تحاليلتونس

تونس: هل يكرّس قانون المالية مبدأ العدالة الجبائية؟

 

توفيق المديني: 

 

 

لاحديث هذه الأيام في تونس سوى عن قانون المالية لسنة 20177،الذي أثار جدلاً في الشارع التونسي،وانتقل إلى سجال في أروقة البرلمان بين الأطراف السياسية المؤيدة لسياسة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد، وبين الأطراف السياسية المعارضة .وكان قانون المالية مصدر توترات واحتقان لدى عديد القطاعات لما تضمنه ـ في شكل مشروع ـ من فصول اعتبرها المحامون والصيادلة ـ على سبيل الذكر ـ حيفًا وتعسفًا في حقهم..

قانون المالية الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب مؤخراً،اعتبره رئيس الحكومة يوسف الشاهد ثوريًا ،وبداية إنقاذ للمالية العمومية في تونس، وتكريسًالمبدأ العدالة الجبائية المتفق عليها في وثيقة قرطاج.وقال رئيس الحكومة إن قانون المالية تضمّن إجراءات شجاعة من شأنها تمكين المواطنين من الزيادة في الأجور، مشيرًا إلى أن الجباية ستشمل كل المهن الحرّة وتخضعها للقانون ،ولن يفلت أحد من دفع الجباية ،وأنها ستمكّن من توفير مداخيل إضافية للمالية العمومية ،لاسيمابعد تمكين الإدارة من آليات الخلاص الجبائي.

يمكن الحديث عن ثلاثة محاور أساسية للإجراءات الإيجابية الواردة في قانون المالية،وهي الإجراءات المتعلقة بمكافحة التهرب الضريبي ،وإجراءات تخفيف العبء الجبائي وبعض الإجراءات الاجتماعية وهي كالتالي :

أولاً:إ جراءات لمكافحة التهرب الجبائي ،من خلال التنصيص على المعرف الجبائي في كل الوثائق المتعلقة بالأعمال التي يقوم بها أصحاب المهن الحرّة (خبراء ومحامون وعدول وأطباء ومهندسون ومعماريون(،وإحداث فرقة الأبحاث لمكافحة التهرب الجبائي،والاستئناس بعناصر مستوى العيش في المراقبة الجبائية ووجوبية تقديم هذه العناصر مع التصريح السنوي للضريبة.

ثانيًا:تخفيف العبء الجبائي،من خلال مراجعة جدول الضريبة على الدخل لأول مرة منذ سنة 19899 (إجراء لتخفيف العبء على كل المطالبين بالأداء (أجراء وغير أجراء) الذين يحققون دخلًا خاضعًا للأداء لا يتعدى 25.100 دينار أي أكثر من ألفي دينار شهريًا وسوف يخول هذا الإجراء لـ60 بالمائة من الأجراء الاستفادة من تخفيض مبلغ الأداء المستوجب ،وبالتالي الزيادة في الأجر الصافي)،والتخفيض في نسب الأداء على القيمة المضافة من 12 بالمائة إلى 6 بالمائة (المطاعم والكراس المدرسي وخدمات النقل وسيارات التاكسي وسيارات النقل بين المدن،وحافلات النقل الريفي).

ثالثًا:إ جراءات اجتماعية واقتصادية،مثل التشجيع على بعض المشاريع الصغرى (وضع خط تمويل بمبلغ 250 مليون دينار لفائدة مؤسسات التمويل الصغير في شكل جمعياتي والبنك التونسي للتضامن بهدف التشجيع على بعث المشاريع الصغرى ودعم المبادرة الخاصة)،
والتشجيع على الادخار العائلي (الترفيع في مبلغ فوائد حسابات الادخار الخاصة وفوائد القروض الرقاعية القابل للطرح على اساس الضريبة.
ومن الإجراءات أيضا رفع السرّ البنكي الذي تم إسقاطه في لجنة المالية ثم أعيد اقتراحه في صيغة أخرى توفر ضوابط من التجاوزات الممكنة لإدارة الجباية وسيقلص من التهرب الجبائي.

من وجهة نظر وزير المالية القانون الجديد ، يحقق قانون المالية التوازن المطلوب من الناحية التقنية لكنه توازن هش نوعًا ما، لأنه يتضمن اللجوء إلى الاقتراض بمبلغ يناهز 8500 مليون دينار أغلبها من الخارج ( 6000 م د)ونسبة ضعيفة من الداخل (2500م د).لكن هذا التوازن لا يمكن تحقيقه حسب الخبراء إلاعن طريق لجوء الحكومة إلى «أموال الندوة الدولية للاستثمار» ، حيث حصلت تونس مؤخرًا في الؤتمر الدولي للاستثمار على هبات و مساعدات وقروض من الممولين التقليديين ( البنك العالمي – البنك الأوروبي للاستثمار – البنك الأوربي لإعادة الإنشاء والتعمير – البنك الإفريقي للتنمية -الاتحاد الأوروبي ) قصد تمويل مشاريع أكثر من العادة أي الترفيع من نوايا الاستثمار. وإلى جانب ذلك حصلت تونس على إعانات محترمة من دولة قطر والمملكة السعودية لتمويل مشاريع ،وستواصل التنسيق معهما لتحديد الوجهة الاستثمارية لهذه المبالغ . كما وعدت بلدان أوروبية بتحويل الديون لاستثمارات مثل فرنسا وبلجيكيا وبريطانيا وايطاليا وقد دعاهم البرلمان الأوروبي لذلك وبالتالي ،فإنّ هذه المبالغ موجهة أساسا للاستثمار ووجهاتها محددة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق