
بقلم عمر السيفاوي: (*)
فضيحة مدوية شهدها العالم هذه الأيّام أطلق عليها رمزيا تسمية “وثائق بنما”. أمر على غاية من الأهمية والخطورة إذ يتعلّق بتسريب أكثر من أحد عشر مليون وثيقة تابعة لمكتب قانوني مختصّ في توطين الأموال في الجنّات الضريبية وإرشاد أصحاب الأموال القذرة عن كيفية تبييضها في الملاذات الآمنة.
الوثائق المسرّبة لها ارتباط بأشخاص من ذوي الصفة وهم رجال أعمال وسياسيين ومحامين وإعلاميين من شتّى أنحاء العالم تورّطوا في جرائم التهرّب الضريبي وتهريب الأموال وتبييضها.
“بنما“ هي بلاد تقع في أمريكا الوسطى عرفت بكونها جنة ضريبية. وهناك ثمانون بلد ومنطقة حول العالم توصف بكونها جنّات ضريبية حسب إحصائية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية نذكر منها ايضا سويسرا وهولندا واللكسمبرغ.
لكن ما يميز “بنما” عن سائر الجنات الضريبية التي يتوفر فيها الحد الادنى من الشفافية في المعاملات هو انها لا توفر الضغط الضريبي المنخفض فحسب بل هي ملاذ آمن لأكثر الأموال فسادا واتّساخا بما يمنحه نظامها من امكانيات للحماية والتخفي.
المهم بالنسبة إلينا في تونس هو أنّ التسريبات الأولى بيّنت أنّ كمّا كبيرا من هذه الوثائق يهمّ تونسيين ورجال أعمال وسياسيين وغيرهم بحثوا عن كيفية الدخول إلى هذا الملاذ الامن أو هم لجؤوا إليه فعلا.
والأهمّ بالنسبة إلينا في فضيحة وثائق بنما هو أنّ قضية الفساد والتهرب الضريبي وتهريب الأموال لبعض رجال الاعمال والسياسة والتي اريد لها دائما ان تكون قضية غامضة تحظى المعلومات المتعلقة بها بالحماية والتعتيم من الحكومة نفسها قد اضحت الان على بساط النشر امام انظار الجميع. فهل تكون نقطة المنعرج وفرصة تاريخية تدخل معها البلاد في حرب حقيقية على الفساد.
مبدئيا الصدمة كانت قوية ومربكة، لكن ردود أفعال الجهات الرسمية لم تخرج عن المعهود. ففي حين كانت ساعات قليلة كافية لإسقاط رئيس الحكومة في ايسلندا رغم ان ما تورط فيه يقف عند حد التهرب الضريبي وفي حين خرجت المظاهرات ضد رئيس الوزراء البريطاني رغم عدم ورود اسمه في الوثائق وانما ورد فيها اسم والده. كان رد الجهات الرسمية في تونس متلبسا بلباس البيروقراطية العقيمة ومستعينا بالمنهج الميكيافيلي إذ سارع الوزراء المعنيون بدرجة أولى بالموضوع الى إصدار بلاغات تأكيد على أنهم أذنوا للجهات المعنية باتخاذ اللازم وأعلن البرلمان عن تكوين لجنة تحقيق في جلسة غاب عنها نصف الأعضاء. فبدت جملة هذه الإجراءات مجرّدة لا ترتقي للتعبير عن إرادة حقيقية للتعامل بجدية وبطريقة مغايرة مع قضية خطيرة جدّا ترتبط بمعضلة البلاد الرئيسية وهي الفساد.
على المستوى الاعلامي وفي حين اتخذت وسائل الاعلام الدولية القضية بجدية كبيرة ووصفتها بالفضيحة فان الصورة في تونس كانت كالمعتاد : تحركت اغلب وسائل الاعلام المعروفة بتأثيرها الكبير وقدرتها على صناعة الرأي وقربها من جهات سياسية معينة مثل جيش المرتزقة وبدأت عملية التمييع والتبييض والاعتداء على ذكاء الناس والتحيل على العقول البسيطة وصنع الغباء في تعارض مقيت مع ما يقتضيه دورها من انارة سبيل المشاهدين والمساهمة في الارتقاء بوعي المواطنين والمساعدة ولو دون فعل والاكتفاء فقط بالامتناع عن تزييف الحقائق وتمييع القضايا الجوهرية والانحدار بوعي المواطنين في بلد يتحسس طريقه بصعوبة نحو ارساء مؤسسات ديموقراطية حقيقية تقوم على العدل والمساواة وعلوية القانون والشفافية.
وعلى اية حال فان فضيحة ” وثائق بنما ” لها ابعاد عدة تتجاوز البعد الاخلاقي والسياسي اذ لها علاقة بالقانون الجزائي الجبائي والقانون الصرفي والديواني وقانون مكافحة الارهاب ومنع غسل الأموال ولها ايضا تاثير على ملف استرجاع الأموال المنهوبة.
قبل بيان مختلف هذه الابعاد سنتطرق الى شركات ” الاوف شور ” والشبهات التي تحوم حولها.
الشبهات التي تحوم حول شركات “الأوف شور”
شركات “الأوف شور” هي شركات تنشط خصوصا في المناطق الاقتصادية الحرة ومبدئيا لا تمثل شركة “الأوف شور” مشكلا في حد ذاتها اذا ما كانت مؤسسة بطريق عادية محترمة لمعايير الشفافية ومستوفية لإجراءات الإشهار الهادف لإعلام العموم بهوية الشركاء وتركيبة راس المال ورقم حسابها المصرفي وأسماء مسيريها… ولكن عندما تتأسّس هذه الشركة في بلد مثل “بنما” فان الامر يصبح مثارا للشبهة لان “بنما” وكما اسلفنا الذكر هي احدى أهم الملاذات الآمنة لمهرّبي الأموال والمتهرّبين ضريبيا وهي مكان مثالي لغسل الأموال المتأتّية من الجريمة المنظمة.
وتصبح الشبهة مؤكدة حين يلوذ شخص أو مجموعة من الاشخاص بالمكاتب القانونية المختصة في ارشاد مهربي الأموال والمتهربين ضريبيا وتمكينهم من ولوج ذلك الملاذ الامن في كنف السرية التامة ودون كشف الهوية .
فدولة “بنما” تمكّن من التمتّع بالسرية المصرفية المطلقة واستخدام أسماء وهمية بما يسمح بإخفاء هوية المالكين الحقيقيين وبالتالي فهي تمكن من سهولة الاستفادة من التهرب الضريبي والقيام بتهريب الأموال عبر اجراءات تمنح حماية يستحيل معها معرفة من يمتلك حقا تلك الشركات .
وهذا التعتيم حول هوية المالك يشكل امرا مثاليا لتبييض الأموال المتاتية من الانشطة الاجرامية وخاصة الجريمة المنظمة.
العلاقة بالقانون الجزائي الجبائي:
يتعلق الأمر هنا بجريمة التهرب الضريبي والتهرب الضريبي نوعان: تهرب ضريبي داخلي أو محلي وتهرب ضريبي دولي وهذا الاخير هو المرتبط بفضيحة “وثائق بنما”.
والتهرب الضريبي الدولي يتمثل في العمل على التخلص من دفع الضريبة في بلدها(البلاد التونسية) عن طريق التهريب غير القانوني للمداخيل والارباح التي من المفروض ان تخضع لضريبة البلد الذي حققت فيه فعلا الى بلد اخر يتميز بضغطه الجبائي المنخفض وهي خاصة ما يعرف بالجنات الضريبية les paradis fiscaux التي تشير تقارير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDEان عددها يناهز الثمانين منطقة حول العالم.
وهذه الجنات الضريبية أو الملاذات الامنة تتميز بالسرية المصرفية المطلقة وغياب الرقابة على غير المقيمين وسهولة انشاء الشركات عبر منح امتيازات غير معتادة وعدم الخضوع لشرط الاقامة والجنسية وعدم إجبارية حضور الجلسات العامة للشركات اذ يمكن تعويض الحضور باستعمال التوكيل أو بوسائل الاتصال المختلفة.
وبالنظر للتسهيلات التي تتيحها النظم الضريبية في الدول أو المناطق المعروفة بالجنات الضريبية يتمكن المطالب بأداء الضريبة في ظل عدم وجود اتفاقيات التعاون الضريبي من انشاء شركات وليدة مستغلا الارباح المحققة من الشركة الام المنشاة في دولة معينة (تونس) ويستمر في اعادة استثمارها عبر الشركات الوليدة في الجنات الضريبية.
والتهرب الضريبي وعدم دفع الضريبة أو السعي لعدم دفعها معيار يقاس به الحس الوطني . فمواطنة الفرد المدان بالتهرب الضريبي تصبح في ادنى مستوى وحل شك ولها بعد أخلاقي واثر سياسي جسيم اذ تفقد القائم بها المصداقية والنزاهة وأهلية المشاركة السياسي فضلا عن اهلية التصدي للشؤون العامة وادارة شؤون المواطنين…
ولجريمة التهرب الضريبي آثار جسيمة :
– تتسبب في خسارة خزينة الدولة لموارد هامة جدا ما يدفعها للبحث عن موارد بديلة لسد العجز فتلجا للتداين الخارجي والإصدار النقدي المتعسف الذي يتسبب في التضخم.
– تتسبب في كبح المنافسة الاقتصادية النزيهة وانخرام التوازن بين المؤسسات السوية والمؤسسات المتهربة مما يؤدي الى عجز المؤسسات السوية ن مجارات النسق غير العادل فيكون مالها الإفلاس أو التنقيص من قدرتها على الفعل الاقتصادي وتوفير المداخيل الضريبية للدولة وتشغيل اليد العاملة…
– تتسبب في كبح المنافسة الاقتصادية النزيهة وانخرام التوازن بين المؤسسات السوية والمؤسسات المتهربة مما يؤدي الى عجز المؤسسات السوية ن مجارات النسق غير العادل فيكون مالها الإفلاس أو التنقيص من قدرتها على الفعل الاقتصادي وتوفير المداخيل الضريبية للدولة وتشغيل اليد العاملة…
– يمس بصفة جوهرية من مبدأ العدالة الجبائية وتحميل العبء الأكبر على الطبقات المتوسطة فتزيد في تعميق الفوارق الاجتماعية…
وظاهرة التهرب الضريبي الدولي غالبا ما تصاحب الجرائم المنظمة كتبييض الأموال والمتاجرة بالمخدرات وتمويل الإرهاب.
وعقوبة التهرب الضريبي اذا ما تعلق الامر بالتهرب الضريبي الداخلي يمكن ان تصل الى ثلاثة سنوات سجن وخطية من الف دينار الى خمسين الف دينار حسب احكام الفصل 101 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية. وتشمل هذه العقوبة كل من ساعد المتهرب من خبراء ومستشارين وموظفي الإدارة الجبائية وغيرهم.
أما اذا تعلق الأمر بالتهرب الضريبي الدولي فان هذه الجريمة تقترن دائما في النظام القانوني التونسي بجرائم أخرى لها علاقة بقانون الصرف والقانون الديواني.تنضاف عقوباتها الى العقوبات المقررة للتهرب الضريبي.
العلاقة مع قانون الصرف والقانون الديواني:
لا يسمح النظام القانوني التونسي مبدئيا بحرية تحويل الأموال إلى الخارج سواء كانت في شكل عملة أجنبية أو عملة وطنية لذلك فانه لا يمكن تصور ارتكاب فعل التهرب الضريبي دون ان يقترن ذلك بخرق القانون الصرفي عبر ارتكاب جريمة تهريب الأموال سواء كانت بالعملة الوطنية أو بعملة أجنبية يتم التحصّل عليها اما باللجوء الى السوق السوداء حيث ينشط الاقتصاد الموازي أو بتصدير بضائع ثم ارتكاب جريمة عدم اعادة توطين العملة المتحصل عليها من التصدير باستعمال طرق احتيالية واختراق منظومة رقابة البنك المركزي…
وينص قانون الصرف على عقوبات مشددة تنطبق حتى ان توقفت الجريمة عند حدود الشروع أو المحاولة . ولا يعتد قانون الصرف بنظرية توارد الجرائم والعقوبات حيث ينص الفصل 34 منه على انه ” اذا كانت جريمة الصرف تكون في نفس الوقت جريمة قمرقية أو جريمة في حق قانون اخر غير قانون الصرف فان الجاني يعاقب عن الجريمة الاخرى فضلا عن توقيع العقوبة التي يقتضيها قانون الصرف”.
مع الإشارة إلى أنّ جريمة تهريب الأموال وتهريب العملة الوطنية تشكلان في نفس الوقت جريمة صرفية وجريمة قمرقية وتطبيقا للفصل 34 من قانون الصرف فإنّ مرتكبها يعاقب بالعقوبة المقرّرة في قانون الصرف وكذلك بالعقوبة المقرّرة بالمجلة الديوانية.
العلاقة مع القانون الأساسي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال:
لفضيحة “وثائق بنما” أيضا علاقة بالقانون الاساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 07 اوت 2015 المتعلق بمكافحة الارهاب ومنع غسل الأموال.
فالمعلومات المسربة حول امكانية تورط اشخاص من ذوي الجنسية التونسية في ارتكاب جرائم التهرب الضريبي وتهريب الأموال الى الملاذات الامنة بالجنات الضريبية أو شرعوا أو حاولوا القيام بذلك تحيلنا الى جريمة غسل الأموال.
تقتضي احكام الفصل 92 من القانون المشار اليه اعلاه ان جريمة غسل الأموال تتأتّى من كل فعل قصدي يهدف باي وسيلة كانت الى التبرير الكاذب للمصدر غير المشروع لأموال منقولة أو عقارية أو مداخيل متأتّية بصفة مباشرة أو غير مباشرة من كل جناية أو جنحة تستوجب العقوبة بالسجن لمدة لمدّة ثلاث سنوات أو أكثر ومن كلّ الجنح المعاقب عليها بمجلة الديوانة.
وتعتبر احكام الفقرة الثانية من الفصل 92 المذكور من قبيل غسل الأموال كل فعل قصدي يهدف بصفة مباشرة أو غير مباشرة الى توظيف الأموال المتأتّية من الجرائم المنصوص عليها بهذا الفصل أو ايداعها أو اخفاءها أو تمويهها أو ادارتها أو ادماجها أو حفظها.
وعلى هذا الاساس فان الافعال موضوع “وثائق بنما” تشكل بالضرورة جريمة غسل الأموال خاصة وان احكام الفصل 92 تنص على ان المحاولة أو المشاركة أو التحريض أو التسهيل أو المساعدة في ارتكاب الافعال المذكورة تقوم معها جريمة غسل الأموال.
كما ان جريمة غسل الأموال تقوم ولو لم ترتكب الجريمة المتأتّية منها الأموال موضوع الغسل داخل تراب الجمهورية التونسية.
وجريمة غسل الأموال مستقلة في قيامها عن الجريمة الاصلية ويكون اباتها بتوفر ما يكفي من القرائن والادلة على عدم شرعية الأموال موضوع الغسل.
وعقوبة مرتكب جريمة غسل الأموال تصل الى خمسة اعوام ومع الخطية التي تصل الى خمسون الف دينار.
ويمكن الترفيع في مبلغ الخطية الى ما يساوي نصف قيمة الأموال موضوع الغسل.
وترفع هذه العقوبة من خمسة الى عشرة اعوام سجن مع خطية تصل الى مائة الف دينار في حالة العود أو اذا ارتكبت الجريمة ممن استغل التسهيلات التي خولتها له خصائص وظيفه أو نشاطه الوهمي أو الاجتماعي أو في حالة ارتكابها من تنظيم أو وفاق.
ويمكن الترقيع في الخطية في هذه الحالات الى ما يساوي قيمة الأموال موضوع الغسل.
ويكون مال الأموال موضوع الغسل أو ما يحصل بصفة مباشرة أو غير مباشرة من جريمة غسل الأموال هو الحجز بإذن من الجهة القضائية المتعهدة وتصادر لفائدة الدولة.
وفي صورة عدم التوصل للحجز الفعلي فانه يقع الحكم بخطية تعادل قيمة الأموال التي وقعت عليها الجريمة لتقوم مقام المصادرة.
وبالإضافة الى الحجز والمصادرة فانه على المحكمة ان تقضي بحرمان المحكوم عليه من مباشرة الوظائف أو الانشطة المهنية أو الاجتماعية التي استغل بمقتضاها التسهيلات المخولة له لارتكاب جريمة غسل الأموال .
العلاقة مع ملف استرجاع الأموال المنهوبة:
إنّ “وثائق بنما” وما تضمنته من معلومات على علاقة بتهريب الأموال يمكن ان تمثل عامل دفع حقيقي في ملف استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة الذي مازال يراوح مكانه بسبب غياب الجدية والارادة الصادقة للتقدم في هذا الملف وكذلك نقص الكفاءة وحتى غياب معايير القدرة فيمن تصدى لهذه المهمة.
ولما كانت المعضلة الفنية الاساسية في موضوع استرجاع الأموال المنهوبة هي تخفي الناهبين وراء الشركات التي لا يعرف مالكيها الحقيقيين بسبب تخفيهم وراء اسماء وهمية وايضا وراء الحسابات المصرفية السرية فان وثائق بنما يمكن ان تتضمن معلومات من شانها انارة السبيل لنزع النقاب عنهم.
ولا بد من التأكيد في هذا السياق على ضرورة التعامل بحذر مع العدد المعلن للوثائق التي تهم الاشخاص من ذوي الجنسية التونسية وهو ثمانية الاف وثيقة لأنّه من الصعوبة بمكان دراسة اكثر من احدى عشر مليون وثيقة بالدقة اللازمة من طرف صحفيين – رغم القيمة الكبرى للعمل الذي قاموا به والشجاعة التي تحلوا بها – يفترض ان تقدم لهم يد المساعدة وحمايتهم من التهديدات .فعندما نسمع بعض الاصوات التي تحاول تشويههم والتشكيك في مصداقيتهم علينا ان نفهم انها تهدف الى تخويفهم وتهديدهم بطريقة غير مباشرة وهذا يمثل بداية رد الفعل من المعنيين بالفضيحة ومرتزقتهم.
تكشف فضيحة ” وثائق بنما ” مشكل غياب الرقابة بسبب انعدام الحوكمة الرشيدة والشفافية. وهي تنزع النقاب بصفة نهائية عن حقيقة تفشي الفساد في الذي اضحى يهدد امن البلاد واستقرارها بتسببه في انحدار مستوى قدرتها الاقتصادية وتضخم مديونيتها وتعميق الفوارق الاجتماعية وتفشي البطالة خاصة في صفوف الشباب المتعلم الذي اضحى فريسة سهلة للإرهاب نتيجة اليأس من الاصلاح وفقدان الثقة في الدولة .
والمسؤولية عن الوصول الى هذا المستوى تلقى على عاتق مختلف مؤسسات الدولة وفي مقدمتها البنك المركزي والحكومة التي تقاعست عن توفير الامكانيات القانونية والمادية للأجهزة التي لها علاقة بمكافحة الفساد وحماية المال العام وخاصة النيابة العمومية وقضاء التحقيق ونزاعات الدولة.
وعلى البرلمان ومن وراءه الحكومة ان يقتنعا بصورة نهائية ان طريق الخلاص الوحيد يمر عبر مكافحة الفساد وانه لا نجاح دونه في مقاومة الارهاب لأنّه كلّما فتح طريق جديد نحو بنما ومثيلاتها فتحت طرق امام الارهاب.
وفي الختام لا بدّ من التأكيد على أنّ التهرّب الضريبي وعدم دفع الضريبة أو السعي لعدم دفعها معيار يقاس به الحس الوطني. فمواطنة الفرد المدان بالتهرّب الضريبي تصبح في أدنى مستوى ومحلّ شكّ.
كما أنّ مجرّد الشبهة في التورّط الضريبي له بعد أخلاقي وأثر سياسي جسيم إذ تُفقِد القائم بها المصداقية والنزاهة وأهلية المشاركة السياسية فضلا عن أهلية التصدّي للشؤون العامّة وإدارة شؤون المواطنين فما بالك إذا كان الأمر لا يقف عند شبهة التهرّب الضريبي ويتعدّى إلى تهريب وغسل الأموال…
المصدر: “فضاء نيوز”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) – مستشار بنزاعات الدولة.