
مقدمة :
تعيش بلادنا على واقع انتشار الإرهاب بصفة تدريجية و بنسق تصاعدي، إنطلاقا من أحداث مدينة “الروحية” ( 18 ماي 2014 ) وصولا إلى استشهاد 15 جنديا في هجوم مباغت على تجمعين عسكريين بجبل الشعانبي ( 16 جويلية 2014 ) . لذلك يظل موضوع مكافحة الإرهاب الشغل الشاغل للمجتمع التونسي باعتباره ظاهرة اجتاحت بلادنا خاصة بعد الثورة ، و كان لزاما على الجميع التكاتف لمحاربة هذه الآفة على مختلف الجوانب و الأصعدة سواء سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية ، و أمنية.ويشكل الإرهاب صحبة التطرف تهديدا مستمرا للاستقرار و الأمن لدى كل التونسيين ، وللتصدي والوقاية منه وجب وضع إستراتيجية متكاملة ، فاعلة و ناجعة ، للاستئناس بها و تفعيلها على ارض الواقع … وقبل ذلك وجب تشخيص واقع الإرهاب في بلادنا والأسباب الكامنة وراء انتشاره .
تشخيص واقع الإرهاب:
1 – من هم ضحايا الإرهاب ؟
بعد ثورة 14 جانفي شهدت تونس منعرجا خطيرا ،حيث استغلت المجموعات السلفية المتشددة الانفلات الأمني الذي عرفته البلاد ، و بدأت في تكثيف نشاطاتها الإرهابية و العدوانية في عديد المناطق خاصة الحدودية منها ( الكاف ، جندوبة ، القصرين ، بنقر دان ) وقد أسفرت العمليات الإرهابية على امتداد ثلاث 3 سنوات استشهاد العشرات من رجال الأمن ،الجيش و الحرس الوطني ، الى جانب هلاك اكثر من 20 إرهابي و اعتقال العشرات منهم . و يلاحظ انه و إلى حد أخر عملية إرهابية في رمضان المنقضي ، كان اغلب الضحايا من أفراد القوات المسلحة بحيث لم يسجل استشهاد سوى 3 مدنيين من بينهم محمد البراهمي و شكري بالعيد . و يتضح هنا إن المجموعات الإرهابية تستهدف بصفة خاصة الهياكل الرسمية ورجال السياسة ، مما يؤكد أنها تهدف من وراء ذلك إقامة دولة خلافة للإطاحة بالنظام القائم مستعملة في ذلك العنف و قوة السلاح لبث الفوضى و البلبلة .
2 – أماكن تنفيذ العمليات الإرهابية :
إن الاعتداءات التي نفذها الإرهابيون تمت في مناطق ريفية و جبلية بحتة باستثناء ما سجل من اغتيالات سياسية . وقد ركز الإرهابيون عملياتهم على المناطق الحدودية كالقصرين و الكاف وجندوبة … مما يعني ان الإرهابيين عادة ما يعتمدون على عنصري المباغتة و نصب الكمائن ، بهدف العودة السريعة نحو معاقلهم في الجبال الممتدة على الحدود الغربية لتونس فتصعب بذلك على قوات الجيش و الامن ملاحقتهم .
إن اعتماد العناصر الإرهابية على المرتفعات الحدودية خاصة الجزائرية منها كان الهدف منه التنسيق مع العناصر الارهابية الجزائرية التي كانت تقود العمليات بعد إن أثبتت التحريات ذلك إلى جانب تلقيها للدعم اللوجستي و المادي من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي .
3 – من هم الإرهابيون :
أثبتت مؤشرات عديدة أن التشدد بدأ يجد الأرضية الملائمة للإعلان عن نفسه في تونس من خلال ما سجل من أنشطة إرهابية انطلقت خلال سنة 2011 بإقامة الحد عن الخارجين عن احترام الشريعة . وقد أثبتت الأبحاث أن أهم قياديي الخلايا الإرهابية التي تورطت في عمليات ارهابية داخل تونس سبق و ان نشطت في بؤر التوتر المعروفة ( أفغانستان ، العراق ،سوريا ، و شمال مالي ) مما مكنها من اكتساب خبرة قتالية و جاهزية ميدانية فاقن أحيانا جاهزية قوات الأمن . وقد أثبتت الدراسات إن اغلب الإرهابيين في تونس تونس ينحدرون من طبقات اجتماعية هشة و فقيرة و هم عادم من العاطِلين عن العمل سواء من صنف أصحاب الشهادات أو من التلاميذ المنقطعين على التعليم و الذين ازداد عددهم خلال الفترة الأخيرة و من ذوي السوابق العدلية الذين تم استقطابهم و دمغجتهم من طرف التنظيمات إيمانا منها بان جذور العنف متأصلة في هذه العناصر .و تشير المعطيات أن بعض الإرهابيين من فئات عمرية شبابية تأثرت بما تنتجه بعض القنوات الفضائية و المواقع في الشبكة العنكبوتية من برامج ظلامية و دعوات حرة إلى الجهاد و أتباع منهج العنف لمعاقبة الحاكم او الطواغيت للاستيلاء على الحكم اقامة للخلافة ، ويحدث كل ذلك لغياب إستراتيجية دينية تنويرية .وقد لوحظ ايضا أن عناصر إرهابية تمّ استقطابها أثناء إقامة الخيمات الدعوية قرب الأسواق الأسبوعية و بعض المعاهد الثانوية و أحيانا في الاجتماعات العامة الكبرى على غرار مؤتمر القيروان لأنصار الشريعة في 20 ماي 2012 .
4 – مختلف الوسائل المستخدمة لتنفيذ العمليات الإرهابية :
– استخدام وسائل الاتصال الحديثة و التكنولوجيات:
في قراءة أولية للعمليات الإرهابية التي نفذت ببلادنا بعد الثورة تبين ان الإرهابيين استخدموا وسائل تكنولوجية حديثة كالانترنت و القنوات التلفزية عبر الأقمار الصناعية و الهواتف المحمولة و الحاويات الموجهة لمعالجة الصورة و النص و الـــ GPS للتواصل فيما بينهم و مع عائلاتهم لتمرير رسائل مشفرة للدعوة للجهاد .
– تنفيذ الاعتداءات وفق النموذج العالمي :
يعتبر الإرهاب الذي يضرب تونس حاليا جزءا من إرهاب دولي استمد خصائصه العامة من الخطاب السياسي و فنيات التواصل ، و قد اعتمد الإرهابيون الذين نفذو عمليات خلال السنوات الأخيرة على مخططات وفق النموذج العالمي و المتمثلة أساسا في عناصر المباغتة و الهجمات السريعة ، و إقامة الكمائن إضافة الى زرع الألغام بالمناطق الجبلية و الريفية لقتل رجال الأمن و الجيش ثم و في مرحلة ثانية و من المتوقع أن يلجأوا إلي التفجيرات و تفخيم السيارات و تنفيذ عمليات نوعية نوعية لإثبات وجودهم و زعزعة الاستقرار و السلم و بث البلبلة ، إيمانا منهم بان الفوضى الخلاقة و سياسة التخويف هي السبيل للاستحواذ على الحكم و إقامة الخلافة .
5- المحيط الجيوستراتيجي لتونس :
ان موقع تونس الجغرافي لا يجعلها في مأمن من المخاطر التي تتهدد المنطقة ككل و التي تعيش تحولات كثيرة على المستويين السياسي و الأمني في ظل ظهور ثورات شعبية و حركات إرهابية تهدد الأمن و السلم . و من خلال متابعة الأحداث الإرهابية بتونس خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تبين ما يلي :
– تراخي امني على الحدود الشرقية مع ليبيا :
شهدت الأشهر الأولى بعد الثورة تراخيا أمنيا على جميع المستويات و تضاءلت يذلك عمليات المراقبة الحدودية فتمكنت الجماعات الارهابية من تخزين كمية هامة من الأسلحة أدخلتها من ليبيا على غرار ما تمّ اكتشافه في مدنين و المنيهلة خلال أوائل سنة 2013 من تخزين أنواع كثيرة من الأسلحة منها الثقيل و الخفيف .
– تداعيات المشهد الليبي على تونس :
إمكانية التجاء الجماعات المسلحة و الميليشيات الى الهروب نحو الحدود التونسية تحت ضغط القتال مما قد يؤثر على الجهود الأمنية و يشتتها و يزيد مخاطر تنفيذ عمليات إرهابية داخل التراب التونسي . ويمكن التوجس من احتمال انتقال الخلافات بين الليبيين إلى تونس بفعل وجود عدد لا يستهان به من أنصار الأطراف المتناحرة ببلادنا . كما ان فراغ السلطة داخل ليبيا من شانه ان يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي التونسي .
– الخطر الحدودي الإرهابي على الجهة الغربية :
تسبب انتشار الجماعات المسلحة في ليبيا و تهريبها للأسلحة خارج البلد و تموقع خلايا الإرهاب التابعة لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي على الحدود الغربية لبلادنا في تفاقم المخاطر التهديد تونس .
وقد لاح جليا من خلال العمليات الإرهابية التي طالت بلادنا خلال الثلاث سنوات الماضية ان عدد كبيرا من الجزائريين شاركوا في تنفيذ ثلث العمليات بل ان اغلب تلك الخلايا كانت تقودها عناصر جزائرية .
– التوتر في منطقة الصحراء و الساحل :
تتسم التحديات التي تعرفها منطقة الساحل و الصحراء بالتداخل و التعقيد، مما افرز توسع أنشطة التهريب و الجريمة المنظمة و انتشار الأسلحة خاصة بعد سقوط القذافي . لذا فان الوضع الجغرافي و السياسي و الأمني يعتبر بيئة ملائمة لأنشطة الجماعات الإرهابية و خاصة تنظيم القاعدة التي اتخذت من المنطقة قاعدة لمهاجمة دول الجيران و هنا يكمن التهديد الإرهابي لتونس .
– خطر داعش و إمكانية امتداده الى تونس :
من المؤكد حسب المؤشرات الأذلية انتقال مقاتلي ”داعش” إلى ليبيا لمحاربة جيوش “حفتر” ثم سيعود المقاتلون إلى بلدانهم الأصلية لخلق فروع لداعش في شمال إفريقيا .
6 – خطاب ديني متطرف و عنيف و استحواذ على منابر الجوامع :
عادة ما تكون التنظيمات الإرهابية متشابها في هيكلتها و أفكارها و دعاويها فهي شبكة واحدة تنتمي الى مرجعية فكرية و دينية و عقائدية متشددة و تكفيرية تدعو للجهاد و تتبع أساليب الإقصاء و التصفية لكل من يخالف أرائها وهي لا تبني مرجعيتها على التسامح و الاعتدال و حق الاختلاف ، و من هذا المنطلق فان مضامين الخطب الدينية المتطرفة التي ميزت بعض الفضاءات و الساحات ، ساهمت في اقبال فئة من الشباب التونسي على ظاهرة السلفية و على دعاة المشرق العربي الذي يتميز خطابهم بالعنف و الدعوة إلى الجهاد . و كنتيجة حتمية ، استحوذ شباب من اتباع التيار السلفي المتشدد على منابر الجوامع و بدأوا في بث أفكارهم السامة على الشباب المعتدل فأثروا في بعضهم و أقنعوهم بأفكارهم . وقد عرفت الكثير من الجوامع انفلاتا واضحا بعد الثورة و سيطر عليها المتشددون و القوا خطبا تميزت بالانفلات و التشنج بالإضافة الى العنف و التسييس .
7 – تشخيص واقع و طبيعة التنظيمات الإرهابية:
أضحت الحدود الجزائرية مع ليبيا و مالي من ابرز البؤر الإرهابية بمنطقتنا و ذلك لكونهما يعتبران معقلا للحركات الإرهابية و منطلقا لتنفيذ الاعتداءات و العمليات النوعية في البلدان المجاورة . و من اخطر تلك المجموعات :
- المرابطون : يتزعمها ”مختار بالمختار ” و تتخذ من جنوب ليبيا في المثلث الحدودي مع الجزائر و النيجر ، معقلا لمعسكراتها التدريبية في ظل الفراغ الأمني و السياسي الذي تعرفه البلاد .
- أنصار الدين : يتموقع في أجزاء من شمال مالي ، وهو تنظيم مهيكل يضم مقاتلين من عدد كبير من البلدان .
- حركة الجهاد و التوحيد : تنتشر عناصره في غرب افريقيا عبر المثلي الحدودي ( ليبيا الجزائر و النيجر) ، وهي الحركة التي تورطت في عملية اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين سنة 2012 .
- القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي : يقودها “عبد الملك دركال ” و عناصره منتشرة في الجزائر و موريتانيا و تونس و النيجر .
- أنصار الشريعة : صنفت هذه الجماعة التي يترأسها أبو عياض تنظيما خلال شهر أوت 2013 من قبل الحكومة التونسية و هي مرتبطة بتنظيم القاعدة و تورطت في عدد من الاغتيالات السياسية و تخزين الأسلحة و قتل الجنود و الأمنيين … و تبين الأبحاث أن عدد كبيرا من الشباب السلفي الجهادي التونسي التحق للتدريب ضمن هذه الجماعات سالفة الذكر لقرب المسافة ، و خير عدد اخر الالتحاق بالشرق للقتال في سوريا و العراق و تمكن عدد منهم من تبوء مراكز قيادية عسكرية ضمن تنظيم داعش ، و يستخلص ان جميع التنظيمات الإرهابية تمثل خطرا على تونس ما دامت تضم تونسيين يتبنون فكرها ، و يبقى تنظيم أنصار الشريعة أخطرهم للعلاقة المتينة التي تربطه بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي رغم أن عددا من الجهاديين التابعين للتنظيم ابدوا توترا و تململا رغبة منهم في مبايعة داعش و إنشاء تنظيم فرعي له بالمنطقة سمي دامس ( الدولة الإسلامية في المغرب و الساحل ) ، و رغم ان وجود تنظيم القاعدة بالمغرب العربي أمر ثابت عبر تواجد في منطقة الصحراء و الساحل و الجبال و المرتفعات بكل من الجزائر و تونس، فإنّ الوجود الفعلي للتنظيم الإرهابي داعش أو فرعه دامس لا يزال غير مؤكد بالمنطقة .
8 – الفراغ الأمني و ضعف المجال الاستعلامي و الاستخباري :
استغلت الخلايا الإرهابية الناشطة في تونس الانفلات الأمني و ضعف الدولة و أجهزتها لتمرير أجندتها و البدء في تنفيذ عمليات نوعية الهدف منها إدخال البلبلة و ترويع الأجهزة الأمنية و المواطنين لخلق الفوضى و تعتبر أولويات السياسة الأمنية في المراحل القادمة في ملاحقة التنظيمات الإرهابية و تحديد التهديدات الداخلية و الخارجية و خاصة إعادة تفعيل المنظومة الحدودية للحد من ظاهرة التهريب التي تبين أنها متلازمة مع الإرهاب .وفي ظل هذا الوضع الأمني المتقلب و الهش ، وجدت الدولة صعوبة في معالجة القضايا العالقة كالإرهاب و التصدي للجريمة المنظمة و خاصة الترهيب و العنف السياسي و محاولات اختراق الأجهزة الأمنية العسكرية قصد تعجيزها و إرباكها ، و تتطلب مكافحة الإرهاب مراجعة جذرية لقطاعي الاستعلام و الاستخبار بعد إن ضعف آداؤها بعد الثورة بعد حل بعض الأجهزة او تجميد نشاطها .
إستراتيجية مكافحة الإرهاب:
سيظلّ الإرهاب مصدر القلق الأمني الرئيسي لبلادنا ، فقد آن الأوان لوضع إستراتيجية عملية من اجل مواجهة المخاطر الإرهابية ذات الصبغة المتغيرة. و إيمانا بأنه لا يمكن للدولة وحدها مجابهة التطرف و مكافحة الإرهاب ، و يقينا أن القضاء على هذه الظاهرة لا يمكن اختصاره على الحلول الزجرية و الأمنية ، و نظرا إلى أن الإنسان الذي يفتقر إلى ابسط مرافق العيش و يعاني الجهل الجهل و الخصاصة و العزل و التهميش و يحاصره الشك والفراغ و الإهمال و الفقر هو الذي بسقط غالبا فريسة سهلة للاستقطاب و التورط في الأعمال الإرهابية و التطرف ، فانه وجب وضع مقاربة شاملة و متعددة الأبعاد ( approche globale Multidimensionnelle ) لا أسبقية لواحد من أركانها على أخر و لا تفاضل بينهم بينهم لتشمل كافة المجالات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الدينية و التربوية و القانونية إضافة إلى التعاون على المستويين الدولي و الإقليمي و هي النقاط التي يبغي ان تعتمد عليها الإستراتيجية التونسية لمكافحة الإرهاب .
1 – البعد القانوني:
وجب وضع قوانين خاصة ترتب بالإرهاب و تمويله تمثل رأسين أساسهما الوقاية و الردع مع الأخذ بعين إلا اعتبار القوانين الدولية و البيئة الوطنية لمجتمع يمر بفترة انتقالية . فالإرهاب يدعوا للعنف و الكراهية و يهدد استقرار الدولة و مؤسساتها و امن الأشخاص و الممتلكات و يمثل خطرا على المصالح الحيوية للأمة . لذلك فاٍن القوانين وجب أن تكون حازمة و صارمة لمجابهة هذه الظاهرة و مكافحة كل إشكال العنف و الإرهاب و يمكن في هذا المجال اقتراح المنظومة التالية :
- إنشاء قطب مركزي يضم جميع الأطراف المتداخلة و المعنية بالموضوع , يعني بمباشرة التحريات و الأبحاث و المحاكمة مع التركيز عند التعيينات في المجالات الأمنية و القضائية على عنصري الخبرة و الدراية و إعطاء صلاحيات خاصة لمأموري الضابطة العدلية و النيابية و قضاء التحقيق في إطار ممولاتهم لتحقيق نجاعة التتبع.
- التنصيص على عقوبات حازمة و صارمة ضد مرتكبي جرائم الإرهاب و مشاركيهم و المتسترين عليهم .
- سن قوانين لحماية الشهود و المتعاونين مع الأمن و الأجهزة المختصة .
- سن قوانين تشجع على الإبلاغ عن الشبكة الإرهابية بإعفاء المعلم من العقاب في صورة عدم تورطه في أعمال عنف .
- تحديد تعريف الجريمة الإرهابية و الجرائم المتصلة بها .
- انخراط تونس في مختلف الاتفاقيات الأممية المتعلقة بمكافحة الإرهاب بما يتماشى و واقع البلاد .
- تحديد قواعد إجراءات قانونية أكثر مرونة مع مراعاة جانب حقوق الإنسان كالتمديد في آجال الإيقاف التحفضي و توسيع وسائل التحقيق كالتصنت على الهاتف و المراقبة و متابعة الرسائل الالكترونية .
- اجتثاث مصادر الإرهاب في مختلف جوانبها المادية ، التنظيمية و التمويلية .
- تجفيف منابع التمويل و سن قوانين ضد تبيض الأموال و التهريب و وضع آلية تنفيذ خاصة كلجان التحليل المالي و تعزيز قدرات الحرس الوطني و الديوانة و الأمن .
2 – التعاون الدولي في المجالين الامني و القضائي :
إن الجريمة الإرهابية ظاهرة دولية تهدد مناطق عديدة في مختلف أنحاء العالم ، لذلك اهتم المجتمع الدولي بمواجهة هذه الظاهرة بسن العديد من الاتفاقيات و المواثيق تدين الإرهاب و تحدد قواعد الوقاية من خلال ثلاثة أبعاد: وهي تجريم تمويل الإرهاب و مراعاة المواثيق الدولية للحقوق المدنية و السياسية و تجريم تشكيلات التنظيمات الإرهابية .و عادة ما يتأثر الأمن سلبيا و ايجابيا بالوضع الخارجي للدول المجاورة التي ترتبط بحدود جغرافية مع تونس ، من اجل ذلك يتحتم تعميق سياسة التعاون و تبادل المعلومات بين مختلف أجهزة البلدان المجاورة و بذلك تستفيد بلادنا من تجارب بلدان أخرى و خاصة الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب و التشريعات و النظم و الأساليب .ويشمل التعاون ايضا على آليات تنفيذ القانون من حيث إجراءات تسليم الإرهابيين و إجراءات الانابة القضائية و حماية الشهود، و تأسيسا على ما سبق ذكره فان التعاون الدولي مع الدول الصديقة و المجاورة بات أمر لا مفر منه حتى تصبح الأجهزة الأمنية التونسية قادرة على التصدي للهجمات و التوصل الى معرفة هوية المنفذين و محاكمتهم خاصة إن الإرهاب لا وطن له و لا هوية محددة لمرتكبي جرائمه .
3 – المقاربة الشاملة لمكافحة الإرهاب :
يشكل الإرهاب و التطرف الديني تهديدا متواصلا لامن تونس و استقرارها , و بالرغم من ان البيئة الاجتماعية الحاضنة للإرهاب ليست كبيرة في بلادنا الا انه لاحظنا نسقا متصاعدا للعمليات الإرهابية حتى ان تونس أصبحت خلفية لنشاط ”القاعدة في المغرب الإسلامي ” و تنظيم أنصار الشريعة بشقيه التونسي و الليبي .
و لمحاربة الإرهاب بصفة ناجعة وجب وضع مقاربة شاملة ضمن الإستراتيجية الوطنية للمكافحة تنطلق بتحديد الأسباب الجذرية للإرهاب، و التي تشمل الفقر و الخصاصة و البطالة المطولة و النظام الاجتماعي غير العادل و غير المتوازن ، و الفساد و التهميش الاقتصادي و الاستلاب الثقافي نتيجة للتحولات العالمية و العولمة و الانتهاك المنتظم لحقوق الإنسان .
و عليه فإنّ آليات التصدي لايجب ـن تقتصر على المعالجة الأمنية و رغم أهميتها بل ينبغي أن تكون الإستراتيجية شاملة و فاعلة تهتم بالجوانب السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و الدينية .
1-المقاربة السياسية :
بعد الثورة عاشت تونس في ظل غياب الإرادة السياسية لمحاربة الإرهاب مما يمثل نقطة ضعف أساسية في عمل الحكومات التي تداولت على الحكم إلى حد الآن ، و لإنجاح آليات التصدي فالمطلوب ما يلي :
- توسيع الحوار السياسي و تعدد الآراء لتحقيق التنمية المستديمة
- تحقيق توازن اجتماعي بين مختلف الولايات و المعتمديات و المبادرة بتنفيذ ما نصّ عليه الدستور من تقديم امتيازات إضافية إلى الجهات المهمشة و مناطق الظل
- تعزيز دور المجتمع المدني
- توعية المواطنين بخطر الإرهاب و التطرف و انعكاساتهما السلبية على تطور المواطنين و رفاههم .
- تعزيز جهود الصناديق الدولية في مكافحة غسيل الأموال و الجرائم المنظمة و في مقدمها التهريب بعد ثبوت اتصالها بالإرهاب
- متابعة إنشاء وكالة امن قومي او جهاز استخبارات ترصد له صلاحيات واسعة للمساهمة في معالجة القضايا الامنية و التصدي إلى المخاطر التي تهدد البلاد
- توفير التجهيزات و المعدات الضرورية للجيش و قوات الأمن بمختلف تشكيلاتها لتحسين قدرتها و تحقيق النجاعة الميدانية
- توفير الدولة لبرنامج تدريب و رسكلة الموظفين العاملين في مجال مكافحة الإرهاب و تعزيز برامج التعاون الفني مع الأجهزة الصديقة .
- تعزيز الجانب القانوني و سن قانون مكافحة الإرهاب لتشجيع العسكريين و الأمنيين على القيام بمهماتهم في كنف الطمأنينة
- الاهتمام بالعلاقات مع الدول المجاورة للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب و تعزيز منظومة حماية الحدود بين مختلف بلدان المنطقة.
- تعزيز التعاون في المجالات الاستخبارية و الوجستي
2- المقارنة الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية و الثقافية و الدينية :
تلعب العوامل الاقتصادية المتمثلة في الفقر المدقع و البطالة خاصة في صفوف الشباب و انقطاع عدد هام منهم عن التعليم في سن مبكرة مثلما تشير إليه الأرقام التي تم تداولها مؤخرا دورا هاما في دفع الأفراد الى ارتكاب عمليات إرهابية كنتاج لعدم إشباع النسق الاقتصادي رغبات الأفراد.
النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية في ظل هذه التحولات الناجمة عن عمليات التحضر السريع و التغيير الثقافي و الاجتماعي.وترتبط العوامل الاقتصادية بتدني مستوى المعيشة و الدخل و ايضا انتشار الفساد و تفشي ظاهرة انحراف الأحداث في بيئة تتميز بظهور مناطق و إحياء سكنية متاخمة للمدن مما يغذي بروز ثقافات فرعية و خاصة . اما اجتماعيا فتصبح فئة معتبرة من الشباب تعارض آليّا الثقافة السائدة في المجتمع و التي تحدث ضررا نفسيا و ماديا على سكان هذه المناطق و كنتيجة حتمية يلاحظ تدريجيا تفكك اسري يعني انهيار الأدوار الأساسية للأسرة مثل التنشئة الاجتماعية و العلاقات الأسرية و يستغل الإرهابيون هذا الانهيار الاجتماعي لاستقطاب الشباب و إدماجهم ضمن الجماعات الإرهابية .
ومن الأسباب الاجتماعية لبروز الظاهرة الإرهابية حالة التنوع و الانسجام الثقافي في المجتمع فكلما وجدت درجة عالية من الانصهار الثقافي و الحضاري قلت درجة الميول الإرهابية ، لاشتراك المجتمع الواحد في القيم و العادات و التقاليد و السلوك ، فتتوحد الهوية الخاصة و الهوية العامة في هوية واحدة جامعة تسود بين مختلف الطبقات و الأوساط فيتحقق بذلك التجانس ليقف عائقا أمام العمليات الإرهابية ، غير ان المجتمع التونسي عانى بعد الثورة من إيجاد صيغة تؤلف بين الهوية الخاصة و الهوية العامة بسبب وجود أزمة سياسية داخلية نتيجة لاختلاف الآراء حول الهوية و بسبب التدخلات الخارجية .
و خلاصة لما سبق ذكره يتضح أن التعددية الثقافية و الحضارية شكلت خطرا خلال السنوات الأخيرة على الهوية الوطنية في ظرف تميز بعدم الاستقرار السياسي و الأمني و الاقتصادي استغلته بعض الجماعات الإرهابية كالقاعدة في المغرب الإسلامي و أنصار الشريعة و خلايا إرهابية أخرى لاستقطاب عناصر شبابية من فئة عمرية معينة لتنفيذ عمليات إرهابية دموية ذهب ضحيتها رجال الأمن و الجيش .
إما في المجال التربوي ، فقد برزت بتونس بعد الثورة مظاهر انعكست سلبا على نحت الشخصية التونسية العربية الإسلامية و تأصيلها في جذورها الحضارية و انفتاحها على المعارف الإنسانية و ثقافاتها ، فقد برزت مدارس قرآنية تحرض على العنف و استمدت إيديولوجياتها من الشرق اعتمادا على خطاب غريب عن تونس يقوم على ما عرفه التونسيون من نمط اجتماعي و مدني يدعو إلى ثقافة الاعتدال و التسامح و نشر قيم التآخي و الانفتاح على إنتاج الفكر الإنساني بما يثري الذات و يقرب المعرف الإنسانية في عملية بناء الشخصية المستنيرة و المتزنة لدى التلاميذ و الطلبة . ودينيا ، وبعد الانفلات الأمني و السياسي الذي عرفته البلاد بعد الثورة تحول عدد من المساجد و الجوامع الى بؤر لتغلغل الخطاب الديني المتشدد و الدعوة المفتوحة إلى الجهاد و بث النعرة التكفيرية و التحريض على القتل في ظل تقصير من وزارة الشؤون الدينية التي لم تقدر خطورة هذه الظاهرة في الابان و مثال ذلك خروج دعوات القتل و التصفية من مساجد حادثتي اغتيال كل من شكري بالعيد و محمد لبراهمي .كما تردد على بلادنا مجموعة من الدعاة التكفيريين و الوهابيين قادمين من الشرق و اعتمدوا في مداخلاتهم خطاب تكفيري و إقصائي لكل من يخالفهم الرأي.
و للتصدي للإرهاب وجب وضع استراتيجية واضحة في المجالات الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و الدينية لتحقيق التوازن المنشود ومنع انخراط الشباب في أعمال العنف و التطرف و الإرهاب تكون معالمها كالآتي :
– العمل على تحقيق حد ادنى من المساواة الاقتصادية و المادية بين طبقات و فئات المجتمع المختلفة .
– تحقيق التوازن بين مختلف مناطق الجمهورية و توفير الشغل تدريجيا لطالبيه مع مراعاة حالة البلاد الاقتصادية و تحقيق التنمية المستديمة في المناطق المهمشة .
– تطبيق سياسات اقتصادية و اجتماعية تؤمن الفئات الهشة و المهمشة من الخصاصة و الجوع و الشعور بالحرمان .
– توحيد القوى الديمقراطية حول قيم و مبادئ حقوق الانسان و التسامح بين الأديان و الثقافات و دعم البرامج الرامية الى تعزيز الحوار متعدد الثقافات و خاصة بين العلمانيين و الإسلاميين بهدف تعزيز الفكر التنوييري .
– تهيئة الأحياء الشعبية و المتاخمة للمدن و إنشاء دور ثقافة و فضاءات ترفيهية ينصرف اليها الشباب درءا لمخاطر الانحراف و الاستقطاب من الجماعات الإرهابية .
– تبنّي الحداثة و الفكر المستنير
– توعية المواطنين بمخاطر الإرهاب و التطرف.
– تحديد المعايير و قواعد الأخلاق لتقييم طباعة أو نشر المواد و الكتب التي تدعو الى الكراهية و تحرض على العنف .
– تعزيز جهود الصناديق الدولية في مكافحة غسل الأموال و الإرهاب .
– الحد من مخاطر امتزاج الأنشطة الإجرامية و التطرف الديني في ضواحي المدن الكبرى و الأرياف .
– انجاز مشاريع تنموية في المناطق الحدودية المهمشة شرقا و غربا للحد من ظاهرة التهريب و البحث عن الاغتناء السريع السهل عبر التهريب و التجار في الأسلحة و هما الوجه اللوجستي للإرهاب و ذلك في ظل غياب إطار تشريعي لمعالجة آفة التهريب .
– وضع برامج تربوية تعزز نحت الشخصية التونسية العربية الإسلامية و تأصيلها في جذورها الحضارية و انفتاحها الواعي على محيطه الخارجي و ثقافات الآخرين.
– دعم جامعة الزيتونة باعتبارها منارة إسلامية , و ترويج فكرها التنويري .
– تربية التلاميذ و الطلبة تربية ترسخ في أذهانهم ثقافة الديمقراطية و حقوق الإنسان و ثقافة التسامح و الحوار بين الحضارات و الأديان .
– منع السلفيين و التكفيريين من اعتلاء المنابر .
– غلق المساجد التي سيطر عليها الجهاد يون في مرحلة أولى ثم تعيين و بصفة تدريجية أئمة يدعون إلى الخطاب التنويري المعتدل .
3-المعالجة الأمنية :
من حق الدولة مواجهة الإرهاب استخداما لحقها في الدفاع عن سيادتها و أمنها و استقرارها و سائر حقوق مواطنيها ، و ذلك من خلال وضع استرتيجية أمنية واضحة المعالم تقوم على مبدأ الحسم القانوني و اجتثاث الإرهاب من أصوله لدحر الإرهابيين و تقوم هذه الاستراتيجية على ما يلي:
– مراقبة الفضاء المسجدي و ألجمعياتي خاصة بعد ظهور مئات من الجمعيات الخيرية لا يعرف مصدر تمويلاتها و برامجها .
– عزل العناصر الإرهابية الموزعة داخل أنحاء الجمهورية و ذلك من خلال قطع مسالك الإعاشة و من خلال الدعم الخارجي المتمثل في المراقبة الناجعة للحدود و القضاء على جميع الشبكات الإرهابية .
– القضاء تدريجيا على ظاهرة التدريب بعد ان ثبت ان المهربين و الإرهابيين يعتمدون على نفس الأسلوب و في بعض الحيان يتعاونون معا في نفس المناطق الحدودية و على نفس المسالك و المحاور و يستخدمون نفس تقنيات التهريب سواء أكانت مواد استهلاكية بالنسبة للمهربين او الأسلحة بالنسبة للإرهابيين .
و تجدر الإشارة إلى أن الإرهاب يمول عادة من مرابيح التهريب في إطار إعادة توزيعها و تبييض الأموال الوسخة التي يكون عادة مصدرها الاتجار في المخدرات والاسلحة ومن اجل ذلك فان مكافحة التهريب تساهم في الحد من المخاطر الأمنية المرتبطة بالإرهاب و الجريمة المنظمة .
– تحديد العدو و كيفية مجابهته.
– رصد مكونات الجماعات الإرهابية على المستويين الفكري و التاطيري و كيفية دخولها إلى تونس و استعداداتها للقيام بعمليات إرهابية .
– التصدي للجهاديين القادمين من بؤر التوتر و خاصة سوريا و العراق و ليبيا و الذين كسبوا خبرة فائقة و متطورة في القتال و صنع المتفجرات و تفخيخ السيارات , من خلال إلقاء القبض عليهم قبل تغلغلهم في المناطق الداخلية .
– اتخاذ تدابير و تشريعات وطنية لمنع الإرهابيين من مغادرة بلادنا في اتجاه الخارج للتدرب على السلاح و شن العمليات الإرهابية ضد تونس في مراحل لاحقة .
– تكثيف عمليات التفتيش على الحدود الجنوبية الشرقية عند معبري رأس جدير و الدهيبة و وازن مع ليبيا مع تكثيف الدوريات المختلطة .
– تسيير التعاون الأمني مع البلدان المجاورة من خلال تعزيز تبادل المعلومات .
– تعزيز التعاون الدولي و الإقليمي و الثنائي بين الدول لتحديد و تفكيك الخطر التمويلي للإرهاب و تبادل المعلومات في الوقت الفعلي .
– تنمية اليات و وسائل تكنولوجية لجمع قاعدة بيانات كفيلة لتحليل المعلومات المتوفرة .
– تعزيز العمل الاستعلامي الاستخباري لمجابهة ظواهر التهريب و الإرهاب و الجريمة العابرة للقارات باعتماد التكنولوجيات الحديثة إضافة إلى المصادر البشرية .
– إعادة نثر القوات المسلحة و قوات الأمن الداخلي لضمان تدخل ناجح و سريع عند حدوث اعتداءات إرهابية و التأقلم مع الخاصيات الأمنية الجديدة المتمثلة في النسق التصاعدي للعمليات ما يجعل انخراط جميع القوات في عمليات التصدي ضرورة قصوى .
– زيادة التنسيق مع أجهزة البلدان المجاورة و الغربية في مجال تهريب الأسلحة و المخدرات و الرفع من قدرات الأطراف المتداخلة .
– تحديد الأفراد و الكيانات التي يشتبه في تمويلها للإرهاب و اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم .
بذل أجهزة الاستعلام و الاستخبار جزءا هاما من مجهداتهم في تحديد و مواجهة العوامل التي استغلها الإرهابيون في تجنيد عناصرهم و المتعاطفين الجدد معهم .
– استخدام الوسائل الفنية و التقنيات المتطورة لاختراق الجماعات الإرهابية و معرفة مخططاتها و أنشطتها المستقبلية .
إنشاء آليات إنذار مبكر , و إدارة الأزمات و تحسين قدرات الأطراف المتداخلة في مكافحة الإرهاب و التهريب و الجريمة المنظمة العابرة للقرات .
– العمل على كشف اختراقات من قبل الجماعات الإرهابية للمؤسسة الأمنية و القضائية و الإعلامية .
الخاتمة:
إن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تؤدي إلى نتائج ملموسة إلا إذا توفرت إرادة سياسية حازمة تدعو إلى بذل جهود جماعية وطنية أساسها أقصى درجات التعاون و التنسيق بين مكونات المجتمع التونسي مع الأجهزة الأمنية من امن و حرس وطنيين و وحدات الجيش , و ايضا بين صنُّاع القرار في تونس و الدول الإقليمية لتبادل سريع للمعلومات الأمنية الاستخباراتية , إلا أن القضاء على الإرهاب يتطلب وقتا طويلا نسبيا لذلك فإن الإستراتيجية و جب أن تعتمد على إجراءات عاجلة و أخرى آجلة على المدى المتوسط و البعيد .
المصدر : “مركز الدراسات الإستراتيجية و الدبلوماسية”