
محمد بن علي*
بعيدا عما قاله المرزوقي وجماعته من ان جماعة قصر قرطاج والقصبة مارسوا ضغوطا على قناة التاسعة لمنع تمرير حوار الرئيس السابق وبعيدا عن خيار الصمت الذي تحلت به القناة في عدم الرد على اتهامات جماعة المنصف بالصنصرة فيما يلي قراءة مغايرة لما حدث والغاية من وراء منع بث الحوار.
اولا لنتذكر جيدا ان رئيس الحكومة السابق لما تأكد من مغادرته القصبة ظهر اعلاميا وحصريا على قناة التاسعة وصرح تصريحه الشهير بان البعض ضغط عليه للاستقالة وهددوه بان “يمرمدوه ” ان واصل تعنته وقد كان حينها حوار الصيد صدمة لأغلب التونسيين الذين وقفو على كيفية تعامل السياسيين فيما بينهم وكيف ان المناصب الرسمية باتت لعبة بيد بعض المستشارين المحيطين برئيس الجمهورية والذي خرج بعد الحوار في صورة المغلوب على امره والأسد الفاقد لمخالبه.
خلاف حبيب الصيد مع السبسي مثل بداية القطيعة بين الشقين المتحكمين تاريخيا وحاليا في تونس باللعبة السياسية شق الساحل وشق البلدية فالساحل تاريخيا هو الممول الرسمي للإدارة في تونس في حين انبرى البلدية على ممارسة السياسة وعقد التحالفات.
في كل صراع اذا تأتي الحاجة الى وسائل وأساليب تعتمد لضرب المتصارعين لبعضهم البعض وفي هذا الصراع الساحلي البلدي انيطت على ما يبدو بعهدة المشرفين على قناة التاسعة ضرب وتشويه صورة رئيس الجمهورية الحالي المحسوب على الشق البلدي فكان لزاما ان تكون الضربات تحت الحزام من خلال تصوير الباجي وجماعته على انهم الغول الذي سيلتهم الحريات وسيمنع الحق في التعبير المكسب الوحيد الذي خرج به الشعب التونسي بعد الثورة.
وحتى تكتمل الصورة وجهت قناة التاسعة الاستدعاء للمنصف المرزوقي الرئيس السابق والحقوقي والمدافع الشرس عن الحريات والخصم الالد للباجي وما كان للمنصف ان يرفض الدعوة طالما انها فرصة لتوجيه ضربات وتسجيل نقاط على حساب خصمه السياسي الابدي فكان حضوره وموافقته على اجراء الحوار في قناة التاسعة.
بعد اجراء الحوار تم التسويق وإشاعة الخبر على ان ضغوطات سياسية مورست على القناة لمنع بث الحوار (قد تكون هناك تصرفات او تدخلات فردية من البعض لا نتصور ان الباجي شيخ السياسيين والثعلب الماكر سيعطي فرصة كهذه لخصمه المرزوقي حتى يسجل نقاط على حسابه.
لم يتم بث الحوار كما هو متفق عليه سابقا داخل غرفة العمليات وذلك حتى يخرج المرزوقي وينظم ندوته الصحفية المعتادة ليوجه صرخة في التونسيين مفادها ان الحريات باتت مهددة ويزداد الاحتقان الشعبي والسخط على رموز الدولة وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ورئيس حكومته يوسف الشاهد الذي مثل الورقة التي اخفاها الباجي على الصيد وشق الساحل عموما وضربهم بها بعد ان اشتد عوده وعلموه السياسة في محرابهم.
تمرير حوار المرزوقي لن يكون له تأثير في الرأي العام كمنعه من البث فما كان سيقوله المنصف لن يخرج عن دائرة اتهام الباجي والنداء من كونهم فشلة واعداء للحريات وخطر على الحقوق وعصابة اختطفت البلد وأفشت فيه الفساد مثلما عودنا المرزوقي.
اما منع تمرير الحوار سيطرح تساؤلات شعبية عن مصير الحريات والذي ثبت ان التونسيين لن يتخلوا عنه ابدا ولنا في ذلك عدة امثلة ( قضية اغتصاب الفتاة من قبل 3 امنيين-قضية اعتداء امنيين على مواطن اعزل نصرة لمواطنة بالخارج-قضية اللوالب المنتهية الصلوحية-….) فشق الساحل يسعى إذن الى اضعاف منصب الرئيس وتقليص دائرة المحيطين به ذلك انهم لن يتسامحوا معه اذ انه طعنهم سياسيا في الخلف بعد أن كانوا له ظهيرا فالتعيينات الاخيرة مثلت القطرة التي افاضت كاس الساحل وسنشهد محاولات وصراعا طويلا بين الشقين فالبلدية بدورهم لن يسكتوا على هذه الاستفزازات وعلى اعادة سيناريو آخر أيام بورقيبة ولن يرضوا بفجر سابع نوفمبر جديد.
ملاحظة أولى: عبارة شق الساحل وعبارة البلدية لا تحتوي اي خلفيات جهوية وانما توصيف ومصطلحات أطلقت منذ القدم على اقطاب الساسة في تونس.
ملاحظة ثانية: كاتب هذا المقال صحافي تونسي محايد لا ينتمي لا للساحل ولا للبلدية
المصدر: الوطن الجديد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*محمد بن علي، صحافي تونسي (استخدم الزميل اسما مستعارًا التزاما بضوابط عقده مع قناة أجنبية)