تحاليلليبيا

ليبيا: قراءة أميركية تُحاول تفسير تأخر حسم معركة سرت ضد داعش

2016_9_7_17_14_58_605

 

ميسي رايان*: 

 

الحملة التي يقوم بها سلاح الجو الأميركي ضد تنظيم داعش في ليبيا والتي كان مفترضا أن تبيّن مدى فاعلية الدعم الأميركي للقوى المحلية، تحولت إلى عملية ممتدة لا يبدو أن لها نهاية محددة.

يُعتقد أنه ظل نحو 100 متشدد في المدينة الساحلية والتي شكلت في العام 2015 أحد أقوى مواقع داعش خارج العراق وسوريا، وهم يتمركزون الآن في منطقة سكنية صغيرة ومكتظة. طوال شهور ناضل مقاتلو القوات المدعومين من الولايات المتحدة لاختراق دفاعات المتشددين وضد قناصيهم، ففي الأسبوع الأخير وحده فقد المهاجمون 14 شخصا في يوم واحد.

محدودية الدعم المحلي والصراع السياسي:

تأخرُ النصرِ في سرت يلقي الضوء على التحديات التي تقف في وجه جهود الولايات المتحدة لدحر المتطرفين من شمال أفريقيا إلى أفغانستان: وهي محدودية إمكانات القوات المقاتلة المحلية، وتشمل محدودية الدعم في ميدان المعركة وضعف الحالة المعنوية، والتأثيرات السلبية للصراعات السياسية المحلية.

هذه العناصر نفسها من المؤكد أنها ستمثل اختبارا للجهود التي تدعمها الولايات المتحدة، لاستعادة مدينة الموصل حيث تدور عملية متعددة المحاور ضد تنظيم داعش.

“هذه العملية في سرت التي كان يُظن أنها ستتم في أسابيع فقط قد تستغرق عدة أشهر، ولا يُعرف تماما ماذا سيحدث عندما سيختفي داعش من سرت” كما يقول ماتيو تولادو الخبير السياسي في العلاقات الدولية في المجلس الأوروبي.

نزح غالبية السكان عن سرت بعد وصول داعش إليها، وكان يتوقع أن تتسم عملية تحريرها بالسهولة. وبينما بيّن الفرع الليبي لداعش الوحشية نفسها التي أظهرها التنظيم الأم، لكن أعدادهم قليلة، بالإضافة إلى انعدام الدعم من السكان المحليين خلافا للوضع في سوريا والعراق، وبالتالي فإن مصادر تمويلهم محدودة.

لكن القوات المقاتلة من مصراتة القريبة سرعان ما وجدت نفسها في مأزق بعد بدء عملياتها لتحرير المدينة في شهر مايو. وبعد أن بدأت الضربات الأميركية بناء على طلب جكومة الوفاق في بداية أغسطس، كان العسكريون يأملون أن تنتهي العملية في أسابيع، وحتى الآن نفذت نحو 330 غارة جوية على المتشددين في سرت، وتم تمديد مدة العملية مرتين.

وأخبرنا أحد مسؤولي وزارة الدفاع: “ما لم تسوي كل المباني بالأرض، فإنك عندما تعمل هناك عليك القبول بالجدول الزمني للقوى التي تحارب معها. وكان من الصعب الوصول إلى هذا الموقف لأن مقاتلي مصراتة تكبدوا خسائر فادحة، وعلى قواتنا أن تتمتع بالحصافة والدقة.”

خنادق وشراك خداعية وقناصة:

وفي الوقت الذي يعلن فيه القادة الميدانيون المحليون عن قرب انتهاء العملية، فإن عليهم مواجهة دفاعات المتشددين التي تشمل الخنادق والشراك الخداعية، وكما يُتوقعُ منهم في الموصل فمن المنتظر أن يعتمد المتشددون في سرت على القناصة الذين عملوا على إبطاء تقدم القوات.

في الوقت الذي لجأ فيه مقاتلو مصراتة للتوقف أحيانا أثناء العملية من أجل إعادة تجميع قواهم، فإن المسؤولين الأميركيين يقولون إنهم كانوا يحرزون تقدمات مرحلية عندما ينشطون في العمل، وكان هذا يصل أحيان إلى 100 متر في اليوم.

تجنب الخسائر بين المدنيين:

يقول المتحدث باسم قيادة قوات أفريكوم، الكولونيل مارك شيدل، أن الولايات المتحدة ستستمر في تقديم الدعم الجوي المحدد لمنع الخسائر بين المدنيين وأية أضرار غير ضرورية: “نحن على ثقة أن داعش سيخسر سرت، كما سيخسر كل مواقعه في ليبيا وسوريا والعراق.”

يبدو أن المتشددين تكيفوا مع الضربات الجوية الأميركية، وبدأوا يظهرون أنفسهم بوتيرة أكبر، ويرى المسؤولون الأميركيون أن بعض النساء والأطفال، ويعتقد أنهم عائلات المقاتلين، قد يكونون من ضمنهم، وهو ما يجعل الأميركيين يترددون في تدمير المباني السكنية، كما يُعتقد كذلك أن المتشددين المحاصرين بين قوات البنيان المرصوص وساحل البحر قد قرروا أنه لا يوجد سبب يدفعهم إلى القتال حتى الموت.

إرهاق وخسائر ونقص إمدادات:

بالأهمية نفسها نرى أن قوات مصراتة قد أصابها الإرهاق، وأنها تلقت خسائر فادحة وتعاني كذلك من قلة توفير الإمدادات والرواتب لأفرادها، كما تعاني المستشفيات في مصراتة من نقص الأسرة والعناية الطبية، وهو ما يجعل القادة الميدانيين مترددين في دفع مقاتليهم إلى خوض قتال متلاحم.

هناك بعثة طبية إيطالية بدأت عملها هذا الأسبوع لتخفيف الضغط على الجسم الطبي ومعالجة الجرحى.

كما تلقى المجهود الأرضي مساعدة من عدد محدود من القوات الخاصة الأميركية التي تمركزت في ضواحي المدينة.

الأزمة السياسة تؤثر على الحسم:

لكن هذا التقدم التي تحرزه القوات الموالية للحكومة المؤقتة يتأثر بالأزمة السياسية التي تلف ليبيا، وبعد نحو عام من الوصول إلى اتفاق سياسي تاريخي، لم تتمكن حكومة الوفاق المدعومة من الغرب من الحصول على موافقة مجلس النواب، وهي تواجه الآن تحديات متزايدة من أطراف منافسة لها، وسط تذمر متنام بين الليبيين الذي ينشدون تحقيق الأمن وتقديم الخدمات.

“الدرونس” فقط هي التي تقصف:

ليس من الواضح أيضا من سيحكم سرت بعض القضاء على المتشددين، وهو ما قد يعقّد المرحلة النهائية للمعركة. وفي علامة على الإحباط المتزايد من البطء في عملية التحريرـ اشتكى قادة في عملية البنيان من فاعلية الضربات الجوية الأميركية. فمنذ مغادرة السفينة الأميركية “واسب” التي كانت تنطلق منها قاذفات هارير لقصف أهداف في سرت، تولت طائرات “الدرونس” بدون طيار كل مهام القصف في سرت. وتقف السفينة الحربية “سان أنتونيو” على استعداد لتقديم المساعدة التي قد تطلبها قوات المهام الأميركية الخاصة حول سرت.

” وجدنا مقاومة شديدة وأكثر مما توقعناه في سرت،” يقول الخبير تولادو.

 

المصدر: ” 218TV ”  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*ترجمة خاصة عن صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق