تحاليلتونس

نزول حاد في ”اوديمات” الحوار التونسي

 

Afficher l'image d'origine

 

بقلم: شكري بن عيسى (*)

 

      برغم كل المحاولات لترميم صورتها التي قام بها سمير الوافي الذي اراد ان يظهر بمظهر الحياد بعد استنكاره واستهجانه لما صرحت به الجامعية نايلة السليني والتي قام بها نوفل الورتاني رئيس تحرير القناة وايضا لطفي العماري رئيس تحرير “كلام الناس” الذي وصل الى ادعاء وجود مشروع مع اذاعة الزيتونة لتشجيع حفظ القرآن متراجعا بذلك عن بطولاته الهوجاء في تبرير المثلية و”تأصيلها” في التراث العربي الاسلامي وتعداده الامثلة والشواهد٬- برغم كل ذلك- وعلى وقع الحملة الشعبية التلقائية التي يقودها نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي “فايسبوك”٬ لأول مرة منذ بعثها “الحوار التونسي” وفي برنامجها المحوري “اليوم الثامن” تحقق رقما قياسيا سلبيا في نسبة المشاهدة وتصل في ذروة المشاهدة على الساعة الحادية عشر و35 دقيقة الى 5.4%

وهو رقم كارثي بأتم معنى الكلمة بعد ان كانت نسبة المشاهدة لنفس البرنامج قبل سنوات في المعدل تفوق 50%٬ ويبدو ان صيحات الفزع اطلقت ليلة الخميس٬ والاضطراب ساد٬ فالرقم نزل في مرحلة  اولى الى 9.10 %على الساعة العاشرة و5 دقائق ثم الى 7 %في حدود العاشرة و50 دقيقة قبل ان يتجه نحو الـ5 %في ذروة البرنامج٬ وهي ارقام تؤكد وجود اتجاه مقاطعة كبير استجابة للدعوات المتعالية٬ ولكن ايضا بصفة تلقائية من العائلات التي ُصدمت من طبيعة البرامج التي تهاجم القرآن صراحة وتدعو للمثلية جهارا وتقوم بالدعاية للتحولات الجنسية على الملأ.

ويبدو ان ادارة القناة وتحريرها ستدخل في ازمة خانقة في قادم الايام وخاصة مع قدوم رمضان واحتداد المنافسة مع قنوات “نسمة” و”التاسعة” و”الوطنية” وغيرهم من القنوات الاجنبية والوطنية٬ وهو موسم حصد المداخيل العالية من الاستشهار الذي سيتحدد اتجاهه وارقامه خلال هذه الايام٬ والتهديدات بمقاطعة منتوجات بعض المستشهرين سيكون لها وقع في هذا الظرف ويجعل اغلبية الشركات تصرف النظر عن هذه القناة التي دخلت في معاداة مجانية وعشوائية مع الشعب والعائلات في قيمه ومبادئه وحتى مقدساته التي يحميها الدستور.

لا نظن الحقيقة ان المستشهرين الذين يبحثون عن ترفيع مرابيحهم ان يجازفوا بمستقبلهم ومستقبل مؤسساتهم الاقتصادية واستمرار الاستشهار في مؤسسة اعلامية يمكن ان تقود منتجاتهم الى مصبات القمامة خاصة وان المناخ الاجتماعي داخل القناة يتأزم بعد احتداد الصراع بين النقابة والمتصرفة القضائية وبعد دخول نقابة الصحفيين ونقابة الاعلام والثقافة التابعة لاتحاد الشغل على الخط ومطالبة الحكومة بعزلها وهو الذي يفسر احتداد التصادم بين القناة واتحاد الشغل والذي تجسم في الهجومات المركزة التي يقودها بوغلاب ضد المنظمة النقابيية ووصلت الى ذروتها في برنامج اليوم الثامن حيث وصلت عملية شيطنة الاتحاد اعلى مدى في عملية ممنهجة دخل فيها على الخط الزرقوني باستبياناته المفبركة والبلومي بمقاطعته المتكررة للعياري وبوغلاب بالتشويه المتعمد.

القناة فعلا في ازمة عميقة وردود الفعل المرتبكة بالغاء تمرير احد اجزاء “عندي ما نقلك” والخطب العصماء من العماري الذي برز في ”شعار الواعظين” لم تؤت اي نتيجة٬ وما يعمق الازمة هو ليس فقط الاعتداء على الذائقة العامة والاساءة لمقدسات الشعب وضربه في حميميته بل اساسا الخرق الفاضح للمعايير الصحفية بتعمد اثارة القضايا الايديولوجية والقضايا الحساسة بطريقة غوغائية في غياب المختصين وفي غياب تعددية وتوازن التناول والغرق في الابتذال والاثارة الخرقاء وتسطيح العقول ونشر الرداءة والانحراف بقضايا الوطن والشعب الحقيقية وتلهيته بقضايا هامشية٬ وهو ما سيزيد في عمق السقوط. وردة الفعل القوية من العائلات تبدو مبررة جدا بل كانت ضرورية لحماية لابنائهم خاصة من الاطفال والمراهقين٬ الذين يبحثون عن تحقيق ذواتهم ويبحثون عن نماذج سلوكية وشخصية لاتباعها وفي ظل الفترة الانتقالية الحساسة والدقيقة٬ التي غابت فيها القدوات السياسية والفكرية والثقافية بشكل كبير٬ وبرزت فيها الدعوات العالية للمثلية التي تلقى دعاية متزايدة ودعما دوليا مشبوها لضرب النسيج المجتمعي ومؤسسة الاسرة التي يحميها الدستور٬ وتصبح عبرها مخاطر التهديد باتباع هذا النهج كبيرا. والتناول العدواني من برامج هذه القناة ازاء مقدسات الشعب لا يمكن الحقيقة عزله عن انتشار الارهاب٬ الذي يجد الداعين له الذرائع العديدة في مثل هكذا خطاب يتناقض والجهود الوطنية في مكافحة التطرف والتشدد وتجفيف منابعه وهو أمر تجاهلته “الهيكا” وربما يعود الامر لعدم وجود شكاوى في الصدد٬ والقضية تدخل بامتياز تحت عنوان تهديد الامن القومي الذي يبرر بل يفرض تدخل الهيئة التعديلية خاصة لما تكون بشكل ممنهج وفي اطار عمليات مسترسلة تقود الى نفس الهدف٬ ويبدو ان القناة تمادت في اتجاه معاداة كل الجهات والدوس على كل الاعتبا ارت وفتحت بذلك ابواب “العاصفة” عليها من كل الجهات!!

المصدر:Babnet Tunisie 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) قانوني وناشط حقوقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق