
سوسن العويني:
منذ بدء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عملها في الكشف عن قضايا الفساد و البت فيها و تسليط الضوء على الفاسدين و المفسدين لتظهر سماتهم جليّة أمام العيان ، ما يفوق الـ2500 ملفا تمت إحالتها للقضاء للحسم فيها .
إلا أنه ، اليوم ، و امام الضغط الذي يمرّ به السلك القضائي في ظلّ مطالبة الرأي العام في تونس بـ”سرعة البت في قضايا الفساد” ، بات المضطلعون بملفات الفساد صلب سلطة القضاء يعانون من ضغط كبير مسلط عليهم حال دون تمكنهم من البت في ملفات الفسات بالسرعة المرجوّة منهم .
وتتمثل أهم الصعوبات في كون “قضاة التحقيق الذين تم تعيينهم في هذا القطب ينظرون أيضا في قضايا الحق العام”، وفق ما أفاد به وزير العدل في جلسة إستماع برلمانية عقدت الجمعة 28 أكتوبر الجاري تحت قبة مجلس نواب الشعب بباردو .
وأضاف الجريبي أن “القضايا التي ينظر فيها القطب القضائي متشعبة، بينها جرائم عابرة للحدود، وتقنياتها متعددة وحديثة وتجاوزت التكوين التقليدي للقضاة”.
و بناء على ذلك تقدمت الحكومة بمشروع قانون للبرلمان يمكّن القاضي من التفرّغ لقضايا الفساد المالي ، من شأنه أن يمكن القطب القضائي من التفرغ بصفة حصرية لملفات الفساد وإيجاد قضاة متخصصين في هذا المجال”.
هذا و رأى وزير العدل أن “الفساد لم يتقلص في تونس بل استفحل، رغم مصادقة تونس سنة 2008 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحته”، مؤكدا عزم تونس على مكافحته.
“مستوى الفساد في تونس كارثي “:
من جانب آخر ، كانت قد أعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ، في ندوة صحفية نظمها المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل الأسبوع مؤخرا، أنّ “مستوى الفساد في تونس كارثي، ولا بد من وضع استراتيجية لمكافحته”.
وقال رئيس الهيئة شوقي الطبيب إن “الفساد في البلاد كارثي وهذا الأمر يتفق حوله الجميع”.
كما لفت إلى أن “الحديث عن وضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بدأ منذ 2012، ولكن للأسف منذ ذلك التّاريخ إلى اليوم، بقي الموضوع مجرد شعارات، كما هو الحال في عديد المواضيع الأخرى”.
وأضاف “منذ ستة أشهر والهيئة تلحّ على كل الأطراف على ضرورة التعجيل بوضع هذه الاستراتيجية وإشراك الجميع فيها، ورئيس الوزراء يوسف الشاهد، أكد أن حكومته منخرطة في هذه الخطة وسيلتزم بتنفيذها”.
وحسب “مؤشر مدركات الفساد” للعام 2015، الصادر عن “منظمة الشفافية الدولية” في جانفي 2016، سجلت تونس مرتبة متأخرة على المؤشر، إذ جاءت في المرتبة 76 برصيد 38 نقطة من 100 نقطة ممكنة.
نقص في الامكانيات الضرورية للقطب القضائي:
وأشار الطبيب إلى أن “الهيئة ليس لها إلى حد الآن جهاز تقصٍ باعتبار أن تسمية هذا الجهاز تتم عبر رئيس الحكومة، فضلاً عن النقص على المستوى المادي والبشري، وغياب مجلس هيئة وكتابة عامة”، معتبرا أنه “لا يمكن مقاومة الفساد دون إمكانيات تمنح للهيئات والسلطات المعنية بذلك”.
من جانبه ، قال الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان مهدي بن غربية ، انّ هناك ارادة سياسية واضحة لمحاربة الفساد من خلال إعطاء الإشارة السياسية والإمكانيات الضرورية للقطب القضائي وادارات الجباية ومكافحة الفساد، مشيرا إلى أنّ خطاب رئيس الحكومة في هذا الخصوص كان واضحا و أن تمارس جميع الإدارات مهمتها لمكافحة الفساد وهي تتمتع بالغطاء السياسي اللازم.
المصدر:” الشاهد”