تقاريرتونس

تونس: حول إمكانية اعتمادها لغة أجنبية أولى في البلاد: «الانقليزية» تحرج وزير التربية

%d9%86%d8%a7%d8%ac%d9%8a-%d8%ac%d9%84%d9%88%d9%84-%d9%88%d8%b2%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9_assa_15

 

منال حرزي: 

 

 

أثار تصريح وزير التربية ناجي جلول حول نيته اعتماد اللغة الانقليزية اللغة الأجنبية الأولىفي البلادبدلا عن اللغة الفرنسية جدلا كبيرا لاسيما بعد التصريحات التي أدلى بها سفير فرنسا في تونس الذي اعتبر انه ”تمّ تأويل تصريحات ناجي جلول الذي عاش في فرنسا وحتى زوجته فهي أستاذة في مدرسة فرنسية”.

كما أكد السفير على أن اللغة الفرنسية ستحافظ على مكانتها كلغة أجنبية أولى في تونس مضيفا أنه يعمل على كيفية تطوير تعليم اللغة الفرنسية.كما يفكر جديّا في بعث مدرسة إعدادية فرنسية بصفاقس مبديا في السياق ذاته إعجابه ”بحرص وزير التربية على اعتماد اللغة الفرنسية في مناهج التدريس التونسية باعتبارها اللغة الأجنبية الأولى في تونس إلى جانب تدعيمها بلغات أجنبية أخرى…”

ككل مرة يصنع وزير التربية ناجي جلول الحدث من خلال تصريحاته التي يؤكد المهتمون بالشأن التربوي بأنها قرارات «سياسية» لا تخدم مسار الإصلاح التربوي بالنظر إلى أن القرارات والإصلاحات الجوهرية تنبثق عن مخرجات الحوار الوطني حول الإصلاح التربوي وتقارير اللجان المنبثقة عنه.من جانب آخر يتساءل البعض حول مدى استعدادات سلطة الإشراف لتهيئة الأرضية لجعل اللغة الانقليزية اللغة الثانية في البلادبعد اللغة العربية في ظل نقص الموارد البشرية اللازمة. كما أن هذه التصريحات وعلى حد تعبير المختصين في المجال من شانها أن تعمق من حيرة الولي حول مستقبل أبنائه في ظل القرارات «الارتجالية والمتناقضة» لوزير التربية على حد تعبير البعض.

من هذا المنطلق يصح التساؤل بإلحاح: هل أنتصريحات وزير التربية تعتبر مجرد تصريحات سياسية لا علاقة لها بمسار الإصلاحالتربوي؟ وهل تطرق فعلا الحوار الوطني حول الإصلاح التربوي إلى اعتماد اللغة الانقليزية كلغة أجنبية ثانية عوضا عن اللغة الفرنسية؟

تصريح سياسي :

في تقييمه للجدل الحاصل الذي أثاره تصريح وزير التربية،يرى نورالدين الشمنقي عضو اللجنة العليا للإصلاح التربوي في تصريح لـ» الصباح» أن تصريح وزير التربية يعد تصريحا سياسيا قد يدخلنا في متاهات نحن في غنى عنها لان اللغة الفرنسية وعلاقاتنا بالفرنسيين هي علاقات ذات بعد تاريخي وحضاري فضلا عن أن العلاقات بين تونس وفرنسا هي علاقات أصبحت ذات بعد تاريخي وثقافي واقتصادي على اعتبار أن نسبة عالية من معاملاتنا هي مع الدولة الفرنسية، فضلا عن أن فرنسا تعتبر رقما مهما في الاتحاد الأوروبي.

وأوضح الشمنقي من جانب أخر أن الشعب التونسي قد بلغ درجة من التطور التي أصبح من خلاها قادرا على تجاوز عقدة «المستعمر» فضلا عنانه على درجة من الوعي من كل تلك المؤامرات التي تستهدف فرنسا. أما فيما يتعلق بمسار الإصلاح فقد أورد الشمنقي أن هناك مرجعية لسانية في تدريس اللغات تقوم على أهمية اللغة الفرنسيةفضلا عن اللغة الانقليزيةإلى جانب باقي اللغات مشيرا في السياق ذاته إلى أن لجنة البرامج والتقييم المنبثقة عن الإصلاح التربوي بدأت تفكر في تكوين إطار مرجعي للغات سواء كانت اللغة فرنسية أو العربية.

“بروباغندا” إعلامية:

من جانب آخر يرى فخري السميطي الكاتب العام المساعد للنقابة العامة للتعليم الثانوي في تصريح لـ”الصباح” أن تصريحات وزير التربية بخصوص أولوية اللغة الانقليزية على اللغة الفرنسية تتجاوز صلاحيات لجان الإصلاح فتصريحاته تعتبر مجرد «بروباغندا إعلامية» تسيء لمسار الإصلاح التربوي على حد قوله.

وقال السميطيفي هذا الشأن: “لجان الإصلاح والخبراء المشاركون هم من يقررواوحدهم أي اللغتين تحتل المكانة الثانية فهذه المسألة تعود إليهم دون تدخلات السفير»،مشددا على أن وزير التربيةبصدد إفساد مسار الإصلاح لأنه يمارس في ضغوطات على لجان الإصلاح والحال أن الأمر في هذه المسألة يعود إلى تقارير خبراء لجان الإصلاح التربوي.كما اعتبر السميطي أن مسالة تدريس اللغات في تونس تحتاج إلى إعادة قراءة بما في ذلك اللغة العربية التي تشوبها إشكاليات طالت حتى مسألة تدريسها مضيفا في نفس السياق أن هناك جملة من المسائل تطرح من بينها ضرورةإيلاء أهمية كبرى للغة الفرنسية مع جعل اللغة العربية قادرة على أن تكون لغة علوم مشيرا في السياق ذاته إلى وجود مشروع جديد إصلاحي يتعلق باللغات.

وشدد السميطي في نفس الاتجاه على انه من الضروري أن تكون مسألة ترتيب أولويات تدريس اللغات بعيدة كل البعد عن الضغط السياسي.

من جهة أخرى يرى رضا الزهرونيرئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ في تصريح لـ «الصباح «أن تصريحات وزير التربية تفتقر إلى إستراتيجية حقيقية للتعامل مع الإصلاح واصفا تصريحاته بالتصريحات الارتجالية على غرار تصريحاته فيما يتعلق بالزمن المدرسي وبمناظرة «السيزيام» الأمر الذي أربك الأولياء ً وجعلهم إلى اليوم لا يعرفون إلى أين تتجه سلطة الإشراف بالتلميذ مشددا على أن قرارات وزير التربية تعتبر قرارات ارتجالية.

مشددا استشارة واسعة:

وبالعودة إلى إمكانية إدراج اللغة الانقليزية كلغة ثانية أورد الزهروني أن اللغة الفرنسية هي اللغة الثانية منذ الاستقلالوإمكانية تعويضها باللغة الانقليزية يتطلب أن يخضع إلى استشارة واسعة تشارك فيها جميع الأطراف. كما أوضح المتحدث أن هذه المسألة لا يجب أن تخلق جدلا حيث من الأنسب أن يتم تدعيم البرامج حتى يتسنى أن يكون التلميذ متمكنا مناللغتين الانقليزية والفرنسية على حد السواء.

واعتبر الزهروني من جانب آخر أن مسألة اللغات تعدّ من المسائل الجوهرية في الإصلاح التربوي لاسيما فيما يتعلق بالمواد العلمية وفسر في هذا السياق أن المواد العلمية تدرس باللغة العربية في المرحلة الإعدادية ثمتدرس لاحقا باللغة الفرنسة في المرحلة الثانوية وهو ما يفرز نتائج كارثيةبالنظر إلى أن التمكن من اللغة الفرنسية لا يرتقي إلى المستوى المطلوب بما يجعل فهم التلميذ للمواد العلمية في الميزانمن جهة أخرى يشير محمد بن فاطمة خبير دولي في النظم التربوية وإصلاحها في تصريح لـ «الصباح» انه كانت هناك محاولات في السابق من اجل أن تكون اللغة الانقليزية هي اللغة المفضلة غير أن هناك ارتباطات أخرى ذات طابع اقتصادي حالت دون نجاح التجربة داعيا في هذا الإطار إلى ضرورة تدعيم اللغتين الانقليزية والفرنسية لاسيما أن هناك دراسات علمية أثبتت أن التلميذ في صغر سنه قادر على تعلمواستيعاب لغتين فأكثر.وأضاف بن فاطمة أن هناك ارتباطات تاريخيةفرنكفونية فيما يتعلق باللغة الفرنسية فيما تمثل اللغة الانقليزية لغة العالم. ومن هذا المنطلق من الضروري تدعيم اللغتين في إطار تحقيق نوع من التوازن دون أن نتغافل عن تدعيم اللغة العربية التي تمثل هويتنا وشخصيتنا.

كما اعتبر بن فاطمة أن مسالة أفضلية اللغات يجب أن لا تخضع إلى إملاءات سياسية وإنما من الضروري إنجاز دراسة على مستوى متطلبات تدعيم اللغة الانقليزية لأنها تمثل لغة العالم مع ضمان تكوين جيد للإطار التربوي فضلا عن تدعيم اللغة الفرنسية لكن دون أن يكون لهذا التركيز على اللغات الأجنبية تداعيات على اللغة العربية.

 

المصدر: الصباح 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق