تونسدراسات

تطوّر العلاقة التاريخية بين “الدساترة” والتيّار الإسلامي قبل وبعد الثورة (1 من 10 )

 

Résultat de recherche d'images pour "‫تونس‬‎"

علي عبد اللطيف اللافي:

            تهدف دراستنا هذه، كما بيّنا في الحلقة التمهيدية[1]، إلى تسليط الضوء على تطوّر العلاقة التاريخية بين التيارين الإسلامي والدستوري، و فهم ذلك التطور بمختلف تشكلاته التاريخية ومنعرجاته الحاسمة، و تبيان ملامح تأثير ذلك في طبيعة الصراع السياسي والإيديولوجي اليوم وفهم بعض المواقف المتضاربة داخل العائلة الدستورية وداخل التيار الإسلامي بأحزابه وتنظيماته و أساسا داخل حركة النهضة وطبيعة تطور العلاقات بينهما مستقبلا…

الحلقة الأولى

العائلة الدستورية والتيار الديني  (1920- 1955)

     تمهيد:

            لا يختلف اثنان في أن الدساترة خلال مرحلة التحرر الوطني، هم من قادوا الحركة الوطنية و بنوا المنظمات الوطنية ولكن من الإجحاف إنكار دور التيار الديني في خوض معركة التحرير الوطني وبناء هياكلها بل وتأسيسها وأنه كان النواة الباعثة والفاعلة في بداية القرن الماضي ولكن بتماه كامل مع تأثيرات حركة الإصلاح وبدعم وتفاعل متبادل مع النواة الأولى للحركة النقابية التونسية ووفقا لمؤثرات الحداثة واستلهاما  لمؤثرات  لليبرالية المعاصرة وبُعدها التحرري أنذاك، والذي ظهر في تسمية الحزب أي “الحزب الحر الدستوري التونسي”، وأيضا في كتابات الثعالبي على غراركتابه “رُوح التحرر في القرآن” كمثال للذكر لا الحصر…

وقد مرت العلاقة بين العائلة الدستورية والتيار الديني بمختلف تشكلاته بمرحلتين أثناء فترة الحماية الفرنسية(1881-1956):

1- مرحلة التعايش: وامتدت واقعيا من 1920 إلى سنة 1934 في بعدها التنظيمي وتواصلت إلى حدود بداية الخمسينات فكريا وسياسيا…

2-مرحلة التمايز والخلاف والصدام والمواجهة: وهي المرحلة التي بدأت تنظيميا سنة 1934 ولكنها لم تتجلى فكريا إلا بداية الأربعينات، ولم تتوضح سياسيا و إعلاميا إلا مع بداية مفاوضات الاستقلال أي منتصف الخمسينات …

1 – تعايش أنصار “الجامعة الإسلامية” و”تيار الحداثة” داخل الحزب الحر الدستوري التونسي(1919-1934):

           تأسَس “الحزب الحر الدستوري التونسي”، الذي قاد الحركة الوطنية التونسية في مراحلها الأولى،  في بداية العشرينات من طرف عدد من الوطنيين على غرار الشيخ عبد العزيز الثعالبي، وقد تأثّر هذا الحزب بالحركة الإصلاحية التي عرفتها البلاد في أواخر القرن التاسع عشر، وكان ذا توجه إسلامي و عُروبي بمسحة ليبرالية وتحررية، و قد تمحورت مطالبه في قيام نظام دستوري مع تشكيل حكومة وطنية من طرف الشعب التونسي، و يعتبر موضوعيا تطورا لحركة الشباب التونسي التي نشطت وقُمعت قُبيل الحرب العالمية الأولى، وقد التفت المجموعة المؤسسة حول كتاب “تونس الشهيدة” للشيخ عبد العزيز الثعالبي، و من المؤسسين إضافة إلى الشيخ الثعالبي، “صالح فرحاتو”مُحيي الدين القليبيو”أحمد توفيق المدنيو”أحمد الصافيو”أحمد السقاو”علي كاهيةو”حمودة المستيريو”الحبيب زويتن“، وعمليا تعايش في الحزب تيارين أو بالأحرى اتجاهين ظهرا في واقع الأمر قبل تأسيس الحزب بل منذ نهاية القرن التاسع عشر:

  • الاتجاه الإصلاحي، ومثله “البشير صفر” و”محمد الأصرم”، والذين برزت آراؤهم بوضوح أثناء انعقاد المؤتمر الاستعماري سنة 1906 ….
  • الاتجاه الديني (أي المتأثرون بفكرة “الجامعة الإسلامية”)، وأول رُواده هو محمد السنوسي (والذي كان عضوا في جمعية “العروة الوُثقى” بقيادة جمال الدين الأفغاني) وتطور هذا الاتجاه في اتجاه تأسيس حركة الشباب التونسي بزعامة “علي باش حامبة”…

و بداية من سنة 1933 عقد الحزب مؤتمرا استثنائيا قرر على إثره ضم مجموعة جديدة…

           ونتيجة وجود هذين الاتجاهين ونتيجة عوامل ذاتية وموضوعية وخاصة تركيبة الحزب التنظيمية بدأت منذ شهر مارس 1921 بوادر انشقاق داخله وظهر حزبين آخرين انشقا عنه:

أ-الحزب الاصلاحي:

             تأسس عام 1921، وهو غير مرتبط عضويا بالجناح الإصلاحي للحزب الحر رغم التناغم  في التسمية، و قد طالب يومذاك “بالالتزام بنصوص الحماية ومنح التونسيين إصلاحات في إطارها وربط تونس بفرنسا ربطا كليا”[2]، وكان من أبرز مؤسسيه المحامي “حسن القلاتيو”الصادق الزمرلي“، و قد انتقد جماعة الحزب الإصلاحي مواقف “الحزب الحرّ الدستوري التونسي”، التي اعتبروها مُتصلبة من الاستعمار، و قد عبّر “الإصلاحيون” عن آرائهم من خلال الصحافة وقد اتخذوا في البداية صحيفة “البرهان” لسان حالهم، ثم عوضتها جريدة النهضة عام 1923، قبل الاندثار تماما في أواسط العشرينات، بعد أن وقف ضد “جامعة عموم العملة” التونسية التي أسسها محمد علي الحامي

ب –  الحزب الحر الدستوري المستقل:

           تأسَس في نوفمبر 1922، و قد كانت للإقامة العامة الفرنسية بتونس يد في ظهوره، وقد ترأسه “فرحات بن عياد“، الذي كان مُمثلا للحزب الحر الدستوري التونسي في العاصمة الفرنسية باريس، وقد راهن عليه المُقيم العام الفرنسي “لوسيان سان” من أجل شق الحزب، وفي مطلع عام 1924 عُين في منصب كاهية صاحب الطابع في الحكومة التونسية، مما أنهى وجود الحزب فعليا بل وعاد عدد من أنصاره إلى صفوف الحزب الحر الدستوري، وقد ناصرته بعض الصحف من بينها “مرشد الأمة” للشيخ سليمان الجادوي و”المنيرللشاذلي المورالي وغيرهما…

2- الخلاف بين التيّارين  الإصلاحي و العروبي الاسلامي و تأسيس الحزب الدستوري الجديد:

           بداية من سنة 1933 عقد الحزب مؤتمرا استثنائيا قرر على إثره ضم مجموعة جديدة تُساند توجهاته، ولكن ما لبث إن نشب خلاف أفضى إلى انشقاق مجموعة   كوّنت الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد و ذلك بسبب الخلاف بين التيار التحرري وذا المنحى العروبي و الإسلامي  الذي يمثله الحزب القديم و التيار ذي الثقافة الغربية و الذي مثلته مجموعة “العمل التونسي”، والتي سمت حزبها بالحزب الحر الدستوري الجديد وقد انحصر الخلاف بينهما في خصوص طريقة التعامل مع المستعمر لحل مسألة استقلال البلاد و نتيجة لذلك انعقد مؤتمر قصر هلال في 02 مارس 1934، و أطلق عليه تسمية مؤتمر البعث، قاد الحزب الحر الدستوري الجديد الكفاح الوطني إلى غاية حصول البلاد على استقلالها و من أبرز قياداته يومها صالح بن ويسف والحبيب بورقيبة ومحمود الماطري، وقد تواصل الخلاف في الواقع فكريا وسياسيا حتى أثناء أحداث افريل 1938 والتي سقط فيها العشرات من الشهداء، بل أن بورقيبة أطلق على أنصار الحزب القديم، تسمية “الغرانطة”، بل وتمت محاصرة الثعالبي بعد عودته من المشرق العربي وتشويهه من طرف بورقيبة ومحاولة عزله شعبيا على غرار حداثة ماطر المعروفة بل أن البعض ذهب إلى وجود مخطط لتصفية الثعالبي يومذاك( وهو ما توصلت إليه طالبة في كلية 9 أفريل بالعاصمة بعد دراستها وثائق عائلة الثعالبي وقد تم الضغط عليه امنيا من اجل التخلي عن بحثها  سنة 2008) …. 

3-تعايش وتمايز داخل الدستوري الجديد:

           ورغم ذلك تعايش الدستوريون في الحزب الجديد مع التيار العُروبي الإسلامي ولم تظهر أي بوادر خلافات فكرية كبيرة  حيث كان بورقيبة وقادة الدستور الجديد منفتحين على العالم العربي والإسلامي، وكان هناك تفاعل مع التيارات الإسلامية في المشرق والمغرب مكنت الحركة الوطنية التونسية من التجذر وهذا لا ينفي وجود بوادر صراع إيديولوجي خفي وغير معلن وهو ما بينه الباحث يوسف مناصرية في كتابه “الصراع الإيديولوجي في الحركة الوطنية التونسية 1934-1937” …

       وعمليا ظهرت في تلك الفترة مُنظمة “البعث الإسلامي”، والتي كان نشاطها سريا ومغلقا وكان أعضاؤها يرون في الحزب الجديد خطرا على هوية تونس العربية والإسلامية كما أن الشيخ عمار لبيض وهو من رواد الإصلاح الديني في الجنوب التونسي قد ذهب إلى مصر وبايع “حسن البنا” (مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية)، ثم عاد إلى تونس وقابل كل من بورقيبة وصالح بن يوسف وعبر للمقربين منه أن بورقيبة سيكون مشروعه خطرا على تونس وأن بن يوسف هو من يجب أن يقود الحركة الوطنية في المستقبل و إلا في أن البلاد ستتجه في اتجاه الإلحاق بالغرب..

ومنذ الأربعينات نبه “الهادي نويرة”، بورقيبة من أن صالح بن يوسف يتجه للسيطرة على الحزب وان له توجهات هي نفسها توجهات الثعالبي وبالتالي بعث إليه برسالة خاصة يؤكد فيه أنه يجب أن يعود وإلا فان ما فعله هو بالثعالبي سيفعله به بن يوسف…

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  أنظر الحلقة التمهيدية المنشورة في موقع شمال إفريقيا (www. Afriquenord.net)

[2]  مناصرية يوسف ، الصراع الايديولوجي في الحركة الوطنية التونسية 1934- 1937، ص 8

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اعلن اليهودي رئيس تونس الباجي كستلانو البارحة عن فشله بالاعلان عن وجوب تكوين حكومة وحدة وطنية، و نهايته وشيكة بحول الله مع كل الخونة الذين ساندوه و على رأسهم الماسوني المتاجر بالدين غنوشي. هل اكل عبد الفتاح مورو حين زار معبد الماسونيين اليهود بجربة من خبزهم المصنوع من دماء مسلم مقتول؟؟؟؟.
    يجب الضرب بقوة الآن بالذات و فضح تزوير انتخابات 2014 و رفض اي حكومة توافقية فاشلة مرة اخرى، فلن نرضى بغرق سفينتنا، و يجب المطالبة فورا باعادة الانتخابات التشريعية و الرئاسية، بعد اصلاح القانون الانتخابي عن طريق حوار وطني يشارك فيه كفاءات تونس من القانون الدستوري.
    ابن خلدون بشارع الثورة يدل على قوة الحضارة الاسلامية النابعة من جامع الزيتونة المعمور و صنم بورقيبة الذي اعتدوا به على ارادة شعب تونس بوضعه في شارع الثورة هو يمثل فشل تغريب الشعب التونسي و غلق جامع الزيتونة المعمور.
    و تتبينون نذالة الشيخين المزيفين غنوشي و مورو حين قضى اتباعهما خمسة سنين ما بعد ثورة 14 جانفي يسبون بورقيبة بالفيسبوك و اليوم يباركون صنبته بشارع الثورة.
    تلك المقارنة هي نفسها مع المناظل محمد مزالي صاحب مجلة الفكر و مقنع بورقيبة بوجوب ادماج الاسلاميين في العملية السياسية و شرع في تعريب التعليم لاتمام تكريس سيادتنا، و قد غدر به الماسوني غنوشي المثلية و شارك اليهودي حامد القروي في تنفيذ اجندته الصهيونية بتفجيرات النزل بسوسة و المنستير لازاحة المناظل محمد مزالي من الحكم، و التي تمكن بها الموساد المخلوع بن علي من الانقلاب على بورقيبة و تخريب تونس مع اليهود.
    لا امامة بالاسلام الدين الذي يدعو لتحرير العقل من عبادة اي كان غير الله، و ما الامامة الا من الفتن اليهودية التي قتلوا بترهاتها الخليفة جامع القرآن عثمان ابن عفان رضي الله عنه.
    و انا ابين لرئيس حزب التحرير رضا بالحاج ان يتخلى فورا عن فكرة الخلافة بالامامة لانها الطريقة الماسونية التي دمرت الاسلام و المسلمين و هي التي ارتكزت عليها المخابرات الانقليزية في غرس الورم السرطاني الشيعي بايران ذلك السيخ خميني الذي يهدد اليوم مقام رسولنا الكريم صل الله عليه و سلم بالمدينة المنورة و الكعبة المشرفة بمكة.
    لا تكون خلافة للمسلمين يا حزب التحرير بغير اقامة العدل باوطاننا و طرد عملاء الاستعمار و نشر الديمقراطية في جميع مؤسسات الدولة و الاحزاب و عدم تدليس ارادة الناس. قارنوا بين المغنية الجاهلة سنية مبارك وزيرة للثقافة و قد ارسلت قصص دبدوب الصغير لمعرض الكتاب بسويسرا و بين الدكتور الشادلي القليبي عهد بورقيبة. تبين اليوم ضحالة الجامعة التونسي و المؤرخين الذين انتجتهم و هم لليوم لم يتبينوا الهيمنة الصهيونية على تونس و الفصل بوثيقة الاستقلال الداخلي لجوان 1955 الذي ينص على وجوب ان يكون الحاكم بالداخلية التونسية فرنسي و هو اليوم برنار فتوسي الذي اغتال الشهيدين بالعيد و البراهمي. لمياء بالكناني 03 جوان 2016.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق