تحاليلتونس

الليبرالية والليبراليون في تونس: المعالم والجذور التاريخية و فوضى التأسيس

علي عبد اللطيف اللافي

 

             رغم التطوّر الكمّي الهائل للأحزاب السياسية في تونس (نحو مائتي وثلاثة أحزب سياسية مقننة ومعترف بها)، لم تستطع المُسمّيات الليبراليةالتونسية أن تجد لها مكانا في المشهد السياسي التونسي المُتقلّب بطبيعته نتيجة مسار تاريخي فريد ونوعي للحياة السياسية منذ 20 مارس 1956، والسؤال المطروح هو لماذا لم تشهد تونس بناء حزب ليبرالي قوي أو نخبة ليبرالية قادرة على أداء دور المُعدّل بين اليسار الماركسي والتيار الإسلامي؟ وما هي معالم الليبرالية في تونس؟ ومن هم الليبراليون التونسيون تحديدا؟ وما هو واقع وآفاق وفسيفساء الأحزاب الليبرالية التونسية؟

  • مفهوم “الليبرالية” وتطور نشأتها تاريخيا:

  الليبرالية أو”اللبرالية” (من “līberālis” ليبِرَالِس اللاتينية وتعني “حرّ”)، هي عبارة عن فلسفة سياسية أو نظرة عالمية تقوم على قيمتي الحرية والمساواة، وتختلف تفسيرات الليبراليين لهذين المفهومين (الحرية – المساواة)، وينعكس ذلك على توجّهاتهم، ولكن عموم الليبراليين يدعون في المجمل إلى دستورية الدولة، والديمقراطية، والانتخابات الحرة والنزيهة، وحقوق الإنسان، وحرية الاعتقاد، والسوق الحرة، والملكية الخاصة، وخلال القرن الثامن عشر الميلادي، أو خلال ما يُعرف بعصر التنوير، تجلّت الليبرالية كحركة سياسية مستقلة؛ إذ أصبحت شائعة جداً بين الفلاسفة وعلماء الاقتصاد في العالم الغربي، ولقد اعترضت الليبرالية على أفكار شائعة يومها كالمزايا الموروثة، وتديّن الدولة، والملكية المطلقة، وحق الملوك الإلهي. انتهج قادة الثورتين الفرنسية والأمريكية المنهج الليبرالي، ورأوا فيه مبرراً للإطاحة بالحكومات الدكتاتورية التي كان يقودها طغاة ومستبدون، وشهد القرن التاسع عشر الميلادي قيام حكومات ليبرالية على نطاق أوروبا وأميركا الشمالية، أي في الفترة التي كانت فيها الفلسفات المحافظة الكلاسيكية في صراع مع الليبرالية. أما في القرن العشرين، فقد انتشرت الأفكار الليبرالية بشكل كبير وواسع، خصوصاً أن الجانب الليبرالي الديمقراطي كان هو الجانب الرابح في كلا الحربين العالميتين، كما أن الليبرالية ظهرت متحدية فلسفات أخرى كالفاشية والشيوعية والنازية في أوروبا والولايات المتحدة، وأصبحت الليبرالية الكلاسيكية أقل شيوعاً، ومهدت الطريق لليبرالية الاشتراكية، وبدأ مفهوم الليبرالية بالتغير….

 وبخصوص العلاقة بين الليبرالية والأخلاق، فإن الليبرالية لا تأبه لسلوك الفرد ما دام محدوداً في دائرته الخاصة من الحقوق والحريات، ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار؛ فالليبرالية تُتيح للشخص أن يُمارس حرياته ويتبنى الأخلاق التي يراها مناسبة، ولكن إن أصبحت ممارساته مؤذية للآخرين مثلاً، فإنه يُحاسب على تلك الممارسات قانونيا…”  [1]

  • الجذور التاريخية لبداية نشوء وحضور الفكرة الليبرالية في تونس       

   عرفت تونس في بداية القرن التاسع عشر إبان التدخل المباشر للدول الأوروبية في الشؤون التونسية حضورا ملفتا لما يُعرف بــــ”الليبرالية الفكرية” بأشكال مُتعدّدة ومختلفة، دون أن يكون ذلك مصحوبا بأي بُعد فكري وإيديولوجي، أو بالأحرى تصور نسقي واضح أو حضور إيديولوجي تتبناه الحركات السياسية والأحزاب بصورة معلنة وصريحة، بحيث يمكن القول إنه منذ بداية الاحتكاك بالنفوذ الأوروبي الممتد بشكله الاستعماري (أواسط القرن 19 إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية) كانت الحرية هي المطلب الأساسي والحيوي للمجتمع التونسي والعربي عموما، وهو أمر نلحظه في كتابات رواد الإصلاح الذين روجوا لمقولات الحرية السياسية وحق الشعب في اختيار حكامه، وصياغة دساتير تضمن منظومة الحقوق”[1]، وعمليا كانت شعارات “الحرية” و”الليبرالية” وغيرها من الشعارات مرفوعة؛ لأنها كانت حاجة أساسية لحركات الشباب التونسي يومذاك، بل لكل النخب التونسية، بل هي حاجة اجتماعية مُلحّة للبلد في ظل خضوعه وخضوع كل المنطقة العربية الإسلامية للنفوذ الاستعماري، كما أن كل الأحزاب السياسية والتيارات الفكرية ومكونات المجتمع المدني التي ظهرت في ظل الاحتلال الفرنسي لم تكن تُخفي توجهها التحرري سوى عبر أدبياتها أو بياناتها أو خطب زعمائها ( يمكن ذكر كتاب “الروح التحررية في القرآن” للشيخ الثعالبي مثالا لا حصرا).

  • الحقبة البورقيبية: أو”الليبرالية دون ليبراليين”:

           انتشرت الفكرة الليبرالية انتشارا واسعا، وطغت على الحياة الفكرية في المنطقة العربية، إضافة إلى وجود منظومات فكرية أخرى كالشيوعية والقومية (ذات النزعة الاشتراكية تحديدا)، ورغم ذلك ابتدأت الحقبة البورقيبية بقمع مناضلي تيار “الأمانة العامة” بقيادة صالح بن يوسف،  كما تم حظر الحزب الشيوعي التونسي رغم مواقفه المُتماهية مع بورقيبة وحزبه من الحركة اليوسفية، كما صُودرت كل الصحف والدوريات الحرة والمستقلة التي عارضت سياسة الحزب الحاكم الذي تبنى لاحقا الاشتراكية الدستورية في مؤتمر بنزرت سنة 1964، وهو المؤتمر الذي اتخذ 3 قرارات أخرى خطيرة ضد المنحى التحرري للحزب عند نشأته وتأسيسه من طرف الشيخ الثعالبي، وهي القرارات التي لا زالت تُؤثّر في حياتنا السياسية إلى اليوم، وهي تباعا:

– دعم قرار سبق تنفذيه منذ سنة 1962، وهو حظر كل الأحزاب.

– بعث الشعب المهنية لخنق الإدارة ومراقبة المعارضين والنقابات ومكونات المجتمع المدني.

 – ضمّ المنظمات الوطنية تحت لافتة الحزب الحاكم، بحيث أصبح المسؤولون الأول يحضرون اجتماعات الديوان السياسي…

         ومعنى هذه القرارات هو ضرب التوجه الليبرالي للحزب في عمقه الأساسي فكريا وثقافيا وواقعيا، كما أسلفنا بيانه سابقا، وهو ما يعني أنه لن يكون لشعارات الليبرالية بأطروحاتها المختلفة الجاذبية الكافية لتستميل العناصر الشبابية في نهاية الخمسينات وبداية الستينات، إذ ظلت الاشتراكية بأطروحاتها المختلفة هي الأكثر فاعلية وتأثيرا، والأشد حضورا في الأوساط السياسية المختلفة، وتتعالى عليه النخب السياسية التي جعلت من الفكر الليبرالي رديفا للإمبريالية والاستعمار والاستغلال، بصورة تكشف عن سطحية فجّة ومغرقة في الأدلجة والانغلاق الفكري[2]. وعمليا كانت المطالبة بالحرية (أي واقعيا المطالبة بالليبرالية السياسية) يومها ضرورة لم تدركها مكونات المشهد السياسي (أحزابا ومستقلين) أمام تغوّل الحزب الحاكم ونفوذه الكبير وغير المحدود الذي لم يكن يومها ممكنا التمييز بينه وبين جهاز الدولة، وعمليا لم يستوعب العقل السياسي لمختلف الأطراف والأحزاب السياسية المختلفة ضرورة تخليها عن أطروحاتها الشمولية وتبني الأطروحات الليبرالية، بل بقيت متبنية منطق أن تحل   محل الحاكم ، ولكن مع الاحتفاظ بذات جوهر الممارسة التي اعتاد النظام البورقيبي عليها منذ 20 مارس 1956. ورغم كل ذلك نشأ تيّار ليبرالي داخل الحزب الحاكم نفسه بقيادة الوزير والمناضل أحمد المستيري الذي غادر رفقة آخرين الحزب في بداية السبعينات بعد أن تأكد أن سبل الإصلاح داخله أصبحت غير ممكنة، ولكن نفس هذا التيار انقسم على نفسه، فقد عادت مجموعة إلى أحضان الحزب الحكم ( الباجي قايد السبسي أوّلهم ….)، في حين أسّست المجوعة الثانية حركة الديمقراطيين الاشتراكيين؛ أي تخلت عن البعد الليبرالي لمصلحة الفكرة الاشتراكية، وصنفت نفسها ضمن تيارات يسار الوسط رغم أن بعض مطالبها السياسية بقيت ليبرالية نوعا ما ….

  • حقبة الرئيس المخلوع: الليبرالية في مصانع الاستبداد

           بعد انقلاب الجنرال زين العابدين بن علي، وتحقيق انفراج سياسي مرحلي مصحوب بتوجه اقتصادي قائم على ما يعرف بـــ”الليبرالية المتوحشة” تم منح تأشيرة لحزب ليبرالي للمرة الأولى، وهو الحزب الاجتماعي التحرري بقيادة الأستاذ منير الباجي الذي كان في البداية جزءا من الديكور الحزبي وحزبا من أحزاب المولاة؛ وقد منح مقعدين في البرلمان سنة 2004، ونتاج عدم الرضا عن الباجي لاحقا وتطور علاقاته الدولية بالمنظمة الدولية الليبرالية والتحررية تم إيصال المنذر ثابت (كان ناشطا سياسيا تروتسكيا أثناء دراسته الجامعية) في مؤتمر صوري تتم عقده في 15 جويلية 2006، إلى رئاسة الحزب بعد التحاق مجموعة بالحزب بدفع من النظام والحزب الحاكم ( منذر بلحاج علي – بسيس وآخرون ممن كانوا في فلك السلطة وأجهزتها الأمنية) ومن ثمّ تحول الحزب الليبرالي الوحيد إلى خادم أمين للاستبداد، وملمّع لصورة الحاكم وحزبه.

أما بقية النخب الليبرالية فقد اختارت إما الاستقلالية والاستقالة من الفعل السياسي المباشر تحاشيا لحصار نظام الجنرال على غرار بعض التكنوقراط ورجال الأعمال والأساتذة الجامعيين أو اختارت الالتحاق بالحزب الحاكم تفاديا لشر النظام و أعوانه أو ممارسة للانتهازية وركب الحدث وانتفاعا ببعض العطايا والمواقع بينما اختارت بعض النخب الليبرالية الأخرى الإقامة خارج تونس بغض النظر عن اتخاذها موقعا سياسيا من عدمه …..

  • بعد الثورة: أحزاب ليبرالية متعددة تبحث عن مكان لها في مشهد سياسي متقلب         

                فتحت الثورة المجال لكل القوى الحزبية للإعلان عن حضورها في المشهد السياسي، ورغم ذلك ، فإن وضعية الأحزاب الليبرالية ظلت تُراوح مكانها من حيث الضعف في البناء الحزبي والعجز عن الحضور والاستقطاب السياسيين، وقد تم الاعتراف بعشرات الأحزاب التي تتبنى المنهج الليبرالي في برامجها، وأهمها من حيث الحضور السياسي والإعلامي:

  • الاتحاد الوطني الحرّ (بقيادة سليم الرياحي): هو فعليا حزب ليبرالي يقوده رجل الأعمال سليم الرياحي، وهو حزب يتطور وجوده في الساحة السياسة بين يمين الوسط وأقصى اليمين، ويتهمه خصومه بأنه أقرب إلى المؤسسة والشركة منه إلى الحزب السياسي، وهو يضم يساريين سابقين وقوميين عرب غادروا أحزابهم، وليبراليين لم يتموقعوا سياسيا قبل الثورة، وبعض الكوادر الوسطى السابقة للتجمّع المنحل، ولبعض أعضاء الحزب تجارب سياسية في أحزاب الوسط واليمين واليسار، وقد استفاد الحزب من خيبته في انتخابات 2011 وضمّ وجوها جديدة  وقيادات شابة قادرة على إعطاء الحزب بُعده الليبرالي واليميني، وذلك ما سمح له بالتموقع السياسي، خاصة بعد حصوله على 16 مقعدا بمجلس نواب الشعب، بإمكان الحزب التطور، خاصة إذا ما أحسن استقطاب بعض النخب الليبرالية الجديدة والتحول إلى حزب سياسي ذي أطروحات تؤطر القادمين الجدد للحزب، ويبقى ذلك مرتبطا بالاستقرار السياسي للقيادة المركزية التي حطّ فيها وغادرها أكثر من وجه سياسي معروف ( خالد شوكات – القديدي ….) وسيتطور الحزب في هذا الاتجاه أو ذاك وفقا لمستقبل سليم الرياحي الذي ترحك بعض الجهات بعض من ملفاته السياسية والتاريخية وأيضا وفقا لموقع الحزب داخل الائتلاف الحاكم وعلاقاته بين حزبي نداء تونس وحركة النهضة خاصة بعد لقاء الحمامات المتحدث عنه بين سليم الرياحي والامين العام للنداء محسن مرزوق والذي قالت مصادر إعلامية أنه يأتي نتاج تقارب بين النهضة وآفاق تونس داخل الائتلاف…

كما سيرتبط مستقبل الحزب بطبيعة نتائج مؤتمره الأول والذي هو قيد الإعداد بعد أن بدا الحزب فعليا في أعادة الهيكلة التنظيمة مركزيا وجهويا….

حزب الأحرار التونسي (بقيادة منير بعطور): وهو حزب انشق بعد الثورة عن الحزب التحرري لطبيعة علاقته بنظام المخلوع، ونشط مدة محددة، وبقي نخبويا، إلا أن أحداثا حفت بزعيم الحزب جعلت الحزب في موضع البطالة الكاملة عن النشط السياسي…

الحزب الليبرالي المغاربي (بقيادة محمد البوصيري بوعبدلي): وهو حزب استطاع الصمود في الساحة السياسية، إلا أنه بقي نخبويا ومتكونا من حيث الحضور في الساحتين السياسية والإعلامية على رئيس الحزب والمقربين منه عائليا ومهنيا …

آفاق تونس (بقيادة ياسين إبراهيم): وهو حزب تأسس بعد الثورة، وتحديدا سنة 2011، أسسه عدد من مثقفي اليمين الليبرالي، وأساسا من منتسبي جمعية “آتيج” ( الدارسين في المدارس الفرنسية العليا)، وهو حزب له 8 مقاعد في مجلس نواب الشعب الحالي ( بينما كان له 4 نواب فقط في المجلس الوطني التأسيسي)، وللحزب قدراته المالية وقدرته على تأطير النخب الشبابية الليبرالية، وله مواقف سياسية براغماتية ومتوازنة، ويعتبره المتابعون ذا مستقبل واعد، وهو وقادر على أن يكون من الأحزاب الثلاثة الأولى في أفق نهاية العشرية الحالية، بل إنه مرشح إلى أن يفتك قطاعات واسعة وعديدة من حزب نداء تونس، بل يقدر على أن يكون حزب الحكم في نحو عشريتين قادمتين إذا ما عرفت قياداته السياسية حسن توظيف التطورات السياسية وطينا وإقليميا ودوليا…

وكل هذه الأحزاب هي “أحزاب تعتبر ضعيفة واقعيا وعاجزة عن الاستقطاب، خاصة في الجهات الداخلية، كما تفتقر فعليا إلى برامج سياسية حقيقية تنبئ عن فهم للواقع السياسي والاجتماعي المتغير بالبلاد، ويعحز عقلها السياسي عن فهم المتغيرات السياسية الكبيرة التي حدثت في تونس بعد الثورة”[4].

إن أزمة الأحزاب الليبرالية في تونس (وربما الفكرة الليبرالية ذاتها) تعود في جانب منها إلى الأزمة التي تعرفها المنظومة الحزبية، باعتبار أن “الأحزاب التونسية بعد الثورة لم تصل بعد إلى درجة النضج وفهم معنى الحزب السياسي في بنيته العميقة، باعتباره مدرسة للتربية السياسية للمواطن، ينخرط فيها ليتدرب على مساهمته في الشأن العام، وعلى ممارسة حقوقه السياسية الأساسية، ولكن تحقيق هذه المهمة في صورتها المثلى ليس بالأمر اليسير في ظل حالة الاضطراب التنظيمي الذي تشهده غالبية الأحزاب السياسية وحالات الانشقاق التي تعرفها”[5]، أضف إلى ذلك السياحة السياسية التي زادت من قتامة المشهد الحزبي القائم على منطق المؤسس والزعيم الأوحد، وليس على أنه تنظيم ذو بنية واضحة وأهداف سامية …

  • ومن الأحزاب الليبرالية أيضا نداء تونس الذي يعتبر في التصنيف ضمن أقصى اليمين الليبرالي رغم أن مكوناته متعددة، فهي دستورية ونقابية وتجمعية ويسارية (عناصر من الحزب الشيوعي والوطد). كما تتحدث أوساط عديدة عن نية مهدي جمعة تكوين حزب ليبرالي جديد يضمّ شخصيات وكفاءات وطنية بعضها كان له منصب وزير في حكومة التكنوقراط.

الهوامش:

 [1] من مقال للكاتب تحت عنوان “النُخب الليبرالية في تونس” ( صحيفة الإعلان 23 جانفي 2014 ص 7).

[2] حمدي (سمير)، “هل لدينا أحزاب ليبرالية في تونس”، (صحيفة الزيتونة التونسية العدد 14 بتاريخ  21 سبتمبر 2013، ص 6)

[3]  المصدر السابق.

[4]  المصدر السابق.

[5] مقال الكاتب في صحيفة الإعلان “النُخب الليبرالية في تونس” (الإعلان التونسية  23 جانفي 2014 ص 7).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق