
منير كشوخ: (*)
تجدر الإشارة في البداية إلى أن كل الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة بدءا بحكومتي محمد الغنوشي 1 و2 وحكومة الباجي قائد السبسي وحكومتي الترويكا وصولا الى الحكومة الجديدة انخرطت بكل حماسة في سياسات التقشّف المفروضة من طرف الأوساط المالية العالمية (وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي). وقد قادتنا توجهات الحكومات اليمينية-الظلامية مباشرة إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد والفقر المدقع الذي يعاني منه الشعب إذ لم تقم هذه الحكومات الا ببعث مافيا مجرمة باتت تسيطر اليوم على كل دواليب الدولة وعلى الأحزاب الحاكمة التي تموّلها بكل سخاء.
ولم تكف الجبهة الشعبية بوصفها مدافعا شرسا عن الشعب وكذلك نوابها بالبرلمان عن شجب هذه التوجهات التي خلّفت خرابا على كل المستويات.
والمنجي الرحوي هو أحد نواب الجبهة الذي لم يكفّ كلّ مرّة يُعرض فيها مشروع قانون على مجلس نواب الشعب وخلال كل جلسة يعقدها هذا الأخير عن التعبير عن استنكاره لهيمنة صندوق النقد الدولي والبنك المركزي وفرضهما سياسات لا شعبية على تونس بل فرض المنجي الرحوي نفسه كزعيم المعارضين لإملاءات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وللجوء الآلي إلى التداين محذّرا كل من يرغب في سماعه من أنّ بلادنا على طريق فقدان سيادتها الوطنية.
لكن يظهر ان المنجي الرحوي طويل اللسان في مجلس نواب الشعب قد ابتلع لسانه خلال جلسة منح الثقة لحكومة يوسف الشاهد ويبدو أن سكتة مميتة ضربت صوته مباشرة إثر لقائه برئيس الحكومة الجديدة… حكومة لا تختلف في توجهاتها عن سابقاتها وهو لقاء عُرض عليه خلاله منصب وزاري… منصب لعب بعقله وزلزل فيه قناعاته العميقة.
وقد تمّ اللقاء بشكل سري ومن وراء قيادة حزبه “الوطد” والجبهة الشعبية التي هو أحد نوابها بمجلس نواب الشعب.
وقد أدان “الوطد” بكل وضوح هذا الانحراف وتبرّأ مما أتاه المنجي الرحوي مؤكدا بكل وضوح تمسّكه بموقف المجلس المركزي للجبهة الشعبية.
ورغم التحذير الصادر عن هياكل “الوطد” و”الجبهة” صمّ المنجي الرحوي أذنيه خلال جلسة منح الثقة لحكومة الشاهد وخالف توجّه كتلته البرلمانية ولم يُعارض منح الثقة للحكومة الجديدة بل احتفظ بصوته.
والأخطرأن الرحوي مرّ اليوم إلى مرحلة ثانية ونراه يهاجم بكل قوة الجبهة الشعبية وكأنه مكلّف بمهمة نبيلة.
يحدث ذلك وسط تهليل وتصفيق الأحزاب اليمينية-الظلامية التي تذيّلت لـ”التجمّع” المنحلّ وأخرى لعبت سابقا دور أحزاب ديكور باع أصحابها ضمائرهم.
على المنجي الرحوي ان يتذكّر ان الجبهة الشعبية تعرّضت لعديد محاولات الزعزعة وبثّ الفتنة فيها فشلت كلّها فشلا ذريعا وخرجت منها هياكل الجبهة أكثر وحدة فيما تشظّى كلّ من استهدفها.
وستظلّ الجبهة الشعبية رغم ضربات وسائل إعلام تسيطر عليها مافيا “التجمّع” القديمة-الجديدة صخرة صمّاء ومدافعا عن مصالح الشعب… صامدة بلا ركوع.
لن تسقط “الجبهة” في حبائل الوصولية التي أوقعت ببعض اليساريين من أصحاب النفوس الضعيفة فقبلوا عن طواعية بلعب دور ديكور للتجمعيين وسط سعادة النهضة.
المصدر : الشارع المغاربي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)- قيادي بالجبهة الشعبية