
ما توصلت إليه المحكمة الابتدائية بسوسة في ساعة متأخرة من مساء الإثنين 14 نوفمبر، بعدم سماع الدعوى في حق المتهمين بالقتل في قضيّة لطفي نقّض و هم كل من عبد الوهاب الثابتي وسالم اللامي المتّهمَين بالقتل العمد وكل من سعيد الشبلي ولوحيشي الفاخم المتّهمَين بالمشاركة في القتل، أثار سخطا وإنتقادا كبيرين وجهته عائلة الفقيد وسياسيون واضعين الثقة في السلطة القضائية التونسية في الميزان.
ومما زاد من نسبة الإحتقان هو قضاء المحكمة بالسجن بين 3 و 6 أشهر بالنسبة للمتهمين الأربعة الآخرين، وهم في حالة سراح، بتهمة التجمهر غير القانوني، في حين أصدرت في المقابل أحكاما بالسجن من سنة إلى سنة ونصف لمرافقي لطفي نقض بتهمة إلقاء قوارير مولوتوف.
إستئناف الحكم والتهديد بالتصعيد:
وبناء عليه، تقدمت هيئة الدفاع لـلطفي نقض بطلب استئناف في الحكم الصادر ليلة الاثنين القاضي بعدم سماع الدعوى في حق المتهمين بقتله ومن المنتظر أن يعتمدوا أكثر على التقرير الطبي وبعض الشهادات.
وقد هدد بعض أعضاء المكتب الجهوي بسوسة لحركة نداء تونس بالاستقالة الجماعية احتجاجا على الأحكام الصادرة في هذه القضية التي وصفوها بالصادمة .
الهياكل القضائية: إستقلال القضاء خطّ أحمر
عبرت الهياكل القضائية عن إستنكارها من التشكيك في الاحكام القضائية ومصداقية القضاة بعد جهود كثيرة بذلت من أجل إستقلالية السلطة القضائية.
وأكد رئيس نقابة القضاة التونسيين فيصل البوسليمي، في تصريح لـ”الشاهد” أن كل ما حصل يعكس المستوى العام الذي باتت تعيش عليه البلاد، معتبرا أن الأزمة الحقيقية اليوم ليست إقتصادية أو إجتماعية أو سياسية بل أن الأزمة الحقيقية هي مناخ عدم الثقة لدى عموم التونسيين.
وأكد البوسليمي أن ما يحدث من تشكيك في الحكم القضائي قبل الإطلاع على حيثياته هو أمر ليس بالعادي، متوجها للمشككين بالقول:” لسنا في سوق دواب أو سوق خضر، نحن في دولة فيها مؤسسات قائمة على مبدأ الفصل بين السلط وكل سلطة منهما ينظمها القانون “.
وأضاف البوسليمي أن محاسبة الأحكام الصادرة تكون عبر طرق الطعن القانونية الواردة بالمجلة الجزائية، مشيرا إلى أن التقاضي على درجتين متوفر ويمكن أن يتوخاه كل من لم ترضيه الأحكام، وأن كل ما قيل للإعلام هو من قبيل اللغو وشحن التونسيين.
وتساءل البوسليمي: كيف يمكن لسياسي يطمح لأن يكون في السلطة التنفيذية أو التشريعية، ان يشكك في مصداقية القضاء؟ مؤكدا على أن جل التصريحات لم تكن بريئة وهدفها التأثير على القضية في الطور الإستئنافي.
كما شدد رئيس نقابة القضاة على أن الوضعية وصلت إلى درجة من التعفن لم تعد تطاق، وأن هؤلاء المشككين في مصداقية القضاء هم في حد ذاتهم أعداء الديمقراطية.
من جهته قال نائب رئيسة جمعية القضاة أنس الحمايدي، في تصريح لـ”الشاهد” إن ما حصل حول قضية نقض تصح عليه مقولة” القاضي نصف الناس أعداؤه هذا إن عدل”.
وأكد الحمايدي أن التشكيك في القضاء أصبح كالموضة في تونس لكل من لم يتحصل على الحكم القضائي الذي يرضيه في حين تغيب ثقافة الإعتراف.
واضاف نائب رئيسة جمعية القضاة أن القضاة وهياكلهم حاولوا نحو خمس سنوات تركيز قضاء مستقل، واليوم ترفض النقابة قدح أي قاضي سيما في غياب الأدلة، مشيرا إلى أن مبدأ التقاضي على درجتين يخول الطعن لمن لم ترضيه هذه الأحكام دون اللجوء إلى التشكيك.
وأوضح الحمايدي أن قضية لطفي نقض هي قضية سياسية بامتياز بين حزبي حركة النهضة والنداء اللذان كان أعداء الأمس وأصبحا شركاء في الحكم اليوم، وهؤلاء الحزبين يضعون القضاة في قلب الرحى، على حد تعبيره.
وأضاف الحمايدي” أتوجه لكل السياسيين وخاصة اولئك الممثلين في مجلس نواب الشعب ماذا فعلتم لصالح إستقلالية السلطة القضائية؟ وتابع بالقول: ” عوض أن تتوجه أصابع الإتهام إلى القضاة يدب أن تتوجه إلى هؤلاء السياسيين الذين يريدون تريكع القضاء والقضاة”.
المصدر: الشاهد