحة التونسية دفعة جديدة وسط آمال بإمكانية استعادة بعض الأسواق الأوروبية بعد سنوات من الترنح بسبب الهجمات الإرهابية والاضطرابات الاجتماعية.

وتحتاج تونس إلى الحفاظ على وتيرة الاستقرار الأمني، الذي تعزز تدريجيا منذ العام الماضي، بهدف استعادة صورتها كوجهة سياحية جاذبة وآمنة في حوض البحر المتوسط، وذلك في أعقاب ثلاث هجمات دامية في عام 2015 خلفت 59 قتيلا من السياح و13 عنصرا أمنيا.

وبدأت الإجراءات الأمنية تُؤتي أكلها اليوم مع ارتفاع وتيرة نمو الرحلات البحرية إلى تونس منذ بداية العام الحالي وعودة متوقعة لسياح الأسواق التقليدية من فرنسا وألمانيا بشكل خاص ودول أخرى من غرب أوروبا.

ويرى رضوان بن صالح، الخبير في السياحة وعضو الجامعة التونسية للنزل في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أن “المؤشرات في العام الحالي جيدة حتى الآن وهي أفضل من العام الماضي… وكالات الأسفار الألمانية لديها برامج مع تونس هذا العام وعلينا انتظار شهر مارس لتقييم واقع الحجوزات”.

وأضاف بن صالح أن “الأمر المهم أننا تجاوزنا التحذير السابق بأن تونس وجهة غير آمنة. هذا الانطباع لم يعد موجودا اليوم”.

وعزز هذا التحول قرار الخارجية البلجيكية يوم الخميس برفع جزئي لتحذير مواطنيها من السفر نحو تونس شمل الوجهات الواقعة على الساحل شرق البلاد.

وستبدأ شركة توماس كوك العالمية باستئناف أولى رحلاتها إلى تونس انطلاقا من بلجيكا في الثامن من أبريل المقبل. كما أعلنت شركة “توي” الألمانية عن نيتها استئناف رحلاتها إلى تونس خلال موسم الصيف المقبل.

وأكدت آنيا براون، المسؤولة الإعلامية في شركة “توي” لوكالة الأنباء الألمانية أن الشركة سوف تبدأ تسيير رحلات منظمة خلال الصيف المقبل إلى جزيرة جربة السياحية جنوب تونس، بمعدل رحلتين كل يوم سبت انطلاقا من مدينتي فرانكفورت ودوسلدورف.

وقال فرانسيسكو فاجو الرئيس التنفيذي لشركة أم.أس.سي للرحلات البحرية خلال زيارة إلى تونس يوم الخميس إن “الشركة لها تاريخ كبير مع تونس. نحن هنا للنظر في إمكانية العودة واستئناف هذه الشراكة في المستقبل والاستثمار في تونس”.

وأضاف عقب لقائه رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزيرة السياحة سلمى اللومي الرقيق أن شركته “تريد العودة سريعا لتكون الشريك السياحي الأول لتونس”.

وتوقفت الرحلات البحرية باتجاه تونس منذ الهجوم الإرهابي على متحف باردو في شهر مارس عام 2015 الذي أدى إلى سقوط 21 سائحا أجنبيا جاؤوا في رحلة بحرية.

ولم تستأنف الرحلات إلا في شهر أكتوبر الماضي برحلة واحدة فقط في عام 2016، الذي شهد انحسارا ملحوظا للعمليات الإرهابية، واستقرارا أمنيا مع تشديد السلطات لإجراءاتها الأمنية في المطارات والموانئ والحدود والمدن الكبرى وحول معاقل الجماعات المسلحة في المرتفعات.

واستقبل ميناء حلق الواد في العاصمة منذ بداية العام الجاري ثلاث رحلات بحرية حتى الآن ويتوقع استئنافها بنسق عادي في الربيع.

وفي العادة يشكل سياح الرحلات البحرية نحو 20 في المئة من حجم زائري تونس الأجانب على امتداد العام، والبالغ عددهم أكثر من ستة ملايين سائح، قبل أن يشهد حالة من الكساد في أعقاب هجمات عام 2015.

وألقت تلك الهجمات بظلالها على السياحة التقليدية، مع تقلص الوافدين من الأسواق الأوروبية الغربية بشكل حاد بسبب تحذيرات السفر إلى تونس، وفي مقدمتها بريطانيا.

وطالبت وزارة الخارجية التونسية، في وقت سابق، بريطانيا برفع تحذير رعاياها من السفر منذ هجوم فندق امبريال في بلدة سوسة الساحلية في يونيو 2015 والذي خلف 38 قتيلا أغلبهم بريطانيون.

وقال وزير الخارجية خميس الجهيناوي إن “بريطانيا تدرك جيدا الجهود التي تبذلها تونس لحفظ أمن زوارها وتأمين المواقع والمسالك السياحية ونقاط العبور”.

وأنقذت الأسواق الروسية في آخر لحظة الموسم السياحي العام الماضي، بتوافد أكثر من 600 ألف سائح روسي على أبرز المنتجعات السياحية، في وقت لم يكن يتخطى فيه العدد القادم من هذه السوق 50 ألفا سنويا في أحسن الأحوال.

وليس واضحا بعد ما إذا كانت وكالات الأسفار الروسية ستحافظ للعام الثاني على التوالي على النسق ذاته لحجم التدفق الاستثنائي، على الرغم من التطمينات التي قدمتها الوزيرة اللومي في وقت سابق.

ولا تزال حالة الطوارئ سارية في البلاد منذ التفجير الإرهابي في 24 نوفمبر 2015 والذي خلف 12 قتيلا من الأمن الرئاسي. وتم آخر تمديد لحالة الطوارئ في الـ16 من الشهر الجاري لمدة ثلاثة أشهر.

ويرى وزير الدفاع فرحات الحرشاني أن خطر الإرهاب يظل قائما طالما أن الأوضاع ليست مستقرة في الجارة ليبيا في ظل غياب مؤسسات الدولة على الأرض، في وقت تجري فيه تونس والجزائر ومصر وساطات للتوصل إلى حل سياسي شامل بين الفرقاء الليبيين.

طارق القيزاني

عن جريدة العرب، العدد 10554، بتاريخ 2017/02/25،ص 11.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق