
بالتوازي مع الحملة التشويهية التي أطلقتها قناة “نسمة” لضرب مصداقية التحقيق المنشور من طرف منظمة “أنا يقظ” في إطار متابعتها لشبهات الفساد المتعلقة بالتهرّب الضريبي، واصلت المنظمة عملها الاستقصائي في ملف نسمة لتتكلل جهودها بالنجاح بإيجادها أدلة أخرى يمكن اعتمادها قضائيّا والتي سترفع بدورها الستار عن الممارسات الأخرى المشبوهة المرتكبة من طرف الأخوين قروي وشركائهما.
امتناع عن التصريح الضريبي:
عندما نشرت منظمة “أنا يقظ” الجزء الأوّل من التحقيق حول شبكة نسمة، كان التهرّب الضريبي أمرا بّيّنا بالوثائق والأدّلة التي تمّ تقديمها إلى الجهات القضائية المختصّة والتي فتحت تحقيقا على إثرها، لكن يبقى تحديد الخسائر التي لحقت الدولة التونسية أمرا معلقا يحتاج إلى بحث معمّق.
وعليه وفي إطار المتابعة، كشفت وثائق تحصلت عليها منظمة أنا يقظ تعود إلى سنة 2013، عن خضوع قناة نسمة برودكاست – وهي إحدى الشركات محدودة المسؤوليّة التابعة لمجموعة القروي- لمراجعة ضريبيّة شملت سنة 2009 و2010 و2011 على التوالي.
وفي المقابل بيّنت الوثيقة التي أعدّها مراقب الحسابات التابع للشركة، أنّه لم يتّم تقديم أيّ تصريح ضريبي شهري بين ماي 2011 وماي 2013 على الأقلّ.
وقد أسفرت عملية المراقبة الضريبية للسنوات الثلاث الأولى من “نسمة برودكاست” عن جدولة ضريبيّة بقيمة تفوق 2.4 مليون دينار وعلى هذا الأساس يبقى تقدير قيمة التهرب الضريبي الذي اضطلع به الأخوين قروي أمرا معلّقا نظرا لعدم الشفافيّة المالية للشركة، لكن تبقى متابعة هذه المسألة محمولة على المصالح الجبائية للدولة التونسية.
عقوبات ماليّة لم تسدّد للهايكا:
خلال الحملة الانتخابية لسنة 2014، سلّطت الهايكا عقوبة على قناة نسمة لقيامها بالدّعاية الانتخابية للمرشّح الرئاسي ورئيس الجمهورية الحالي الباجي قايد السبسي.
وسعيا منّا للتأكّد من تسديد مبالغ العقوبات المسلّطة من عدمه، قمنا بإيداع مطالب رسميّة للحصول على الوثائق الإدارية اللازمة بمقتضى المرسوم رقم 41 لسنة 2011 ممّا مكّننا من الاطلاع على جملة من المراسلات بين الهايكا ووزارة الماليّة، بيّنت مراسلة حديثة منها بتاريخ 16 سبتمبر 2016 أنّ الهايكا لم تتلقّ بعد مبالغ العقوبات الماليّة المستحقّة على قناة نسمة منذ تاريخ تسليطها سنة 2014.
علاقة يشوبها الغموض بالصندوق الوطني للضّمان الاجتماعي:
كشفت مراجعة المستندات الماليّة التابعة لنسمة برودكاست لسنوات 2011،2012 و2013 عن قيمة الديون المهولة التي لم تسددها الشركة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هذا إضافة للضرائب المستحقّة للدّولة التونسية والتي فاقت 2.13 مليون دينار سنة 2013 حسب مراقب حسابات شركة “نسمة برودكاست”.
أمام هذه الأرقام، لا نملك سوى أن نتساءل حول طبيعة العلاقة بين شركة “نسمة برودكاست” و الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي يمكن أن تزداد غموضا في ظلّ رفض الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تنفيذ قرار المحكمة الادارية الصادر بتاريخ 26 أوت 2016 والقاضي “بتمكين منظمة أنا يقظ من نسخة من قائمة الشركات التي يتجاوز أصل دينها مبلغ مائة ألف دينار لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي” والتي على أساسها يمكن أنّ نتبيّن بالقاطع القيمة المالية التي تدين بها شركة نسمة برودكاست للصندوق الوطني الضمان الاجتماعي الذي أصبح يعاني من عجز ماليّ منذ بضع سنوات كما يمكن أن نتبيّن طبيعة المخاطر التي تحدق بموظفّي شركة “نسمة برودكاست”.
وضعيّة ماليّة متعثّرة:
سبق وأشرنا في المقال الأول إلى الوضعية المالية المتعثرة لهذه الشركة التي ما انفكّت تسجّل الخسائر تلو الأخرى منذ انشائها سنة 2010 وبناء على ذلك تمكّنّا الآن من رسم صورة مفصّلة عن وضع نسمة المالي. أمام امتناع المساهمين في “نسمة برودكاست” عن تغيير صفتها القانونيّة من “شركة ذات مسؤولية محدودة” إلى “شركة خفية الاسم” تماشيا مع المواصفات المنصوص عليها بكراس شروط الهايكا، ورفضهم الكشف عن الوضعيّة الماليّة لشركتهم، ننشر نحن الوثائق التي تحصّلنا عليها خلال تحقيقنا.
توضّح أحدث وثيقة، بتاريخ ديسمبر 2014، أنّ شركة “نسمة للبث” سجّلت عجزا على مستوى حقوق المساهمين بلغ 7332827,653 دينار في موفّى سنة 2013.
وفي سنة 2012 أشار مراقب الحسابات أنه من المتوقع زيادة رأسمال نسمة الاجتماعي بمبلغ يعادل الخسائر على أقلّ تقدير، وذلك خلال 2012 أو قبل نهاية السنة التالية.
في السنة الموالية، تضخّمت خسائر الشركة لتبلغ أكثر من 2.7 مليون دينار اضافية. وفي الوقت الحالي ترفض شركة ” نسمة برودكاست” مدّ الهايكا بآخر تقرير لحساباتها ويقدّر رأسمالها بـــــــــ 2,492 مليون دينار، أي أقلّ من خسائرها سنة 2013.
على ضوء ما تقدّمنا به أعلاه، وبانتظار مقالاتنا القادمة حول نسمة، فإننا ندعو جميع الشركاء الاقتصاديين لأخذ الحيطة والحذر في تعاملاتهم مع شركة الاخوين القروي وشركائهم.
التوصيات:
- ندعو الهايكا للخروج عن صمتها وإجبار شركة نسمة للبث على احترام وتطبيق القانون في أقرب الآجال في إطار ما يسمح لها القانون
- ندعو رئيس الحكومة إلى اتخاذ الاجراءات اللازمة قصد حمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على تنفيذ قرار المحكمة الإدارية لضمان الامتثال إلى الأحكام القضائية.
- ندعو وزارة الصناعة إلى التحقق من مدى قابلية نسمة للاستفادة من اجراءات الانقاذ الخاصة بالشركات التي تواجه صعوبات ماليّة، وذلك لحماية مصالح الدّائنين وموظّفي نسمة
- ندعو لجنة مكافحة الفساد ضمن مجلس نواب الشعب الى دعوة ممثّلين عن الهايكا وعن وزارة المالية للوقوف على الأسباب التي حالت دون تسديد بعض الاطراف الاعلامية للخطايا المالية المسلّطة عليهم ودعوة مدير عام صندوق الضمان الاجتماعي للامتثال للأحكام القضائية، وذلك للكشف عن قائمة الاطراف الاقتصادية المدينة لصندوق الضمان الاجتماعي والتي تسبّبت في عجزه المتفاقم.
المصدر: I WATCH